Edmund Burke III, Modernity and the Mediterranean: A Deep Histoty, Publication de la Faculté des Lettres et des Sciences Humaines de Rabat, Série: Conférences du Centre des Études Doctorales, N°5, 2011.
- الحداثات في العالم المتوسطي: اكتشاف طريق للتقدم[i]
هل العوامل الحضارية الداخلية هي التي تحرك المجتمعات؟ فتحوز المجتمعات الفاضلة التقدم لنفسها، وتنال المجتمعات المتبقية الفقر؟ هل قدر العالم المتوسطي المعاصر أن يُفهم في أحسن الحالات كتنافس بين أوروبا القديمة، وأمريكا الجديدة، والإسلام السياسي؟ في الوقت الذي يبدو النموذج الحضاري كإيديولوجيا عظيمة فإنه يقدم تاريخا فقيرا. أقترح، في هذه المحاضرة، أن نضع العالم المتوسطي في سياقاته الإيكو-تاريخية الشاملة على المدى الطويل حتى نفهم جيدا الحيرة التي واجهها بسبب تحدي الحداثة. وبكل صراحة فإن السردية النمطية تبدو مغرية، حيث يتم الربط غالبا بين الحروب الصليبية، وحروب الاسترداد، والحروب العثمانية-الهابسبورغية في القرن السادس عشر وتجربة الاستعمار[ii]. ولكن كما سأقترح، تشوه أطروحة صراع الحضارات بشكل قوي طريقة فهمنا لهذا التاريخ، كما أنها تتحول إلى نبوءة تتحقق بشكل تلقائي[iii]. إن الرهانات الفكرية والسياسية عالية جدا بشكل لا يسمح بالانهماك في تاريخ وسياسة رذيئين. لقد حان الوقت لتبني مقاربة جديدة.
ماذا لو بدأنا عوضا عن ذلك بالنظر إلى العالم المتوسطي في منظور إيكو-تاريخي شامل. أقول إيكو-تاريخي لأن المعطيات الإيكولوجية للعالم المتوسطي هي التي شكلت بعمق وحدته في إطار التنوع، إن لم نقل شكلت مصيره. وهذا هو المغزى الرئيسي من عمل فرناند بروديل الضخم المتوسط والعالم المتوسطي في عهد فيليب الثاني[iv]. لماذا المتوسط؟ شكل المتوسط فضاء راسخا للبحث منذ زمن طويل في الدراسات الكلاسيكية، وبدرجة أقل في الأنثروبولوجيا. ولكن رغم عمل بروديل الضخم المكون من جزءين المتوسط والعالم المتوسطي في عهد فيليب الثاني، لا تزال، ويا للمفاجأة، قلة من الأعمال الأكاديمية هي التي تتناول العالم المتوسطي كمنطقة للتفاعل التاريخي، أو كمختبر لدراسة كيف انبثق هذا الشيء “الحداثي” داخل منطقة البحر الأبيض المتوسط. وفي الوقت الذي يعتبر المتوسط ملتقى الحضارات الأوروبية والمسلمة والإفريقية، لا يزال معظم الدارسين يؤكدون على الحدود بين الحضارات عوض دراسة تواريخ التفاعل بينها. أين هو المتوسط؟ إننا نتصور المتوسط بكيفيات مختلفة أكثر مما ننظر إليه كمجال محدود. ويدعونا فرناند بروديل في تعبير مجازي بديع إلى تخيل المتوسط كمجال جغرافي منفتح على الصحراء الكبرى والمناطق الداخلية في غرب إفريقيا. إن المتوسط منطقة شاسعة جدا بما يكفي للتخلص من النزعة الإقليمية في السرديات المركزية، وفي الوقت نفسه منطقة محدودة المدى والاتساع بما يكفي لعقد مقارنات معقولة.
إن هذه المداخلة محاولة للتفكير من جديد في مكانة التواريخ الجهوية في التاريخ العالمي بتوظيف المتوسط كنموذج للدراسة. وفي الخاتمة سأتكلم مطولا عن التبعات المنهجية لتبني منظور التاريخ العالمي في دراسة التواريخ الجهوية. وعلى عكس النموذجين البريطاني والفرنسي للحداثة يبدو المتوسط كمجال للاختلاف. فباستخدام منظور التاريخ المقارن، يبدو أن مؤسسات وخطابات الحداثة الفرنسية هي التي شكلت المتوسط سياسيا، لكنه على المستوى الاقتصادي اتبع طرقا متنافرة ومتكاملة نحو التصنيع. كما يمكننا التاريخ المقارن للحداثات في المتوسط بوضع تجربة الاستعمار في المتوسط داخل قصة أوسع لهيمنة أوروبا الشمالية الغربية على المنطقة ككل. وفي هذا السياق يمكن أن نتساءل: إلى أي حد كان مهما أن نميز بين دول كانت مستعمِرة وأخرى كانت مستعمَرة.
