الإثنين , 20 يناير, 2025
إخبــارات
الرئيسية » نـدوات وملفـات » فوضى الذاكرة

فوضى الذاكرة

 عبد السلام الجبلي، يوميات العمل الوطني والمسلح في المغرب، حوار وإعداد عبد الله العلوي، 294 ص.

وَسَمْت هذه الورقة بفوضى الذاكرة، لأن الذكريات غالبا ما تكون نموذجا مشوها عن تجاربنا الحياتية الفعلية. فالذاكرة لا تعمل كمسجل شرائط الفيديو، فهي أشبه بإحدى صفحات المواقع الإلكترونية، حيث بالإمكان الولوج إلى قاعدة البيانات وتحريرها وتعديلها. ولعل المثير في الأمر، هو صعوبة الفصل بعدئذ بين الذكرى الحقيقية والذكرى الخاطئة، لاعتقاد الشخص نفسه في صحة الثانية بعدما قام بتعديل الأولى. وبما أن كتابة الذاكرة صارت رافدًا من روافد الكتابة التاريخية حول الماضي القريب رغم الفرق الشاسع بينهما،[1] فمن المشروع التساؤل إن كانت الذكريات التي استحضرها الفاعلون السياسيون وقادة الحركة الوطنية والمقاومون في كتاباتهم المنشورة في السنوات الأخيرة، حقيقية أم أنها ملوثة بذكريات كاذبة؟ سنعمل على تقديم جواب لهذا السؤال من خلال اشتغالنا على الكتاب الأخير الصادر للمقاوم عبد السلام الجبلي، والموسوم بـ “يوميات العمل الوطني والمسلح في المغرب.”

لكن قبل ذلك يتوجب فهم كيفية اشتغال الذاكرة. تبدأ العملية بتجاربنا الحسية، كالأشياء التي نراها ونسمعها أو نشعر بها، ثم تتجمع هذه المعلومات بالتدريج في منطقة الحُصَين (Hippocampus) على مستوى الفَصِّ الصُّدغِي للدماغ والذي يشبه حاوية التخزين لإدراكنا. يُعالج الحُصين بعدها المعلومات الواردة من العالم الخارجي، ثم يعيد توزيعها على مراكز الذاكرة المُنتشرة في كافة أقسام الدماغ. تُختزن الذكريات في حُزم صغيرة من الخلايا العصبية المترابطة فيما بينها. وفي اللحظة التي يتم فيها تذكر شيء ما، يُوقظ الحُصين الخلايا العصبية في ذاكرتنا، ويُوجه الذكريات إلى وعينا. وهي عملية معقدة وهشة، فقد تقوم بخداعنا عن طريق توليد ذكريات كاذبة، والسبب في ذلك هو أن التذكر والتخيل متشابهان، فالمناطق المسؤولة عنهما داخل الدماغ متطابقة، بما في ذلك منطقة الحُصين، لذا رُبما يُفَسِّرُ هذا التداخل بين الأنشطة الدماغية للتذكر والتخيل بعض أنواع الذكريات الكاذبة.

من جهة أخرى، يُجري الإنسان تغييرات على ذاكرته عند استخدامه إياها، فالتذكر يُعَدِّلُ الذاكرة ويعمل على تضخيمها، وهو ما يطلق عليه مُتلازمة فيشرمان (The Fisherman Syndrome)[2]. فعلى سبيل المثال، “إذا اصطاد صياد سمكة بطول عشرة سنتيمرات، فهو سيتذكر الأمر على الشكل التالي: ‘اصطدت سمكة بطول عشر سنتيمرات’. وفي اليوم التالي عندما سيسأله شخص ما عن صيده، سينحو إلى المبالغة مُجيبا أنه اصطاد سمكة بطول 20 سنتيمترًا. المشكلة أنه سيتذكر المعلومة الأساسية مضافا إليها التضخيم، لذا سيحتفظ بالسمكة البالغ طولها 20 سنتيمترا في ذاكرته الطويلة الأمد. وبعد أسبوع عندما سيسأله شخص آخر: ماذا اصطدت في الأسبوع المُنصرم؟ سيبالغ قليلا ويقول: اصطدت سمكة طولها 30 سنتيمترا، وسيحتفظ بهذه المعلومة مجددا في ذاكرته الطويلة الأمد”. الشيء المهم أنه يوجد تحديث تدريجي للذاكرة، فكلما أعيد تفعيل الذاكرة تضاف إليها عناصر جديدة. لذا يمكن أن تكون الذاكرة المبدئية والذاكرة النهائية متباينتين.

