شاءت الصدف أن تصدر في وقت متزامن تقريبا مجموعة من الدراسات تتمحور في أساسها حول المغرب في عهد السعديين، وتحديدا حول السلطان أحمد المنصور الذهبي الذي حكم المغرب ما بين سنتي 1578 و1603. وهذه الدراسات هي بقلم مؤرخين مغاربة وأوربيين. ويتعلق الأمر من جهة بباحثين مغربيين شابين هما محمد نبيل ملين الذي أنجز دراسة تحت عنوان الخلافة التخيلية لأحمد المنصور: نظام الحكم والدبلوماسية بمغرب القرن السادس عشر، الصادرة سنة 2009 عن المنشورات الجامعية الفرنسية، ومحمد جادور صاحب كتاب مؤسسة المخزن في تاريخ المغرب الذي نشرته مؤسسة آل سعود سنة 2011. ومن جهة أخرى كتب المؤرخ الفرنسي بيرنار روزينبيرجي مؤلفا حول المغرب في القرن السادس عشر: على عتبة الحداثةأصدرته مؤسسة الثقافات الثلاث سنة 2008، كما أصدرت المؤرخة الإسبانية مرسيديس غارسيا أرينال ضمن سلسلة “صناع العالم الإسلامي” بأكسفورد دراسة تحت عنوان أحمد المنصور: بدايات المغرب الحديث سنة 2009.
ولذلك بادرت مجلة رباط الكتب إلى تنظيم مائدة مستديرة في موضوع “المغرب في بداية العصر الحديث”، احتضنتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط يوم الجمعة 4 ماي 2012. وهي جلسة قراءات شارك فيها مجموعة من الأساتذة.
وتكمن أهمية هذا اللقاء/الملف في كونه أثار مجموعة من القضايا، أهمها:
أولا: تقاطعات على مستوى النظرة إلى تاريخ المغرب، من الداخل، من داخل الجامعة المغربية، ومن الخارج، من جامعات أوربية.
ثانيا: مقارنات أفقية بين تجربتي الحكم في المغرب، خاصة بين عهدي السلطانين أحمد المنصور والمولى إسماعيل، وعمودية بين المجالين العربي الإسلامي والأوربي المسيحي.
ثالثا: مفهوم العصر الحديث بالقياس إلى عصر أحمد المنصور، الذي برز كإشكالية أساسية خلال النقاش انطلاقا من التصورات الواردة في كتابي روزينبيرجي وأرينال.
هذه الإشكاليات وغيرها تظهر في القراءات الأربع التي يقدمها الملف، وهي قراءة محمد جادور في كتاب محمد نبيل ملين، وقراءة لطفي بوشنتوف في كتاب بيرنار روزينبيرجي، وقراءة محمد حبيدة في كتاب غارسيا أرينال، وقراءة عبد الحي الخيلي في كتاب محمد جادور.