وفي ورقتي هذه أتبع أربع استراتيجيات متقاربة. تقوم الاستراتيجية الأولى على النظر للمنطقة من منظور إيكو-تاريخي عميق من أجل استيعاب أفضل للمزايا الاقتصادية وتلك المرتبطة بالموقع في ظل بيئة متحولة للمبادلات العالمية. وتتوخى الثانية فحص الخصائص البنيوية للمنطقة قبيل الحداثة، كأفضل طريقة لتفسير نقط التشابه والاختلاف الواسعة داخل وخارج المنطقة. وتهدف الثالثة إلى فحص كيف غير المشروع الليبرالي في أشكاله الخطابية والمؤسساتية اللعبة بالنسبة للجميع. فإذا كانت الجوانب السياسية والاقتصادية للمشروع الليبرالي قد راقت لبعض النخب، فإنها أثارت معارضة نخب أخرى. لقد أثرت ثورة المواصلات (بداية انحسار الأمية وانطلاق الرأسمالية المطبعية والرحلات الرخيصة على متن السفن البخارية) في القرن التاسع عشر بشكل واسع على اللعبة. وأخيرا، ألقي نظرة على الوسائل المتبعة التي غيّر بها الصراع الطويل حول المشروع الليبرالي السياق في المنطقة بكاملها. وكنتيجة لحركة صفائح الخطاب، صارت المجتمعات المتوسطية، بحلول سنة 1914، يشبه بعضها بعضا بشكل متزايد في طبيعة صراعاتها الاجتماعية وكذلك في شكل دولها واقتصاداتها.
- الحداثات المتوسطية: مقاربة تاريخية عميقة
لا يزال حتى الآن، ورغم الوحدة البنيوية العميقة للمتوسط، واقعان مهمان (مع تبعاتهما المرتبطة بالسرديات التاريخية) يتدخلان لتشويه كل مجهود لتصور تاريخ المتوسط الحديث كوحدة متكاملة. الإسلام أولا، ثم الاستعمار ثانيا. لا يزال الإسلام والماضي الاستعماري فعلا يشكلان تصوراتنا للتواريخ الحديثة لمنطقة شرق وجنوب المتوسط (البلقان، وتركيا، والبلاد العربية المتوسطية)، بوضعها بين قوسين، وفصلها عن تاريخ شمال وغرب المتوسط. أما اليوم، فإن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وحلف الناتو يمارسون هيمنة على المنطقة وخارجها وصولا إلى أفغانستان. كما أننا نفشل، بسبب انشغالاتنا اليومية الحالية بخصوص الإسلام السياسي وما تمارسه علينا من تضليل، في الاعتراف كيف اختلفت مؤخرا تواريخ المجتمعات المتوسطية، وصرنا نعزو للعوامل الثقافية ما هو في الواقع نتيجة للعوامل الاقتصادية والسياسية وتحولات وسائل التواصل في الأربعين سنة الماضية. أريد في هذا المقطع أن أفحص النطاقات الواسعة لولوج منطقة المتوسط إلى الحداثة، وردود الفعل المتبعة التي ظهرت.
ولنبدأ بمنظور تاريخي عميق للمنطقة. في العصور القديمة، جعلت خصوبة التربة من منطقة المتوسط ومنطقة الهلال الخصيب مهد الحضارات وقوة سياسية وديموغرافية عظيمة. ويمكن أن ندرك بعض الأوجه الرئيسية لهذا التحول عبر أربع نقط رئيسية. أولا، حدث تراجع ديموغرافي في منطقة المتوسط مقارنة مع باقي أوراسيا. فقبل سنة 1450، وفرت المعطيات الإيكولوجية للمتوسط (موقعه، وطبوغرافيته، وموارده) السياق الأساسي الذي عاشت في ظله النخب والمجتمعات المتوسطية واتخذت قراراتها. لكن المتوسط بدأ بحلول سنة 1500 يفقد الدافع للتقدم على الأقل مقارنة بالصين والهند وأروبا الغربية. وكعلامة على ذلك نستدل بالانحطاط المادي للإنتاج الزراعي داخل منطقة البحر الأبيض المتوسط وما نتج عنه من تراجع في عدد سكان المنطقة. ففي حين كان سكان المتوسط ضعف عدد سكان الصين سنة 500 ق.م (42 مليون نسمة مقابل 19 مليون نسمة) صارت للصين والهند ساكنة أكبر وأكثر دينامية من ساكنة المتوسط (84 مليون نسمة و95 مليون نسمة على التوالي، مقابل 65 مليون نسمة في منطقة المتوسط)[v] بحلول سنة 1500. ويشكل الإنتاج الزراعي غير المنتظم والتراجع الديموغرافي علامتين على تحول شامل وجديد. ثم إن الانحطاط الزراعي والديموغرافي بعيد المدى للمنطقة كان أكثر تدرجا وحدث في وقت أبكر مما نعتقد أحيانا.
