*Une nouvelle perspective sur la littérature comparée : la réflexion d’Adrian Marino (A New Perspective on Comparative Literature: Adrian Marino’s Poetics)” Cristina CIUNTUC ANDRIUȚĂ.
تلخيص:
تقدم هذه الورقة أبرز المحطات الفكرية والنقدية التي طبعت مسار الناقد المقارن الروماني أدريان مارينو في حقل الدراسات المقارنية. فقد بينت مساعيه الجادة الحثيثة لإجراء تغيير جدري في منظومة الفكر المقارني الحديث. وذلك من خلال اعتماد منهج هرمينوطيقي سديد يقضي بضرورة اعتماد “باراديغم” جديد كفيل بإعطاء الأدب المقارن أبعاداً جديدة؛ قوام ذلك باختصار استثمار مصطلحات تجريدية تصنيفية تعميمية، والتخلص من براثن المركزية العرقية-الأوربية المستبدة بالنظريات الأدبية والنقدية، فضلا عن إضفاء توجه نضالي حيوي فاعل على المقارنية الجديدة لتحقيق التفاهم والتواصل بين بلدان الشرق والغرب. وبذلك تنعتق هذه المقارنية المنشودة من رِبقة المنظورات الدغمائية التسليمية ومن إسفاف الطرق الوضعية-التاريخية الأكاديمية القديمة المتحجرة.
النص المترجم:
إن الاهتمام بدراسة وتحليل الأدب المقارن والأدب العالمي ليشكل شغلاً شاغلاً حقاً لدی أدريان مارينو. والشاهد علی ذلك ما أصدره من مقالات في فترة شبابه، حيث يستشعر المرء شغفه القوي باكتشاف مواطن الالتقاء، والتأثير، وعلاقات التناسب أو عدم الاستمرار الحاصلة بين مختلف الكتاب، والحركات، أو التيارات الثقافية والفنية (وما علينا إلا تعداد بعض العناوين التي أصدرها خلال مرحلة شبابه للوقوف علی ذلك، منها: اهاسفروس (ahasvérus) في الأدب الروماني، بول مورندو(paul morando) وقضية حديثة، فكر صاف: بروسبير مرمي(Prosper Merimee)، السيد فليب سدني Sir Philip Sidney)) والدفاع عن الشعر، سانت بوف والحركة الكلاسيكية). ففي هذه البدايات كان المنظور المستقبلي لهذا المنظِّر في أكمل عملية تبلور. وفي هذا الصدد تكشف دراساته أو مقالاته الأولى حول الظاهرة المقارنية أنه كان متأثراً بالمنظورات والمناهج المتداولة التي أدانها فيما بعد، وانفصل عنها1. غير أن كل هذه الشكوك المبكرة توضح الطبيعة العضوية لتطور اهتمام أدريان مارينو2 بالأدب المقارن بصفته ناقداً أدبياً، ثم بصفته ناقداً فكرياً. والدليل علی ذلك أنه ضمَّنها في النظرية العامة التي كان يروم بلوغها. فنزوعه النظري اعتبر الأدب المقارن مجالاً مناسباً للإفصاح والتعبير، لأنه كان يعتزم إنشاء زاوية نظر ممَيَّزة، تكون في الآن نفسه مستقصية شاملة وملائمة لظاهرة الأدب المقارن. فكلا الكتابين* الصادرين في الأصل باللغة الفرنسية، يشكلان كلاًّ متماسكاً يدافع عن الأفكار والتصورات النظرية ذاتها. وعليه فإن هذا المؤلف يتحدث بلسان حاله من خلال حديثه عن اتيامبل في كتاب إتيامبل أو معضلات المقارنية المناضلة3، فمارينو لم يقم، من خلال تعليقه علی منهج هذا الكاتب الفرنسي إلا بتمهيد السبيل لمنهجه الخاص الذي هو في الواقع، امتداد لأفكار روني إتيامبل. فكتابه المقارنية ونظرية الأدب ليس إلا تعبيراً منظماً ومعقداً لنظريته التي لا تنعكس علی الأدب المقارن فحسب، بل على نظرية الأدب بعمومها. لم تكن اهتماماته في مجال الأدب جديدة حتى قبل نشر هذه الدراسات. فقد نشر مقالات عديدة تنبئ مسبقا بآرائه في نظرية الأدب المقارن وفي النظرية الأدبية المقارَنة، مستغلاً المعاملة الخاصة التي حظيت بها دورية CREL (أي دفاتر رومانية للدراسات الأدبية) خلال الفترة الشيوعية (فهذه المقالات كان يحررها أصحابها فقط باللغات ذات الانتشار الدولي الواسع، وكانت إصداراتها توزع في الخارج فقط). ومن ثم عمد هذا المنظِّر إلى توسيع دائرة التعبير عن نظريته من خلال لجوئه إلى القياس التعميمي المتتابِع على كافة الأعمال الأدبية، مما أفضى إلى مناقشة وضع الأدب المقارن ودراسته وتعريفه من جديد، واستجلاء وظائفه وقيمته في خضم النقاش العام الدائر حول واقع الأدب بأكمله. وهذا أمر هام ينبغي تسجيله هنا منذ البداية. فمحاولته الجسورة لم تقتصر علی تشكيل مجال عمل الأدب المقارن فحسب، بل تعدته إلى صياغة تعريف للأدب وللطبيعة الأدبية انطلاقاً من رصد خصائص الأدب العالمي/المقارن معتمداً في ذلك منهج هرمينوطيقا الأفكار الأدبية ذاته. الأمر الذي سيسمح بالخوض في قضايا نقدية متشعبة من خلال إعطاء أبعاد جديدة لمفاهيم معينة، من قبيل الثابت الأدبي أو الأدب العالمي ودمجها من جديد.