فكلما تذكرنا حالة ما من المُرجح أن تتسلل تفاصيل وتعديلات جديدة إلى الذاكرة: فعند ولوج المعلومات إلى الدماغ، تتجمع لتكون ذِكرَى. وعند استحضار هذه الأخيرة، فإنها تطفو إلى السطح وتصبح غير مستقرة، فتمتزج هذه الذاكرة غير المستقرة بالمعلومات الجديدة القادمة من البيئة. وليُعاد تثبيتها، يجب أن تخضع لآلية إعادة التأسيس، وخلال هذه النافذة الزمنية الفاصلة بين “زمن وقوع الحدث وتخزينه وتحوله إلى إدراك وانطباع، وزمن التذكر والاستعادة الذي يتم على الدوام في الحاضر ويتأثر بمعطياته”[3]، يمكن للذاكرة أن تتغير، وهي ظاهرة لا واعية تماما، فكيف لنا أن نثق في شهادة مستقاة من مصدرها الأول حتى لو كان شخصا صادقا؟

هل كان عبد السلام الجبلي صادقا في كل ذكرى استحضرها وهو يتبادل أطراف الحديث مع مُحاوِرِه عبد الله العلوي؟ ألم تؤثر كل الأخبار التي تلقاها الجبلي منذ الاستقلال عبر وسائل الاتصال السمعية والبصرية (مثل المذياع والتلفاز والجرائد)، ومحيطه الاجتماعي، والمقاومين الذي جالسهم واستمع إليهم وهم يروُون تجاربهم، والمذكرات التي تمكن من الاطلاع عليها بعد نشرها، ألم تؤثر كل هذه العناصر في مخزون ذكرياته؟ ألم تتأثر ذاكرته الفردية بالذاكرة الجماعية؟ نستبعد عدم حصول ذلك، بناء على القوانين المنظمة لعمل الدماغ والذاكرة، والتي سلفت الإشارة إليها.

وكمثال على ما ذكرنا، نشير إلى حدث مركزي لدى الجبلي، كان له دور كبير في تشكل وعيه الوطني، هو اجتماع عقده مجموعة من الوطنيين المغاربة من بينهم عبد الله إبراهيم في منزل والده بحي قاعة ابن الناهض في مدينة مراكش يوم 18 شتنبر 1937م. يقول الجبلي عن هذا الاجتماع: “كان أحد أهم هذه الاجتماعات التي شهدتها حافلا، إذ حضره مئات الأشخاص وأخذ الكلمة عبد الله إبراهيم مطالبا بالاستقلال معززا كلامه بآيات قرآنية، وكان أغلب الحضور من الصناع التقليديين / الطبقة العاملة بمراكش” (ص.26). وفي صفحة أخرى، نجد الجبلي يؤكد أن عمره كان 8 أو 9 سنوات في تلك المرحلة، فهو يقول: “ورغم أن الأمور كانت بالنسبة لي مشوشة وغير واضحة تماما لكوني طفلا فإنني كنت أحس أن الأمر مهم وخطير وأن لهذه الاجتماعات أهمية” (ص.35). فكيف تمكن الجبلي إذن من التعرف على عبد الله إبراهيم وتذكر تاريخ الاجتماع بتلك الدقة؟ وكيف تمكن من تحديد هوية الحاضرين للاجتماع؟ وهل كان واعيا بمعنى لفظ “الاستقلال” الذي ذكر تلفظ عبد الله إبراهيم به في الاجتماع؟ ألم يكن صغيرا جدا على إدراك كل هذه التفاصيل؟