ثانيا، انقلبت مكانة المتوسط في طوبولوجيا المبادلات التجارية العالمية رأسا على عقب، بعد أن كان دوره مركزيا، بسبب ما يسمى بالرحلات الاستكشافية في القرن السادس عشر. فطيلة ألف عام استفاد المتوسط من موقعه عند نقطة التقاء الطرق التجارية الرابطة بين أوراسيا الداخلية، وجنوب ثم جنوب شرق آسيا، بالإضافة إلى أروبا الغربية. لكن بحلول سنة 1500 كان المحيط الهندي قد صار منطقة أوسع وأهم من المتوسط. ثم إن ثورة المواصلات في أروبا والصعود المتتالي للاقتصاد الرأسمالي العالمي المتمركز حول المحيط الأطلنتي في القرن السادس عشر قد غيرا مكانة المتوسط في ظل النظام الصاعد للمبادلات العالمية. وبما أن مركز الاقتصاد العالمي قد تحول إلى المحيط الأطلنتي، فإن خسائر المتوسط لحصته من التجارة مع آسيا كانت تتزايد باستمرار. كما أنه بحلول سنة 1550 كانت السفن الشراعية لدول شمال الأطلسي قد دخلت إلى البحر الأبيض المتوسط متحدية الأسطول البحري لقوتين هيمنتا على التجارة في المنطقة لزمن طويل، جنوة والبندقية. لقد صار المتوسط يقوم بدور اقتصادي أقل أهمية بسبب انتقال اثنين من أهم زراعاته الصناعية (السكر والقطن) إلى الأمريكيتين، ولأن الفضة الأمريكية أغرقت نظامه النقدي.
ثالثا، أثر تغير مناخي أساسي بقوة على المنطقة، العصر الجليدي الصغير (1300-1850). فحسب فاروق طبق، انتقل سكان السواحل، بسبب الأمطار العاصفية التي دمرت أشغال السقي وغمرت المناطق الساحلية، إلى التلال الداخلية مسرّعين بذلك الانحطاط الزراعي والديموغرافي[vi]. ونادرا ما ينسب كثير من التراجع الاقتصادي في المتوسط إلى هذا العامل المناخي، العصر الجليدي الصغير. فعند بداية هذه المرحلة، تزامن قصر مدة فصول الإنبات والتساقطات المطرية المتزايدة مع الانهيار الديمغرافي الذي تسبب فيه الطاعون الأسود. ورغم أنه كان هناك تعاف تدريجي في شمال المتوسط، فإنه حدث على خلفية انتقال الزراعة إلى التلال ومنطقة الألب المتوسطية وبعيدا عن السهول الساحلية. ولم تستعد الزراعة في المنطقة عافيتها إلا عند نهاية هذه المرحلة (1700-1750)، ولم يحدث هذا إلى في أجزاء قليلة من المنطقة.
وأخيرا هناك عامل رابع: الخصاص الطاقي في منطقة المتوسط ككل. فزيادة على النقص الحاد في مادة الخشب بداية العصور الحديثة، كانت المنطقة تفتقر بشكل مهول إلى مادة الفحم[vii]. وبعد سنة 1500 واجهت المنطقة ككل نقصا في مواد البناء وأزمة في مصادر الطاقة. وبحلول سنة 1800 ومع بداية المرحلة الأولى لثورة الوقود الأحفوري، كان الخصاص في الخشب قد بلغ درجة الأزمة في منطقة المتوسط. وعلى عكس أوروبا الشمالية، أثر غياب احتياطي مهم من الفحم على التحديث الاقتصادي للمنطقة. ومع بداية المرحلة الثانية لثورة الوقود الأحفوري (البترول والغاز الطبيعي) في القرن الموالي وقع بعض التحسن لأن القوى الامبريالية الغربية هيمنت على المنطقة، ولم يعد بترول المنطقة ملكا “لها” لتتصرف فيه كما كانت تريد.
تتجلى أهمية ما ذكر أعلاه في أننا لسنا بحاجة إلى البحث عن التفسيرات الثقافية للانحطاط الذي عرفته منطقة البحر الأبيض المتوسط بعد سنة 1500. إذ لا تستطيع كل إرادة في العالم ولا كل النوايا الرأسمالية الحسنة أن تعوض قرونا طويلة من الانحطاط الديموغرافي، وتراجع الزراعة، واجتثاث الغابة في منطقة المتوسط. كما لا تستطيع النخب المتوسطية أن تعوض تغير موقع المتوسط في طوبولوجيا المبادلات العالمية. كما أنه لا شيء يمكنه أن يعوض عن حقيقة أن الطبيعة الأم لما كانت توزع هداياها حرمت منطقة المتوسط من الفحم. ويعتبر المتوسط أحد أكبر الخاسرين الجهويين في عالم ما بعد سنة 1500 لأنه يفتقر إلى الموارد البيئية والموقع الاستراتيجي لولوج السياق الإيكو-تاريخي الجديد في عصر الوقود الأحفوري. وكنتيجة لذلك انزلق المتوسط من المركز إلى وضعية شبه هامشية في الاقتصاد العالمي. إن إعادة سرد هذا التاريخ تؤدي بالضرورة إلى إعادة تقييم دور الثقافة في تشكيل “تخلف” المتوسط، الذي سنتطرق له الآن.