وبهذا ينضم هذا المفكر الروماني-الذي يتمتع بروح التجديد والابتكار- إلى صفوة المقارنين الذين ينادون بضرورة إجراء تغيير في مجال الأدب المقارن. بل صار مصلحاً يتعارض مع المنظور الدغمائي الذي يهيمن على مجال المنظور المقارني4. هكذا يتبين بوضوح أن موقف مارينو مضاد للمُقَارَنِيَّة الديداكتيكية الجامعية، مضادٌّ للمُقَارَنِيَّة التاريخانية، الوضعانية المتهورة، إذ رام بالأساس تجاوز هذا النموذج وتعويضه بنموذج آخر يكون أكثر مرونة. فــ«المُقَارَنِيَّة يجب تعريفها مع أخذ خصائص الفعل النقدي بعين الاعتبار. فهو يتحدث عن ضرورة إنجاز دراسة وقائعية يعتبرها الباحثون الهدفَ الوحيد من الفعل المقارني. كما أن الفعل النقدي يستفيد، في نظره، من تعريف شخصي*، حيث ناقش ذلك بإسهاب في عمله النقدي الرصين مدخل إلى النقد الأدبي. ويتضمن عناصر عديدة متماسكة قوامها أن “الفعل النقدي هو تركيبة من المقاربات التاريخية والنظرية بل والتقويم لأن المعول عليه هو أصالة العمل الأدبي الذي يتميز بالبنية، المعنی والقيمة”. ومن ثم عمل على نقل هذا التعريف إلى مجال تجليات الأدب المقارن أيضاً. ذلك أن خصوصية الأدب المقارن، واختلافه الدقيق عن الدراسة الأدبية الصرفة تستلزم “الانتقال من العلاقات الوقائعية (الجزئية) إلى العلاقات البنيوية (الكونية)، ومن «المتفرِّد» إلى «العام»، وتحويل هذه المعطيات إلى طرح نظري منهاجي منسجم”. وهكذا فإن مارينو لا يحاول أن يفصل دراسة الأدب المقارن فصلاً نهائياً عن دراسة الأدب التقليدية، بل يروم محاولة رسم خط فاصل بين هذين الحقلين المختلفين رغم كونهما متشابهين.
إضافة إلى ذلك، ينتوي هذا الكاتب الروماني «ربط» المفاهيم المقارنية السائدة في العالم المعاصر، مِلاكها إنشاء تسلسلات نظرية جديدة أو خارج-جمالية. وقد أسهمت كتبهن ولا ريب، في التجديد النظري لهذا الموضوع. فمن أياديه البيضاء البارزة في هذا الصدد إعادة تناول هوية الأدب المقارن وتعريفه من جديد. فهو يعتبر نفسه «نصيراً للأدب العالمي حاذيا حذو الناقدين البارزين ويليك وإتْيامْيل، إذ يری أن «الأدب العالمي (الذي هو موضوع الأدب المقارن بمعناه التقليدي) تكوَّن من مجموع أو من حاصل كافة الآداب، بلا استثناء»5. ويمكن للدارسين المقارنين رصد الجانب الإيديولوجي النضالي في عمله دون كبير مشقة، إذ يحدد وضع الأدب المقارن في غمرة هذا النقاش. كما يسعى إلى أن يجد من جديد مميزات الأدب الأصلية في عصر وسم تحديداً بهوس الغلو في التخصص وبالنزعة الاختزالية بشتى أنواعها. فــ«الأدب العالمي هو مختصر لتاريخ الأدب العالمي، الأمر الذي يستلزم تَوازيَهُ مع الأدب المقارن (=تاريخ مقارن للأدب) والأدب العام (=تاريخ عام للأدب). علاوة على أن تاريخ الأدب العالمي يجب أن يُفهم علی أنه تاريخ كافة الآداب العالمية»6. وعليه، يريد مارينو أن يظل منسجماً مع ذاته ومع منهج الهرمينوطيقا المناضلة الخاص به من خلال إعطاء توجه ايديولوجي قوي لهذه الدراسة.