يقدم لنا الجبلي الإجابة على هذا السؤال في الكتاب نفسه. فبعد استحضاره لذكرى هذا الاجتماع، يقول: “وقد أشارت تقارير الاستخبارات الفرنسية، بعد رفع السرية عنها، إلى هذا الاجتماع الذي تم في منزلنا في حي قاعة بناهيض درب سيدي أحمد بناصر […] وبالرجوع إلى التقرير الاستخباراتي رقم C 1148 لسنة 1937 بتوقيع العميد روكس، نجد ما يلي: “يذكر أن اجتماعا تم تنظيمه من طرف الوطنيين أمس من الساعة الثامنة وثلاثين دقيقة إلى الحادية عشرة ليلا بمنزل الجبلي، قاعة بناهيض، درب بناصر الذي يسكنه مولاي العربي. وقد حضر هذا الاجتماع تلاميذ المدارس والصناع التقليديون الذين بلغ عددهم حوالي 500 فرد […] وبعدها أخذ الكلمة مولاي عبد الله إبراهيم ليحثهم على متابعة منهجهم في تقديم الشكايات جماعة، كما تلا عدة آيات من القرآن تتعلق باستقلال المسلمين” (ص. 26 و29).

لعل أول شيء تجدر الإشارة إليه في هذا المقتطف الأخير، أن التقرير لم يطلع عليه الجبلي إلا بعد رفع السرية عنه، أي بعد حصول المغرب على الاستقلال. أما الملاحظة الثانية فهي تطابق مضامين التقرير مع ذكرى الجبلي: “تاريخ الاجتماع، مئات الأشخاص الحاضرين، عبد الله إبراهيم، آيات قرآنية، لفظ الاستقلال”. وبالتالي لم يعد هناك من شك في أن الجبلي قد تسللت معطيات جديدة كانت مجهولة نسبيا لديه عن الاجتماع المذكور إلى ذاكرته التي طفت إلى سطح الدماغ عند استحضارها، فقام بتعديلها وإعادة تثبيتها من جديد بشكل لا واع، مشكلا بذلك ذكرى جديدة غير حقيقية لأنه لم يكن قادرا على تذكرها لوحده دون عنصر مُساعد خارجي. فهل نحن بالفعل هنا أمام ذكريات؟ وهل يصح وصف كتابه بالمذكرة أو اليوميات كما سَمَّاها بنفسه؟

إضافة إلى ما سبق، يجب التأكيد بناء على نتائج الدراسات النفسية والعصبية، أن القوالب النمطية والتحيز والافتراضات والأحكام المسبقة تنزلق باستمرار إلى ذكرياتنا، زيادة على استخدام عمليات الانتقاء: فعلى سبيل المثال، عندما يحمل مُشتبه فيه مسدسا أو سلاحا أبيضا، ويصوب في اتجاه الضحية، ينصب تركيز الشاهد على السلاح، فلا يلاحظ أي معطيات أخرى، حتى مظهر المشتبه فيه باستثناء السلاح. فذاكرتنا لا تملك الوقت الكافي لتسجيل كل شيء، وهي تُملأ بالمعلومات بشكل أساسي من المشهد. وتعَوِّضُ ذاكرة الشاهد المُعطيات المفقودة بالمعطيات التي تبدو منطقية لها، استنادا إلى تحيزاتها الخاصة، وبالتالي فالشهادة غير موضوعية على الدوام، لأن ذاكرتنا تقوم على التمثل الانتقائي لأحداث الماضي، بشكل إرادي أو لا إرادي[4].