- المشروع الليبرالي في منطقة المتوسط
رغم ما يظهر من اختلاف الطرق التي اتبعتها كل دولة داخل منطقة المتوسط، فإن هناك ترابطا عميقا يشكل أساس الطرق التي ولج بها المتوسط الحداثة. ويظهر المتوسط، إذا نظرنا إليه من شرق آسيا، كمجال واحد ذي تاريخ واحد تشكل بفضل إرث الامبراطوريات القديمة، والحضارة الهيلينستية (الفكر الإغريقي)، والديانات التوحيدية. كما أن إرث القانون الروماني شمل كامل المنطقة وترك آثارا تاريخية في الشرائع الدينية الإسلامية والمسيحية واليهودية. وكان ولوج المتوسط إلى الحداثة قد أعلن مبكرا عن التجربة التاريخية للعالم الثالث في وحدتها وتنوعها، لأن هذا المتوسط انحاز إلى وضعية شبه هامشية في النظام الرأسمالي العالمي، ولأنه تميز بضعف بنيات الدولة، وتأخر تشكل الطبقات، والتخلف الزراعي واستمرار الاقتصاد الرعوي.
ولأهداف تحليلية، يمكننا أن نقول إن المتوسط قد تغير منذ سنة 1750 عندما استجاب للمشروع الليبرالي (السياسي والاقتصادي) ولثورة المواصلات والنقل، اللذين أعادا إدراج المنطقة في النظام العالمي للمبادلات. فما المقصود بمشروع الإصلاح الليبرالي؟ على المستوى السياسي، تأثر المشروع بشكل واسع بالنموذج الفرنسي لبناء الدولة. كما أن الأشكال المؤسساتية والخطابية المعيارية الفرنسية للحداثة أثارت إعجاب النخب المتوسطية (كما أثارت أيضا معارضة بعض النخب). ويندرج تحت هذه الأشكال الدساتير، والبرلمانات، والقوانين النابوليونية، وكانت لفكرة سيادة الشعب جاذبية كبيرة في المنطقة، إلى جانب فكرة الدولة المدنية[viii]. وحددت الأشكال الفرنسية للحداثة كيفية تجاوز المجتمعات المتوسطية (باستثناء اليونان والبلقان) عتبة الحداثة. ثم إن المشروع الليبرالي حدد أشكال الدولة الحديثة عبر كل منطقة المتوسط. وسعى ملاك الأراضي، الذين تحسنت أحوالهم، إلى توظيف السياسات الضريبية والاقتصادية الجديدة لتطوير وتوسيع الزراعة التسويقية من أجل الأسواق المحلية والجهوية، أما المنتجون القرويون الآخرون فظلوا في وضعية دفاعية، أو بحثوا عن تحالفات مع وسطاء سياسيين محليين أقوياء. ورغم بعض الاختلافات الواضحة، فإن التواريخ الاجتماعية المتوازية لجنوب إيطاليا وفرنسا في هذه الفترة تلهم الخوض في أبحاث مقارنة واسعة[ix].
وعلى المستوى الاقتصادي، نتج المشروع الليبرالي عن تعميق إدماج المنطقة في الاقتصاد العالمي. ومرة أخرى يعتبر النموذج الفرنسي مهما، مع أن الأشكال التي اتخذها التحديث الاقتصادي تأثر بالمعطيات البيئية المتوسطية. وقد تمثلت القطاعات الرئيسية في بناء السفن، والملاحة البحرية، والصناعات الغذائية، والزيوت النباتية، وصناعة التعدين، ثم الصناعات المنجمية (ما عدا الفحم والحديد)[x]. وتطلب الأمر تبني قوانين تدعم تحرير الاقتصاد، ومنها اعتماد مقاييس وأوزان موحدة وتوقيت عالمي وتصفية بقايا النظام المحافظ القديم الذي يمنع الاقتصادات من الاشتغال بفعالية. كما كانت النخب الاقتصادية تميل إلى دعم سياسة حرية العمل في الداخل، وحرية التجارة في الأسواق العالمية، وكانت تؤمن أيضا بأسطورة السوق التي تنظم ذاتها بذاتها التي قال بها آدم سميث. وآمن الليبراليون أيضا بنشر التعليم عالميا كوسيلة لنشر الأفكار المتنورة، وبأفق علمي قائم على اللادينية، وبحرية التجارة، وبفصل الكنيسة عن الدولة، وكانت هذه أكثر القضايا إشكالا في منطقة المتوسط.