إن مفهوم الأدب العالمي/ المقارن”هو مقولة تاريخية، كغيره من الأفكار الأدبية الأخری (s.n)” علی غرار المفاهيم الأخرى التي تهيمن علی النظرية الأدبية. لذلك يحرص مارينو علی تأكيد أن الشراح يرتكبون خطأ واضحاً عندما يحاولون معالجة الأدب المقارن كما لو كان أمراً قاراً، ومن ثمة متصلباً متحجراً. فالأدب المقارن في حاجة إلى تجديده، وأن يتجاوز حدوده، وأن يسعى إلى مواجهة الحركات الفكرية الجديدة في رحاب النظرية الأدبية وفيما وراءها، علی منوال كل مقولة أخرى أو فكرة أدبية. كما أن الجانب النظري هو حجة قوية في النقد الذي حاول توجيهَه مارينو للطريقة التقليدية المتبعة في فهم المقارنة، علماً أن القرن العشرين كان مرحلة غليان نظري بشكل خاص. فمن الطبيعي إذن أن يبادر مارينو، في هذا الخضم، إلى اقتراح تجديد نموذج التأويل والتحليل المقارني انطلاقاً من سلسلة من التصورات الجديدة حول الأدب. غير أن الذي سبب امتعاضه هي القضيةُ النضالية والإيديولوجية، وليس الجانب النظري الذي اعتُبر الحجة الأساس. فهو عندما يقترح تعريفاً جديداً لمفهوم الأدب المقارن ويعطي الأهمية لمفهوم الأدب العالمي، فإنه يروم بالأساس تحقيق مقصدٍ إديولوجي، خارج-أدبي(وقد كان سباقاً من هذه الناحية إلى مفهوم «اللياقة السياسية»* (political correctness) في التسمية الذي جاء من بعد)- ومقصدٍ إسْتِطِيقي في آخر الأمر. وعندما يقول إن الأدب هو «الإرث المشترك الذي يمثل الإنسانية ويقدّم نماذجها»7، مشجعا بذلك استنقاذ الآداب الصغرى واكتشاف الآداب الشرقية، فإن مقاربته تتوقف بالأساس علی قضية سوسيولوجية، ثم علی قضية أدبية صرفة. وبهذا يصير كتابه حول المُقَارَنِيَّة دعوة إلى إزالة الحواجز اللغوية، والسياسية-الاقتصادية أو حواجز العقليات. ومن هذا المنطلق الإيديولوجي، تظل ألمعية هذا المفكر الروماني منزهة عن الاعتراض لأنه كاتب من الشرق تجرأ علی اقتراح نموذج جديد في تشكيل العلاقات الدولية. أما أعظم ما يُحسب له فهو أن تصوراته أكدتها فيما بعد دراسات متخصصة ويؤكدها الموقف العام المهيمن بين المقارنيين الآن. ويقول الناقد المقارني بول كورليا في هذا الصدد: “إن من أكبر التحولات البارزة في الدراسات المُقَارَنِيَّة خلال العقود الأخيرة بلا أدنی شك التخلصَ من المكونات «الأوربِّيَّانِيّة» أو توفيقَ الأدب المقارني مع مقتضيات نزعة كونية أصيلة. فتغيرات عِلم المُقَارَنِيَّة طالت بشكل متزامن «الموضوع» (الذي كان ينحصر في البداية في القارة الأوربية، ثم توسع فيما بعد علی الصعيد العالمي)، و«المنهج» (نبذ العلاقات الثنائية التي تقتصر فقط علی سرد الوقائع واستبدالها بالعلاقات التصنيفية، السيميائية وعلاقات الأنثروبُّولوجيا الثقافية)، و«الرؤية» (نبذ النزعة الأبوية، السلطوية الأوربِّيَّانِيّة، بما تستتبعه من نزعة إلحاقية لم يُعترف بها قط بالكامل، والتوجه نحو بناء حوار حق)”. بهذا أثبت أدريان مارينو، الأستاذ الشهير بجامعة بوخارست، أنه رائد فذ في كل المستويات المذكورة. ذلك أنه اقترح، قبل باحثين آخرين كثر، إجراء تغيير في البَّراديغْم المعتمد، حين أكد ضرورة إحداث تحولات هامة في موضوع الدراسة قصد إعطائه أبعاداً جديدة، وأعاد توجيه المنظور الشامل والرؤية-الشمولية في مجال المُقَارَنِيَّة.