وكمثال على ذلك، نشير إلى الاجتماع السابق، والذي لم يحتفظ فيه الجبلي إلا بذكرى عبد الله إبراهيم دون غيره من الوطنيين الذين كانوا حاضرين لهذا الاجتماع دون شك. كما أنه ظل متعلقا عاطفيا وسياسيا في تذكره لوقائع مرحلة الحماية بعبد الله إبراهيم، وذلك بحكم الصلات القوية التي وُجدت بينهما، فهو يقول: “وفي بعض الأحيان أخرج من المنزل مقتفيا قادة الحركة وعلى رأسهم عبد الله إبراهيم” (ص.35)، وقوله “وسيكون لمحاضرات عبد الله إبراهيم بعد عودته في 1949 من فرنسا الدور الأهم في الانتقال من العمل السياسي إلى المقاومة والكفاح المسلح” (ص.36)، زيادة على تأكيده أن “محاضرات الأستاذ عبد الله إبراهيم وهو الرجل الألمعي مستفيضة فضلا عن جوابه عن كل الأسئلة بترَوٍ وبشرح مستفيض خلال الاجتماعات التي حضرتها مع باقي الإخوة” (ص.42)، وهي المحاضرات التي سيتأثر بها كثيرًا حسب منطوق يومياته (ص.61). وبالتالي نجد عبد الله إبراهيم قد تحول إلى ذلك المسدس الذي استأثر بانتباه الشاهد عبد السلام الجبلي دون بقية العناصر الأخرى المكونة للمشهد السياسي، والتي رغم استحضاره لبعضها في كتابه، إلا أنها ظلت خافتة كالشبح. فتحيزات الجبلي واضحة في تسجيله لذكرياته التي تأثرت كثيرا بميوله إلى عبد الله إبراهيم.

من جهة أخرى نشير إلى تسرب مجموعة من الأحكام المسبقة عن نظام الحماية الفرنسية إلى ذكريات الجبلي، فهو يقول: “لم تعرف المرحلة الاستعمارية، تطورا شاملا في المجال الطبي، فقد اتخذ مسارا بطيئا جدا” (ص.17) ، وقوله: “جلبت معاهدة الحماية العار والبؤس للمغاربة، إذ أن الاستعمار قسم المغرب إلى نافع وغير نافع، ونشر الدعارة وقننها” (ص.21). وذلك مقابل صمته وحذره الشديد عند حديثه عن الباشا التهامي الكلاوي المزواري رغم أمره بجلده ثلاث مرات. فهو لم ينعته في كتابه بأي وصف قدحي على شاكلة مؤسسات الحماية الفرنسية.

كما لاحظنا من خلال قراءتنا للكتاب، تحيز عبد السلام الجبلي في ذكرياته لمدينة مراكش، وبالتحديد لحَيِّه ومنزله الذي نشأ فيه دون سائر الأحياء (يؤكد المؤلف الطابع الأندلسي للحي الذي نشأ فيه، واستقرار ابن البناء العددي في منزل أسرته زمن حكم بني مرين). فهو يقدم مراكش كمهد للوعي والعمل الوطنيين، ويعتبر أحداث شتنبر 1937م في مراكش (إخراج الجياع والفقراء لاستقبال بول رامادي والجنرال نوگيس) “أول الأحداث النضالية التي شكلت منعرجا تاريخيا لمقاومة الاستعمار، وبداية تأسيس مسلسل النضال الوطني” (ص.22). أما الاجتماع التنظيمي لهذه المُظاهرة فقد جرى في منزل الجبلي لا غيره (ص.21). ويعود عبد السلام الجبلي في إحدى الصفحات إلى القول إن “الحركة الوطنية في مواجهة الاستعمار، ابتدأت منذ 24 شتنبر 1937، حيث اشتعلت شرارتها بمراكش” (ص.53)، مع عدم قبوله بأي تاريخ آخر كما يُفهم من قوله: “الحركة الوطنية التي يمكن إرجاع بدايتها إلى أحداث 24 شتنبر 1937 بمراكش، أو حركة اللطيف في 16 ماي 1930 عند البعض” (ص.55). تحمل هذه الذكريات مجموعة من المواقف السياسية التي كوَّنها عبد السلام الجبلي زمن الحماية وبعد الاستقلال، والتي انعكست بشكل واضح على ذكرياته التي شرع في استرجاعها عند حوار عبد الله العلوي له.