ساهمت الثورة الشاملة في وسائل المواصلات في تغيير عميق لسياق التحول في المنطقة بعد سنة 1750 ووسمت العامل الثالث في التحول. حفزت مشاريع البنيات التحتية الحديثة، كقناة السويس (1867) والتجهيزات المينائية الحديثة والسفن البخارية والسكك الحديدية والتلغراف، حركة البضائع والأفراد والأفكار داخل وخارج منطقة المتوسط بقوة. فقد ساعدت خطوط السكك الحديدية على جلب القطن المصري إلى الأسواق العالمية، إلى جانب الحرير اللبناني، والصابون وزيت الزيتون الفلسطينيين، وحبوب صقلية وإقليم الأندلس. وكنتيجة لكل هذه التحولات في وسائل المواصلات تقلص بشكل كبير وقت الملاحة البحرية بين أروبا والأسواق الآسيوية. وفي أواخر القرن التاسع عشر أعادت هذه التحولات بالتدريج منطقة المتوسط إلى موقعها الجيو-استراتيجي في الاقتصاد العالمي في نفس الوقت الذي وفرت فيه منفذا للفلاحين الكادحين ومدخلا إلى التجارة الاستعمارية. كما كان لثورة وسائل المواصلات نتائج أخرى داخل منطقة المتوسط، فقد سهلت بشكل كبير حركة الأشخاص والبضائع –السيرورة التي لم تُظهر أي علامة على أنها ستضعف في وقت قريب. وأصبح المتوسط مصدرا عظيما لليد العاملة في العالم، لأن الإيطاليين والإسبان (ثم تلاهم الأرمن والسوريون والمغاربيون لاحقا) كانوا يبحثون عن مكاسب في أروبا الشمالية وفي حوض المحيط الأطلسي.
وطيلة القرن التاسع عشر، أثر النمو المتزايد للغرب بشكل واسع في كيفيات نظر مراكز القوة في الشمال إلى مجتمعات حوض البحر الأبيض المتوسط. ومع ذلك فقد كان التأثير مختلفا في شمال وجنوب المتوسط. إذ نظرت مراكز القوة إلى الجنوب من منظور الثنائيات الاستشراقية، كأفضل طريقة لتبرير تصاعد قوة النخب الشمالية، أما البر الجنوبي للمتوسط فاختبر نفس الثنائيات بواسطة الهيمنة الاستعمارية[xi].
- الصراعات حول المشروع الليبرالي
على خلفية وجود دول ضعيفة، وظهير ساحلي قوي ، وتطور اقتصادي متفاوت، سعى دعاة المشروع الليبرالي إلى إدخال الليبرالية السياسية والاقتصادية إلى المنطقة. وردت النخب المحافظة، الكنيسة والعمال والفلاحين، على هذا التحدي بطرق معقدة لكن نموذجية. وفي الصراع الناتج عن ذلك انقسمت كل المجموعات وتشكلت الأحلاف باستمرار. وتمكننا الصراعات حول المشروع الليبرالي موازاة مع الخلافات الثقافية الجنوبية لأوروبا طيلة القرن التاسع عشر من تقديم تعريف أوسع للطريق الذي سلكته منطقة المتوسط إلى الحداثة. وحتى هذه اللحظة درست هذه الصراعات بداية في إطار التواريخ الوطنية. وأقترح أنه من الأفضل أن ينظر إليها من زاوية السياق الجهوي وأساسا السياق العالمي.
لقد اتخذت الصراعات حول المشروع الليبرالي أشكالا نموذجية داخل المنطقة[xii]. ويمكن أن نميز بين ثلاث عوامل للنزاع (إضافة إلى الصراعات حول الضريبة، والخدمة العسكرية الإجبارية، التي تشترك فيها مناطق أخرى في أروبا). شكلت قضية الأرض بلا منازع مصدرا أساسيا للنزاع في القرن التاسع عشر في منطقة المتوسط. لقد جمع هذا النزاع بين مجموعة صغيرة نسبيا من الأثرياء ملاك الأراضي الشاسعة (الاستغلاليات الفلاحية الكبيرة) وحشد من صغار الفلاحين أصحاب الأراضي ضيقة المساحة (الاستغلاليات الفلاحية الصغيرة) بل وحتى عدد كبير من العمال المياومين والعاطلين من العمال الزراعيين. وقد أثار تطور الفلاحة التسويقية (سواء برعاية الاستعمار، كما هو حال البلاد المغاربية، أو برعاية ملاكي الأراضي المحليين، كما هو الحال في الدول الأوروبية المتوسطية وشرق الأناضول ومصر وسوريا الكبرى) مقاومة مستمرة. وبينما تختلف دينامياته وآثاره حسب المكان والزمان، شكل الصراع حول مكانة الدين في المجتمع الحديث أساس الصراع بين النخب، والعمال الحضريين والفلاحين. وبرزت إلى السطح، بسبب الصراع بين العلمانيين والتقليدانيين، مفاهيم مدعومة بعمق كمفهوم الهوية وكذلك مفهوم البنية السياسية للسلطة. وبينما كانت أشكال الصراع المتخذة تتنوع عبر المنطقة من إسبانيا إلى تركيا الكمالية، كانت الخلافات الثقافية تتجذر بعمق[xiii].