وفي هذا المضمار، هرع مارينو، أول الأمر، إلى الحد نظرياً من دور المقارنة الأدبية والوظائف التي تضطلع بها حيث يَعتبِر «المقارنة- مُتَّبعاً إِتْيامْبل- مجردَ مفهومٍ في النظرية الأدبية، ولا تتميز بشيء عن المفاهيم الأخری من نفس النوع. بل لم تعد بحق مركزَ الأدب المقارن/العالمي: «فإذا كانت الدراسات الأدبية برمتها تتكون من إرث مزدوج (تعميمي ومتفرد) لا غنی فيه عن المقارنة باعتبارها منهجاً دقيقاً خاصاً بالفصل والمقاربة التحليلية، فإن المقارنة تفقد شيئاً من خصوصيتها المُقَارَنِيَّة، ثم تصبح عنصراً جوهرياً في النظرية الأدبية كلها». ويحتل مكاَنهَا الثابتُ الأدبيُ الذي هو مفهوم نظري جديد يسعی إلى تفسير الروابط القائمة بين النتاجات الأدبية أو الآداب التي تتجاوز علاقة السببية أو علاقة التداخل الأدبي». ولم يكن مارينو، كما هو معروف، أول من تحدث عن الثوابت، بل هو الباحث العالم الفرنسي رونيه إتيامبل عام 1957. لكنه واصل الطريق الذي شقته أفكار”معلمه”، محاولاً تطوير نظرية حقة في الثوابت، وكان يأمل أن تتمكن هذه النظرية من بسط خصوصية الأدب المقارن بسطاص واضحاً ونهائياً، ومن ثمة بسط خصوصية الأدب ذاته. فهو يری أن نقاد الأدب عرفوا الثابت الأدبي بأنه عنصر الكونية والعمومية القصوی، وأنه عامل قار ومتواتر. وهو يقول بهذا الخصوص “إن الثابت عنصر كوني في الأدب وفي الفكر الأدبي، أي إنه “خاصية”، سمة «مشتركة» في الخطاب الأدبي أو الفكر الأدبي”8.فدارسو الأدب يمكنهم أن يروا بسهولة التماثل الذي أقامه مارينو بين الطريقة الثابتة في تعريف الثابت الأدبي وبين طريقة تقديم الفكرة الأدبية9. والكلمات-المفاتيح في كلتا الحالتين “سمة ثابتة”، “التكرار”، وبطبيعة الحال “المشاكلة”. فالثابت ليس فكرة أدبية، لكنه يعمل عمل الأفكار الأدبية. “يتعلق الأمر بعامل الاستقرار، والاستمرار وبسِمة ثابتةٍ زمنياً وفي الوقت ذاته قابلةٍ للرصد في كل مكان، ومن ثم فهي كونية من الناحية الجغرافية أيضاً. أي يتعلق الأمر بشكل من الكونية المنهاجية والتاريخية في الآن ذاته. إنه العنصر المشترك، المستمر، القار، المتواتر، ومن ثم الدائم، في الأدب العالمي”10.
إن أول وأهم مزية عظمی حظي بها “اكتشاف” الثابت الأدبي هو أنه يسمح بخرق حدود الأدب المقارني التي اعتبرها النقاد المقارنون حدوداً لاتتزعزع حتی النصف الثاني من القرن التاسع عشر. ومن ثم، أمكن الانتقال بصورة نهائية إلی وضع جديد في الأدب المقارن من خلال بلورة الدور الفاعل الذي تضطلع به الثوابت الأدبية. هكذا إذاً يتسنى للباحث المقارن «العدول عن الدراسة الاختزالية المقيدة المبنية على اقتفاء التداخلات ومظاهر التبعية الأدبية الحاضرة، وينبري لمناقشة مختلف الروابط الموجودة في مختلف المستويات بين الآداب أو الفضاءات الثقافية التي لا يُتوقع فيها بادئ الرأي أن تشترك في أي شيء. فالثابت هو العنصر الذي يتم من خلاله “كشف الروابط (التأثيرات، المحاكاة، الاستنساخ) بين الجهات الثقافية التي لم تحصل بينها أية علاقات تاريخي”11. وبذلك يتم التخلي عن تطبيق العلاقات الحتمية، علاقات التبعية العادية أو علاقات التقليد المقصود، واستبدال العلاقات الملموسة بعلاقات القيمة بالفعل. غير أنه تم الانتقال نحو إنجاز دراسات غاية في النسقية والتنظيم إذ أُسست علی هذه النظرية المُقَارَنِيَّة الجديدة التي تمكننا من نسج الروابط وتحليل علاقات التماثل غير المتوقعة، كالتي حصلت بين إرهاصات الرومانسية الألمانية والشعر الصيني، كما أثبت صحة ذلك إتيامبل، مبيناً عدم انسجام