ولنختم بهذه الحادثة الطريفة التي وقعت للجبلي في الرباط: فهو يذكر أنه استدعي للرباط للحسم في النزاع حول الشخص الأجدر برئاسة جمعية أبناء الشهداء، فيقول: “وذهبت إلى الديوان الملكي حيث استقبلني مدير الديوان المرحوم مسعود الشيكر. وكنت أدخن سيجارة، حين سمعت ضجة في الباب فإذا بالأمير مولاي الحسن يدخل حاملا سيجارة، وبعد السلام استفسرني عن الموضوع” (ص.97). يتضح لنا من خلال هذا النموذج أن ذاكرة الجبلي لم تتمكن خلال هذا اللقاء من تسجيل تفاصيل كثيرة، لكنها احتفظت بشكل مثير للانتباه بحمله والأمير مولاي الحسن لسيجارة، دون إبراز المغزى من تذكر هذا النوع من التفاصيل.

تجدر الإشارة في النهاية إلى بعض الملاحظات الشكلية حول الكتاب الذي تولى عبد الله العلوي تحريره بناء على لقاءاته بعبد السلام الجبلي. فقد تسللت بعض الأخطاء اللغوية المطبعية وغيرها إلى متن الكتاب، كتسمية تازناخت في سبع مواضع بـ “تازناقت” (ص.54، 60، 62…)، وتحريف جُل أسماء المقيمين العامين في المغرب باللغة العربية: مثل: ثيودور سينغ (Théodore Steeg)، هنري بوسو (Henri Ponsot)، بيبربواي دولانور (Pierre Boyer de Latour)، إلخ…) (ص.117-116)، زيادة على وضع مجموعة من الهوامش للكتاب، تضمنت تواريخ الأحداث السياسية الكبرى في المغرب، والتي لا تتصل في جلها بمضامين الكتاب، مثل تاريخ تشييد مراكش من طرف أبي بكر بن عمر اللمتوني، واحتلال الجيش الفرنسي لمدينة وجدة سنة 1907م، وتنازل مولاي عبد الحفيظ عن العرش سنة 1912، وانعقاد مؤتمر أنفا سنة 1943، وصولا إلى محاولة الانقلاب الفاشلة سنة 1971.

وبالتالي، وجب أخذ الحيطة والحذر عند كل استغلال لمذكرات أو يوميات فاعل سياسي، لاشتمالها على ذكريات ملوثة وأحكام مسبقة، وانحيازها لبعض الأفراد دون البعض الآخر تبعا للميول السياسية والفكرية لصاحب المذكرات.


[1] السبتي عبد الأحد، التاريخ والذاكرة. أوراش في تاريخ المغرب (الدار البيضاء – بيروت، المركز الثقافي العربي، 2012)، 183، 213.

[2] James L. Nash MD, “The Fisherman Syndrome. On the Psychoanalytic Meaning of Hyperbole,” The Psychotherapy Patient, vol. 4, Issue 3-4 (1988), 281-294.

[3] الطاهري عبد العزيز، الذاكرة والتاريخ. المغرب خلال الفترة الاستعمارية (1956-1912) (الرباط: دار أبي رقراق للطباعة والنشر، 2016)، 29.

[4] الطاهري، الذاكرة والتاريخ، 28.

- سمير أيت أومغار

باحث من مراكش

أضف ردا

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.