وجمع الصراع الثاني في منطقة المتوسط بين النخب الشمالية وحلفائها المحليين (وهم حضريون في الغالب) وخصومهم من عناصر المجتمع القروي القديم، ومنهم النبلاء القرويون، ورجال الدين والفلاحون المتدينون. وفي الصراع التالي حول الأرض اختبرت البنيات الزراعية القديمة ضغطا عظيما. وقد اتسمت التواريخ الزراعية للمجتمعات المتوسطية باندلاع الانتفاضات الفلاحية العنيفة وانتشار اللصوصية الاجتماعية في كل مكان، وزادت حدة مع ارتفاع عدد سكان البوادي في القرن التاسع عشر. وكان الصراع بالخصوص في بعض الأماكن مثل إقليم الأندلس، ومنطقة القبايل، وصقلية، وإقليم ميزوجيورنو جنوب إيطاليا، ولبنان. وتم نزع فتيل هذه القنبلة الفلاحية بالجمع بين القمع واسع النطاق والهجرة الكثيفة داخل وخارج المنطقة. وبهذا الشكل انتشرت الأفكار والتنظيمات السياسية الفوضوية والشعبوية[xiv].
ويتعلق العامل الأساسي الثالث للصراع بمكانة المرأة في الفضاء العام وداخل الأسرة الأبوية. وتضمنت بعض الصراعات الجانبية ليس فقط مشاركة المرأة في الاقتراع العام، ومحاربة الأمية في صفوف النساء، والأسرة الأبوية، بل تضمنت حتى سيطرة النساء على أجسادهن. وقد أكد وجود العقلية الأبوية داخل التنظيمات الاجتماعية والسياسية في المجتمعات المتوسطية أن الصراع كان يجب أن يمتد زمنا طويلا وأن يخاض بحزم[xv]. ورغم تعقيده وتنوعه، فإن الصراع حول مكانة المرأة في الفضاء العام والذي جمع بين المجموعات الدينية والمحافظة والمجموعات الليبرالية يصلح لتحديد كيفية ولوج المجتمعات المتوسطية إلى الحداثة السياسية.
واختصارا: عمل المشروع الليبرالي في القرن التاسع عشر في كل مكان في منطقة المتوسط على تأليب مجموعة ضد أخرى. فقد كان أصحاب الامتيازات المرتبطين بالدول أو بالمصالح الاقتصادية الأوروبية غالبا في موقع المستفيد بشكل متفاوت، بينما وجد الحرفيون الحضريون والفلاحون القرويون أنفسهم عرضة للضغوط من كل جانب. وبعد إقامة السلطة السياسية المركزية، حازت المجموعات التي عبرت عن رغبتها في لعب دور الوسطاء مكاسب ملموسة، بينما عانى المعارضون العلنيون من أشكال متنوعة من الإقصاء السياسي والاقتصادي. وبالتالي فإن المسلسل المعقد للتحولات الجارية تقاطع مع مسلسل آخر، مما ولد تيارات غاضبة ودوامات بعيدة أزالت المصالح القديمة القائمة وشكلت مصالح أخرى جديدة. ووجد الاحتجاج الاجتماعي والمقاومة أرضية خصبة في الظروف التي خُلقت نتيجة لذلك.
- والمغرب؟ موضوع للنقاش
أين انخرط المغرب في هذا الإطار التاريخي الواسع؟ فرغم وجود محددات مهمة شكلت إلى حد ما مصيرا مختلفا للمغرب، إلا أن تاريخ البلاد في القرن التاسع عشر يشبه كثيرا تاريخ باقي بلدان منطقة المتوسط، رغم بعد المسافة. فلنلق نظرة سريعة على ثلاث لحظات المهمة في التاريخ العميق للتحديث في المتوسط، قبل أن نختم ببعض الخلاصات. (نعتذر عن طابع الاختزال في هذا العرض، نظرا لضيق الوقت).
تتمثل اللحظة الأولى في عهد السعديين (1504-1659). وكما حاجج بذلك ويستون فـ.. كوك في كتابه المهم غير المعروف كثيرا حرب المائة سنة في المغرب، السلاح الناري والثورة العسكرية في العصر الحديث المبكر الإسلامي (1994)[xvi]، فإن السعديين لاعتبارات معينة كانوا ندا لإمبراطوريات البارود في العصر الحديث، بما فيها الامبراطورية الإسبانية والامبراطورية العثمانية. وكان أكبر إنجاز للسعديين هو رسم الحدود الحديثة للمغرب بفضل إتقانهم استعمال السلاح الناري، وربما وهذا أهم بفضل ابتكارهم وسائل لتمويل إدارة الحرب. ولم تكن الثورة الضريبية والعسكرية (سيرورة تاريخية عالمية، وليس أوروبية فقط) رحيمة بالدول التي لم تكن تحسن فعل ذلك. وكان غزو تمبوكتو واحدا من مصادر المبادلات الخارجية لأنه مكن المغرب، لزمن طويل (1591-1780)، من التحكم في تجارة الذهب عبر الصحراء الكبرى. وشكل تطور زراعة السكر نواحي مراكش وتصديره المصدر الثاني للمبادلات الخارجية، مما جعل من السعديين “لاعبين” في سياسات شرق البحر الأبيض المتوسط*. ورغم ذلك، تعرض المغرب على المدى الطويل لتحولات أخرى بدأت تدمر مكانته وتضعف قدرته على استعراض قوته (أو في الواقع قدرته على مراقبة ترابه الوطني). ومن هذه التوجهات هناك تحول التجارة العالمية إلى المحيط الأطلسي إلى جانب التغيرات الإيكولوجية على المدى الطويل، وتحركات قبائل الرحل على نطاق واسع، ثم عودة القوى الجهوية إلى تأكيد سلطتها. كما لوحظ ابتداء من هذه الفترة أن التحولات الثقافية على المدى الطويل التي شجعت تطور أشكال محلية من التصوف عملت على تقوقع المغرب على نفسه ثقافيا.