المنهج المقارني الصارم والضيق. أما الإسهام الثاني لنظرية الثوابت الأدبية فهو أيضاً إسهام جوهري لأنه لا يسمح فقط باستعادة مجال البحث والمجالات المرتبطة به، بل يسمح أيضاً بإطلاق نظرية عامة تستطيع أن تشمل المكونات العديدة للنظام المقارني وأن تفسرها وتصنفها. فقد كان هدف مارينو تحديداً هو الوصول إلی تحقيق هذا الهدف المزدوج عن طريق إعادة إنعاش هذا المجال وكذا التشجيع علی إنشاء نظرية مقارنية حقة تحددها كل القواعد والقوانين النظرية-الأدبية. وإضافة إلى التنظير في الأدب، فإن إسهامه خارج ماهو أدبي يتجلی، في الآن نفسه، في عمليه العظيمين* اللذين صدرا في 1982 و1988 بفرنسا، ويتعدى مبلغه نطاق الأدب )فمن الصعب أن نتصور صدور مثل هذا الكتاب الذي يحمل رسائل جريئة بين السطور في بلاد رومانيا*). وفي هذا الصدد، يمكن اعتبار مارينو كاتباً حازماً ناضل ضد الأنظمة السلطوية، وضد النظام الشيوعي بقيادة تشاوسِسكو (Ceausescu) مراوحاً بين حدود حقله الخاص ممارسة وتنظيرا12. فوظيفة الأدب الأساسية تكمن، في رأيه، في التسامي عن حدود خصوصيته الجمالية لأجل مباشرة الدفاع عن الحركة الدولية الحقة، وعن مبادرات الانفتاح الثقافية، والاحترام المتبادل. فقد أُعجب بالتأثير الإيديولوجي الذي يحفز فكر إتيامبل، بل انتدب نفسه “ليصبح الشخص الذي يواصل حمل مشعل أفكار معلمه تزامناً مع ما كان يفرضه الوضع السياسي السائد آنذاك”. ومزيته أنه نجح في ترسيخ هذا التوجه خارج-المدار الأدبي الجديد في الأدب المقارن بطريقة طبيعية تماماً، مجردة من کل تصنع، کما لو أن الأدب کُتب عليه أن يواجه مثل هذه الافتراضات إلى الأبد. وانسجاماً مع ذلك، يرى أن الجانب النضالي (في الأدب المقارن وفي الأدب بصورة أوسع) يصدر من طبيعة موضوع الدراسة ذاته، لأن التصور الکوني المسبق (أو الأدب العالمي)، المسنود “بحکم إيديولوجي مسبق”، “يعطي التوجه الحيوي النضالي الفاعل الذي يميز الهرمينوطيقا المقارنية”. وبالمثل، يرى أن الجوانب النظرية في الأدب المقارن يجب أن تكشف جانبه النضالي أو تسانده وتيسر سبيله. ذلك أن النقد الايديولوجي يهدف إلی توجيه المقارنية نحو المسار النضالي، وتسهيل عملية التواصل بين بلدان الشرق والغرب من خلال محاربة النعرات القومية المتزمتة، و”اتخاذ موقف ضد المرکزية الأوربية، ضد الحرکة الأمبريالية والحرکة التوسعية الاستعمارية، والدفاع بالأحری عن الحرکة الأممية، الکوسموبوليتية، حركةِ العلاقات والتبادلات والتعاون، والدفاع عن عمليات التواصل الحر بين الآداب، ومن ثمة إقامة حرکة إنسية جديدة، وهذا يعني الدفاع عن مُقَارَنِيَّة جديدة”13. لذلک يدعو الکاتب إلی إقامة توازن بين الدراسة الاستقصائية الشاملة للأعمال الأدبية وبين الغلو فيها، لأن” مظاهر الحرمان المشروعة المخيمة على منطقةٍ أو أخرى لاينبغي أن تتحول إلی أمور محصورة مضادة، موجهة بالمقابل إلى كل شکل من أشکال الکونية الحقة”. وعليه، فإن استثمار مارينو منجزَ الدراسات الأدبية (المُقَارَنِيَّة) مكنه من التوصل إلی رسم معالم نظريةٍ تمهد لإرساء دعائم الديموقراطية المنشودة، وإنعاش العلاقات بين الأفراد، وتلك منقبة عظيمة تحسب له. من هنا يتبين أن الأدب يمکن أن يقوم بوظائف أخری، وأن دوره الثقافي-الإيديولوجي يتزايد بشكل بارز، بصرف النظر عن الجانب الاستطيقي الذي لا يجب التخلي عنه. فنظريات التواصل والعلاقات السياسية والدولية، والدراسات المقارنية العديدة تؤکد التخمينات والأفکار التي عبر عنها مارينو بکثير من الکلام المثير منذ ما يقرب ثلاثين سنة قبل.
هكذا يبدو جلياً أن الخصال التي يعتبرها هذا الکاتب الروماني خصائص جوهرية أساسية لدی المقارني حظيت باستحسان کبير لدی کتاب آخرين وهي إلزامية “الموسوعية” في الاطلاع، والالتزام الإيديولوجي (بالمعنی الإيجابي للمصطلح، وبالحفاظ علی معنی الالتزام الأخلاقي والفلسفي). وفي هذا الصدد، يری أحدهم أن ”المقارِن ۔الإنسان الرحالة۔ بمثابة المسافر الذي لا ينسی طريق العودة وهو يتقدم نحو استکشاف بلدان جديدة. فهو يطمح إلى أن يکون بنفسه فضاء للتغير الذي لا ينقطع بين الجديد الذي يکتشفه وبين القديم الذي لم يتركه مطلقاً، فهو يحمل في حقائبه أداة فهم التلاقح الثقافي14 (s.n) “. وهذه الجملة المسطر عليها هي جملة أساسية لأجل إعادة تنظيم عملية فهم الغير أو الغيرية”. ومهما كان هذا الآخر، فَرداً، أم عملاً أدبياً أم أدبَ شعبٍ ما، فإن اللقاء به يجب القيام به دوماً على مستويات المصالحة والاحترام المتبادل. فتَبَنِّي القيم الأوربية، سواء كنا في بلاد الغرب أو في رومانيا، ليس إلا جانباً واحداً من الموقف الذي طوره مارينو، والذي نقيضه تأكيد الفكر النقدي الذي يظهر بطريقة متبادلة، من الوسط الأوربي إلى الوسط الأصلي، وأيضا في الاتجاه المعاكس. فضلاً عن أن استقلالية فكر مارينو لا يمكنها أن تقبل «الشعور بالتفوق الساحق (أي تفوق الغرب) الذي وصل إلى حال متعجرف أكثر فأكثر إزاء الآخرين»15. ولعل الأمر يتعلق، في الواقع، بالعملية التي يسميها عالم الاجتماع الفرنسي جون بودريار (Jean Baudrillard 1929-2007) بـــ«إدغام الآخر، أو عملية تحويل الآخر في الآخر»، «بمعنى قيام الذات بعملية سَحْجٍ وتمليس واحتواء تكاد تبلغ الإنكار لما يُميِّز مَن هو بالقرب منها ومن شأنه أن يحاول صناعة الاختلاف معها. فأدريان مارينو لا يدافع عن مفهوم الغيرية الجذرية، ولا عن السلوكيات التي تتوارى خلف هذا المفهوم. وهكذا فإن هذا العالم طور نظرية تشجع الحوار الثقافي بهدف إزاحة الفهم المشوّه للآخر بمختلف المستويات، والإسهام في اعتماد رؤية جديدة «تدمج مزايا الغيرية في هويتها الخاصة»16. ويسمى هذا المنظور المثمر بــ«الخطاب الثالث» إذ يسمح للمرء بأن ينظر إلى الأمور من زاوية مزدوجة أو حتى مثلثة، حسب وسطه الثقافي الأصلي وحسب تربيته وتكوينه العلمي الخاص.
إن الليبرالية السياسية، وانهيار النظام الاستعماري، وسقوط أنظمة الاستبداد في معظمها، وترابط بلدان المعمور بوسائل التواصل وترابطها الاقتصادي المتزايد كلها مقدمات منطقية أساسية لبروز المقارنية المناضلة. لقد أصبحت كل هذه الأمور اليوم واقعاً يقيناً. غير أنها لم تكن منذ ثلاثين سنة سوى إمكانية أو احتمال وارد أفلح أدريان مارينو في استثماره لصالحه. فهو يؤيد عالمية المُقَارَنِيَّة عن طريق الرفع من التواصل الثنائي بين الأقطاب الذي يتحقق بالانطلاق من المركز نحو الهوامش، ومن الهوامش نحو المركز، ويرفُض نظرية المراكز الجهوية التي لا يمكن أن تفضي إلا إلى الانعزال، وهو أمر غير لائق ولا محبذ البتة. فالحركة الإنسية الجديدة التي يقترحها مارينو تستشرف تحقيق أقصى قدر ممكن من الانفتاح والتقبل لــــكل الاختلافات التي يعج بها مشهد العالم بكل تعقيداته. فهو، من الناحية الثقافية والإيديولوجية، ينافح عن تعددية المراكز وينبذ كل تجليات معاداة الأجانب والعنصرية المقيتة أنى تمظهرت. وقد جاء في المقابلة الخاصة التي أجرتها مع مارينو مجلة المرصد الثقافي في سنة 2003، أن المقارنية المناضلة تبلورت لتكون «عولمة أولى» زمانا قبل أن يظهر مصطلح العولمة. وبهذه الطريقة ثم تجديد إحدى السمات الثابتة الخاضعة لسطوة الأدب، يعني جمهورية الأدب. ففي إطار نضال الجميع لأجل خلق مجتمع أكبر يضم مفكرين ألمعيين وآداباً عدة، وتكوين حفل أدبي يُحجز فيه لأي شخص مكانه، فإن أفكار مارينو تتقدم الأفكار السياسية التي كانت أصل تأسيس المنظمات الدولية للتعاون المتبادل كاليونسكو.