وتعود حركة الإصلاح الثانية المهمة إلى عهد المولى إسماعيل بن الشريف (1672-1727). وعلى غرار السعديين نهج المولى إسماعيل استراتيجية معقدة هدفت إلى تطوير جيش مغربي كبير يستخدم الأسلحة النارية. وقد خاض هذا السلطان سلسلة من الحروب ضد العثمانيين، والإيبريين والإنجليز أدت إلى توسيع حدود البلاد، وأصبح المغرب قوة يحسب لها حساب في شمال غرب إفريقيا. كما أنجزت في عهد المولى إسماعيل مشاريع واسعة النطاق في مجال العمارة والبنيات التحتية. لكن وفاته أدت إلى أزمة خلافة مدمرة دامت ثلاثين سنة، وفتحت المجال أمام التمردات الجهوية العديدة التي أتت على كل المكتسبات التي تركها. ونتيجة لتغير مجريات الوقائع الاقتصادية وتنامي التقوقع الثقافي، ضعفت قدرة المغرب على المساهمة في التوجهات الجهوية والعالمية. كما بدأت مراحل الإصلاح السياسي في المغرب تضعف شيئا فشيئا ابتداء من هذه الحقبة فصاعدا مقارنة بكيانات سياسية متوسطية أخرى.
أما اللحظة الثالثة لسعي المغرب إلى المشاركة في االتوجهات الإصلاحية في منطقة المتوسط فانطلقت في عهد المولى الحسن الأول (1873-1894). ومرة أخرى لوحظ وجود مشروع طموح لإصلاح الإدارة والجيش وتطوير البنيات التحتية. وقد صيغت الإصلاحات هذه المرة بشكل غير دقيق على نمط التنظيمات العثمانية وإصلاحات محمد علي في مصر. لكن الإمكانيات الاقتصادية التي تدعم الإصلاحات كانت محدودة جدا. كما أن موجة العولمة التي انطلقت في ثمانينيات القرن التاسع عشر وما بعدها وضعت حاجزا بين العالم الصناعي والمغرب. وقبل ذلك كان المغرب مابين 1859 و1861 قد تضرر استقلاله الاقتصادي كثيرا عقب هزيمته أمام إسبانيا في حرب تطوان وفرض تعويضات مالية ثقيلة عليه. كما أجهزت معاهدة مدريد المفروضة على ما تبقى من الاستقلال الاقتصادي للبلاد. ورغم أن الأخبار عن النهضة العربية ومكونات الحداثة الإسلامية (وتطورات أخرى في شرق المتوسط) استمرت في التسرب إلى المغرب، فإن التقوقع الثقافي حرم الإصلاحات في المغرب من سياق ملائم يساعد على ازدهارها. ونتيجة لذلك، كان تأثير ثقافة الإصلاح ضعيفا رغم وجود نخبة تؤمن بالإصلاح. وعقب وفاة الحسن الأول سنة 1894 والانتقال الإشكالي للسلطة إلى الأمير القاصر المولى عبد العزيز، كان المغرب ضعيفا أمام الامبريالية الإسبانية والفرنسية[xvii].
كيف نفهم التجربة المغربية على ضوء الدليل العريض الذي تقدمه هذه الورقة حول وحدة الإصلاح في منطقة المتوسط؟ هذا ما نحتاج أن نفهمه جيدا. وأنا أقترح أجندة بحث على المؤرخين المغاربة. قبل 1912، ساهم المغرب، بدرجة أقل كثافة، في قوى التغيير التي صدمت المتوسط. واعتمد نوعا ما متأخرا عن دول متوسطية أخرى على بناء الدولة كما يقتضيه المشروع الليبرالي (الاعتماد هنا على النسختين المصرية والعثمانية). وحتى قبل توقيع معاهدة الحماية كان الاقتصاد المغربي قد انفتح على السوق العالمية (كما عبر عن ذلك جون-لوي مييج قبل خمسين سنة)[xviii]. ولم يكن في المغرب، قبل 1912، لا طرق معبدة ولا سكك حديدية ولا موانئ عصرية. لهذا فإنه لم يتأثر إلا بشكل هامشي بثورة وسائل المواصلات التي غيرت جذريا منطقة المتوسط. ولم يجد المشروع الليبرالي طريقه إلى المغرب إلا في سنة 1912، ولو على الشكل الحداثي جدا لنظام الحماية الذي أقامه ليوطي. كيف حدد السياق الاستعماري شكل التطور اللاحق للدولة والمجتمع المغربيين؟ وإلى أي حد نعتبر فترة الحماية بمثابة “الثورة الصناعية للمغرب”؟ وإلى أي حد غيّر السياق الاستعماري جذريا الديناميات الداخلية والبنية اللاحقة للدولة والاقتصاد المغربيين؟ هذا موضوع يستحق صراحة أن تبحث فيه الأجيال القادمة.