إن العلاقة الجدلية المثالية، حسب تصور مارينو، ينبغي أن تتكون من ازواجية قومية/كونية، يمكن للباحث فيها أن يحدد نسبة تكرار واستمرارية الثوابت الكونية التي تتبقى في كل أدب وطني. فمارينو يدافع عن نوع جديد من الكُتاب، وهو النوع الذي ميز الصنف الثاني من القرن العشرين إذ يقول: “إن الانتماء إلى أدب قومي، وفي الآن نفسه، إلى المجتمع الدولي وإلى المجتمع الكوني عند الاقتضاء ليعد أحد التغيرات الكبرى في الوعي الأدبي السائد في القرن العشرين. إنه النوع الجديد من الكتاب الذي يقبل هوية مزدوجة: قومية وفوق-قومية”17. فالأساس الذي تقوم به هذه الهوية المزدوجة التي تم قبولها بنحو تام يمنح الفضاء المثالي لإظهار المقارنية المناضلة، من خلال تقديم مقاربة جديدة للغة الأم ولثقافتها الخاصة. كما أنه يشجع -سيرا على هدي الشاعر الكبير طوماس إليوت- عملية التبادلات الثقافية المتداخلة، فهو لا يحض على التقوقع في ثقافته الخاصة في أي حال من الأحوال، سواء كانت الثقافة الفرنسية، والثقافة الأمريكية، أو الثقافة التبتية. إنه يأمل إنشاء صيغة يتسنى بمقتضاها دمج الحقائق الأدبية القومية (التي لا يمكن إنكار حضورها) في تضاعيف البنى والمفاهيم فوق-القومية التي تهيمن على الفكر الأدبي اليوم. فالبنية الذهنية وبنية موقف الكاتب الروماني تفرض الصرامة، وهناك قوانين في غاية الوضوح تسمح بإنجاح الدراسة والمقاربة الهرمينوطيقية-المقارنية. وعليه، يتأسف مارينو على التردي المباغت الذي وصل إليه المستوى الأكسيولوجي الأدبي وتَدَني مستوى التعليم العمومي المتقبل/المتلقي. فعندما ناضل هذا الكاتب من أجل اعتماد مقاربة التلاقح الثقافي وخرق الحدود الوطنية، فإنه كان يستند إلى “الاعتقاد الراسخ في تعالي الأدب عن القوميات” الذي تستلزمه هذه المقاربة والذي يكاد يكون نخبوياً. وعليه فإن الكاتب يعبر عن حرقته من فيضان وسائل الإعلام السمعية البصرية ومن تركيبة الانصهار الثقافي والذوق الفني الرديء التي تميز الدراسات الأدبية والثقافية السائدة اليوم بشكل عام. ولم يكن ذلك فحوى الرسالة التي أراد مارينو تبليغها، ولا لوم عليه في ذلك، ولو أن الإفراط في التحرر ينطوي دائماً على مثل هذه المخاطر. ولكنه أصيب بخيبة أمل شديدة*، إذ يقول في هذا الصدد: “إن الدراسات الثقافية بأسرها تقود إلى تنسيب تام للقيم الأدبية عوض الاعتراف بكونيتها، ولا يمكن لأحد الحديث عن وجود نموذج نظري ناجح اليوم في ظل هذه المغالطة العارمة. ويمكن توقع (ظهور) حركة دغمائية جديدة بإصرار وعناد. فهل هذا تقدم أم هو بالأحرى تراجع”18؟ إن هذا السؤال البلاغي الذي يطرحه مارينو دون الإجابة عنه لَيُحدد موقفه بوضوح واعتقاده بمحدودية التيارات الكوسموبوليتية الحالية الجديدة التي لا تكاد تحتفظ بشيء من الصرامة ومن روح الحوار الأدبي والثقافي الأصيل التي رام الكاتب شق طريقها بما هي إطار للمقاربة الجديدة في رحاب الأدب المقارن. فهدفه الأسمى كان شيئاً آخر، إذ رام “توضيح الماهية في اللغة، وهي أساس مفهوم العالمية عبر التاريخ وفي الوقت الحاضر (الذي يسميه الفيلسوف هوسرل وِلْتْزِنْ-Weltsinn) ورام أن يحدد، بما أمكن من الدقة، شروط الفهم وحدوده وحدود مالا يمكن للآداب المختلفة فهمه في بعضها البعض”. فرسالة مارينو، ناقدِ الأفكار الروماني، كانت تبتغي «إبراز الطبيعة التعددية التي ينبغي لعلم الأدب اعتمادها، دفاعاً عن مجتمع يتحقق فيه الانفتاح والديمقراطية دون أن تعوزه القوانين والمعايير الأساسية. فأدريان مارينو يقدم رؤية دامجة للأدب، مشدداً مع ذلك على أهمية احترام الحدود الأصلية حتى لا تضيع خصوصية الآداب الصغرى. وهكذا فقد حصل الأدب المقارن بالكلية، بفضل دراسات مارينو، على الاستقلال الإبستمولوجي والنظري، كما حصل على قاعدة إديولوجية واضحة. وقد عملت كل هذه المميزات على تسهيل تكييف المُقَارَنِيَّة بشكل أسهل مع التشكيلات النظرية-الأدبية-الاجتماعية الجديدة السائدة في مطلع القرن الواحد والعشرين.
هوامش
* ينظر النص الأصلي المترجم في:
https://oaji.net › articles
1. لقد ارتأى أدريان مارينو أثناء تأويلِه لأعمال ألكسندرو ماسيدونسكي -أديب من رومانيا- وتعليقِه عليها أنه من الضروري مند البداية تحديد مواطن التواشج والتداخل التي يلتقي فيها هذا الشاعر الروماني مع كتاب آخرين أجانب […] غير أن أدريان مارينو سوف يرفض هذا النوع من المقارنة التي تقام بناء على التأثيرات والعلاقات المباشرة بين المؤلفين أو الأعمال أو الآداب ويفضل اعتماد نهجٍ جديد أقل حتمية للاتصالات الثقافية والأدبية.