الهوامش
[i] هذا النص جزء من مقال:
« Elementi di modernità nel Mediterraneo nel lungo xix sigolo. » In Marta Petrusewics, Jane Schneider and Peter Schneider, eds. I Sud. Conoscere Capire, Cambiare. (Bologne: II Molino 2009), 71-88.
[ii] ومن أجل نظرة مغايرة وغير معروفة عن هذه الحقبة ومن وجهة نظر عبد مسلم، أنظر:
Natalie Davis, Trickster Travels A Sixtenth Century Muslim Between World (New York: Hill and Wang, 2006).
[iii] Samuel P. Huntington, The Clash of Civilizations: Remaking A World Order (New York: Touchstone Book, 1997).
[iv] Fernand Braudel, La Meditérranée et le monde méditérranéen à l’époque de Philippe II (Paris : PUF, 1947) and subsequent editions.
[v] اعتمدت في هذه الأرقام على الأعمال التالية:
Colin McEverdy and Richards Jones, Atlas of World Populations History (Harmondsworth: Penguin Books, 1978) and Carlo Cipolla (eds.), The Fontana History of Europe, vol. 2 The Sixteenth and Seventeenth Centuries and vol. 3 The Industrial Revolution (London: Fontana/Collins, 1973 and 1974).
[vi] Faruk Tabak, ,The waning of the Mediterranean, 1550-1870: A Geohistorical Approach (Baltimore: Johns Hopkins university press, 2008).
[vii] Edmund Burk III, << The Transformation of the Middle Eastern Environment, 1500 B. C. E.-2000 C. E.>> in E. Burke and K.Pomeranz, eds., The Environment and World Wistory, 1500-2000 (Berkeley: University of California Press, 2009).
[viii] Paul Rabinow, French Modern : Norms and Forms of the Social Environment (cambridge MA: M.I.T., 1995)
[ix] See for example Jane Schneider and Peter T. Schneide, Culture and Political Economy in Western Sicily (New York::Academic Press, 1976) and Juan Martinez-Alier, Labourers and Landowners in southern Spain (New York: Rowman and Littlefield, 1971).
[x] Olivier Raveux, Gerard Chastagnaret et Paul Aubert, Construire des mondes. Elites et espaces en méditerranée, XVIe-XXe siécle (Aix-en-Provence, Publications de l’Université de Provence, 2005).
[xi] Compare Edward Said, Orientalism (New York, 1978); Jane Schneider (ed.) Italy’s Southern Question: Orientalism in One Country (New York: Berg, 1998) and Ruth MacKay, Lazy, Improvident People: Myth And Reality in the Writing of Spanish History (Ithaca NY: Cornell, 2006).
[xii] Edmund Burke III, << Changing Patterns of Peasant Protest in the Middle East, 1750-1950,>> in John Waterbury and Farhad Kazemi (eds), Peasant Politics and Violence in the Recent History of the Middle East (Gainesville, FL: University of Florida Press, forthcoming, 1991), 24-37.
[xiii] Niyazi Berkes, The Rise of Secularism in Turkey (Montreal: McGill University Press, 1964).
[xiv] Eric J. Hobsbawm, Primitive Rebels : Studies in Archaic Forms of Social Movements in the 19th and 20th Centuries (New York: Norton, 1959) and subsequent editions.
ومنذ صدور هذا العمل الأصيل، عملت مداخلات أساسية على نقد أفكار هوبزباوم الأصيلة وإعادة التركيز عليها. أنظر بالخصوص:
Anton Blok, The Mafia of a Sicilian Village, 1860-1960 (New York : Harper, 1975).
[xv] Jane Schneider, <<of vigilence and Virgins: Honor, Shame and Access to resources in Mediterranean Societies,>> Ethnology, 10 (1971), 1-24.
[xvi] Weston F. Cook, The Hundred Years War for Morocco : Gunpowder and Military Revolution in the Early Modern Muslim World (Boulder CO: Westview Press, 1994).
*أظنه قصد أن يقول غرب المتوسط. (المترجم).
[xvii] Edmund Burke III, Prelude to Protectorate in Morocco (Chicago : University of Chicago Press, 1976) and Abdullah Laroui, Les origines sociales et culturelles du nationalisme marocain (Paris : Maspero, 1976).
[xviii] Jean-Louis Miège, Le Maroc et l’europe (1830-1894), 4 vols, (Paris : P.U.F. 1961-).