2. كان من المقرر أن يشمل هذا المشروع الضخم، الذي لم يكتمل لصاحبه قبل أن يوافيه الأجل، “نظرية النقد الأدبي والأفكار الأدبية، نظرية الأدب على أسس هيرمنوطيقية\تأويلية، تاريخ فكرة الأدب، معجم للأفكار الأدبية، نظام مقارني، نضالي ونظري، طريقة لدمج الأدب الروماني في الأدب العالمي “(أدريان مارينو، سيرة فكرة الأدب، المجلد الأول، دار داسيا للنشر، كلوج نابوكا، 2006، ص: 6).
*ويقصد بالكتابين (1988)”Etiemble ou comparatisme militant(1982) et Comparatisme et théorie de la littérature”
3. إن أغلب أفكار الكاتبين مشتركة بينهما. كما أن مقاربـتـيـهما تتحققان بشكل متشابه من ناحية الأفكار ومن ناحية المواقف على حد سواء.
4. “إن تغيير«البارديغم» الذي نقترحه يتمثل في تكوين نظرية مقارنية للأدب ذات أسس ابستيمية ومنهاجية وتاريخية مستقلة” (أدريان مارينو، المقارنية ونظرية الأدب، پوليروم،2006 ص:90. فضلاً عن أن مارينو يهدف إلى “توجيه المقارنية في اتجاه نظرية الأدب”،. A. Marino, «Comparatisme et…», p. 100.
5. Ibidem, p. 14,13,16,25.
6 .Dan Grigorescu, Introduction à la littérature comparée, Dalsi Universal Publishing House, Bucarest, 1997, p. 29.
* ومن أهم مناحي اللياقة السياسية محاولة الإدماج بزيادة الاحترام ومراعاة المشاعر في التسمية فيقال «ذوو الاحتياجات الخاصة» عوض «المعاقون»، و«الدول النامية» عوض «العالم الثالث»، و«الأفارقة الأمريكيون» عوض «الزنوج» فتصبح «آداب الشعوب المتخلفة» مثلاً «آداباً صغرى». (المترجم)..
7. Paul Cornea, Le défi relativiste dans la compréhension d’autrui, Polirom, Iaşi, 2008, p. 245.
8. Marino, Comparatisme…, 23, 27, 49.
9 . لم يكن من السهل على مارينو القبول بأن يكون له مرشد. وذلك لأن استقلالية الفكر كانت من أحب ميزاته وأعزها لديه. إلا أنه والحالةُ هذه لم يكن على الساحة إلا كتاب قلائل يشاركونه بعض أفكارهن ومنهم إتيامبل. وقد اعترف له مارينو بأنه أول من استعمل مفهوم الثابث وبأنه تمكن باستعماله من إحياء المقارنية.
10. إن ما يميز الفكرة الأدبية أساساً أن تكون منسجمة، ثابتة لا تتغير، أي عنصر وحدة، واستقرار، واستمرار، وكونية في الزمان والمكان” (أدريان مارينو، “نقد الأفكار الأدبية”).
11. Marino, Comparatisme…, p. 49,
* والمقصود هنا الكتابان النقديان الرائدين في الفكر المقارني: “المقارنية ونظرية الأدب” (comparatisme et théorie de la littératu)، “اتيامبل ومعضلات المقارنية المناضلة”(Etiemble ou comparatisme militant).
* وذلك لأن أعمال مارينو تعترف بكل آداب المعمور على اختلاف أوطانها وأزمنتها ومذاهبها، خلافاً لما تقره إيديولوجية المعسكر الشرقي الشيوعية من أن الفن من أجل الفن مفسدة، ومن أن الأدب الوحيد الذي يستحق أن يسمى أدباً هو الأدب الملتزم الذي يدافع عن البروليتاريا، إلخ. (المترجم)
12. يتحدث الكاتب بصراحة في مذكراته عن الرسالة المشفرة لكتبه قائلا «لقد وضعت في مؤلفي (إتيامبل أو معضلات المقارنية المناضلة) كل ما كنت أكبته من حنق على الوضع الثقافي وكل تطلعاتي الليبرالية الإيديولوجية-الأدبية. فقد تطرقت إلى قضايا عويصة جداً في تلك اللحظة، كان أغلبها ذا طبيعة استفزازية» (…) فالكتاب كان له معنى إيديولوجي دقيق جدا، وينخرط خطابه الليبرالي، دون مبالغة، في صنف «المقاومة الثقافية» و«الكتابات ذات المفتاح»٭ (ادريان مارينو، حياة منعزِل، پوليروم، إياسي، 2010، ص209)، (المترجم)]
13. Marino, Comparatisme…, 116,118,190
14. Adrian Marino en dialogue avec Sorin Antohi, Le troisième discours: la culture, l’idéologie et la politique en Roumanie, Polirom, Iaşi, 2001, p. 58.
15. Monica Ghet, Comparatisme militant – début de la mondialisation, entretien avec Adrian Marino, Observatoire culturel, n° 186/2003.
16 . Marino, Biographie…, vol. 5, p. 69, 56.
17.George Steiner a cité Paul Cornea, cit., p. 256.