رشيد العفاقي، كسكسو: رحلة تاريخية مع سلطان الأطعمة المغربية، طنجة-سليكي أخوين، 2020، 131 صفحة.
يندرج عمل الباحث رشيد العفاقي ضمن سياق فكري ونقاش ثقافي انتشر في الآونة الأخيرة في مختلف الوسائط الافتراضية والواقعية، نتيجة السطو المتعمد على التراث اللامادي للمغرب، ويعتبر كتاب كْسكْسو:رحلة تاريخية مع سلطان الأطعمة المغربية، جوابا علميا دقيقا، وتحصينا للموروث الغذائي الذي تعايش المغاربة معه منذ فجر التاريخ. ويسعى هذا العمل إلى كتابة تاريخ التغذية المغربية بالاستناد إلى رؤية منهجية جديدة، تستقي مادتها من مظان متنوعة، وعبر مدة زمنية طويلة، تنطلق من العصور القديمة لتربطها بزمننا الحالي، في قالب تركيبي يوسع منظار المؤرخ.
بنية الكتاب
الجدير بالذكر أن هذا العمل لم يقسم إلى فصول أو أبواب كما جرت به العادة، بل حتى إنه لم تتخلله عناوين فرعية تدل على مضمون كل جزء منه، فهو مقالة مطولة تتناول تاريخ الكُسْكُس، وتعرف بهذا الطبق المتنازع عنه انطلاقا من مادة مصدرية متنوعة المشارب. فبعد التقديم الوجيز تنطلق الرحلة بتعجب الكاتب “من قول بعضهم في أحد المواقع بالشبكة العنكبوتية (الأنترنت) إن الكسكسو أخذه المغاربة عن الأتراك!”(ص.6)، شكل هذا القول دافعا للبحث والتنقيب وإخراج هذا المولود الجديد، إلى جانب خوض مغامرة بحثية جديدة في “محاولة للخروج من شرنقة التاريخ الوقائعي”(ص.5). بهذه الكلمات استهل الباحث عمله جاعلا من النقاش الآني نبراسا للانطلاق في دروب التاريخ، راسما بذلك لوحة تاريخية تتلذذ بسلطان الأطعمة في المغرب.
يضم هذا العمل بين دفتيه أربعة عشر محطة، في كل واحدة منها نجد وقفات تاريخية، تارة تصويرية، وتارة أخرى واقعية. وكنوع من التقريب سنسرد أهم الأفكار التي تناولها الكاتب باقتضاب شديد لتكتمل للقارئ الكريم صورة هذا العمل.
تنطلق الرحلة كما أسلفنا من تعجب الكاتب من القول بعثمانية الطبق، ليسوق لنا حججا تدل على وجود طبق الكسكس في المغرب قبل قيام الدولة العثمانية بقرون عديدة، وقد استند في طرحه على ما أورده الزياني في سفارته للباب العالي والمواقف التي حدثت معه حول الطبق، ليخلص إلى مغربيته، بل وإنه ساهم في تشكيل طوبونيم بعض المناطق المغربية كالصويرة، التي اشتهرت لدى المؤرخين القدامى بتقديم الطعام للعابرين فسمي موضع منها بـ “سيدي كسكسو”، ونفس الإشارة لدى شارل دوفوكو الذي قال إنه بضواحي الرباط نهر يعرف بـ “وادي كسكسة” (ص.9)، ليستمر في عرض حججه انطلاقا من كتب القدامى، حيث عرض لنا ما أورده اليوسي والولالي والمقري وابن الأزرق والزبيدي والأنطاكي وابن بطوطة وغيرهم. فبهذا يكون الطبق مغربيا أمازيغي الأصل دون منازع كما أكد على ذلك الباحث (ص.39).
يستمر السجال في إثبات نسب طبق الكسكس، فيقول “والحق أن المغرب الأقصى وتحديدا (المملكة المغربية) هو البلد الذي عرف ولادة الكسكسو، ومنه انتشر إلى الجوار المغاربي وبقية دول العالم، وأهل المغرب هم المخترعون له. وهذا مسلم لهم به لا ينازعهم في هذه الريادة والسبق إلا بعض بلدان المغرب العربي والتي هي إن راجعت تاريخها لوجدت أنها كانت تابعة لسلطان فاس أو مراكش في العديد من مراحل تاريخها، وأن نصوص تاريخها هي من تأليف علماء المغرب الأقصى” (ص. 31-32). فهذه الريادة نلمسها في القصائد التي كتبت في حق الطبق وامتدحته، من أبرزها قصيدة بن آجروم والماجري وقصيدة الزهو للسلطان سيدي محمد بن عبد الرحمن، كما وجد له حضور في شعر الملحون في قصيدة الزردة لعلي المسفيوي.
لا شك أن الكسكس طبق أمازيغي متوسطي بدون شك، لكن الكاتب فضل أن يحدد لنا الضفة التي كان لها السبق في إبرازه وإضافة لمستها عليه كعادتها مع كل ما يصل إليها، فقد كان للضفة الجنوبية من أوروبا نصيب من هذا الطبق، إذ عرض لنا الباحث حضور الطبق في الأندلس وتصنيفاته عند الأندلسيين وتفننهم فيه، يقول في هذا الصدد: “وأقدر أن طعام الكسكس المغربي الذي دخل الأندلس كان موحد الشكل، ولكن يظهر أن الأندلسيين لم يقصروا في إغنائه والتفنن في تحضيره فأضافوا إليه ما طبعه بذوقهم من تفايا وخضار متنوعة” (ص. 41). والحق يقال إن أهل الأندلس أبدعوا في طهي الطبق وشكل تقديمه، وهو ما يقف عليه الباحث من خلال نصوص علماء الأندلس، واستمر الطبق يزين موائد أهل الأندلس بعد سقوط غرناطة، حيث كان يعتبر أكل الكسكس دليلا على إسلام الشخص، وإذا ثبت أكله له يتعرض للقتل كما ورد في محاضر محاكم التفتيش.
ومما يثير الانتباه أن الأطباء اهتموا بهذا الطبق لدرجة أننا وجدنا من يصفه علاجا لبعض الأمراض في منظوماتهم الطبية، فهذا عبد القادر بن شقرون ينظم فيه 19 بيتا، وعبد السلام الزموري ينصح بالتوقيت المناسب لأكله، وما يجب أن يأكل قبله وبعده، وفي هذا السياق أجمعت الآراء على أن “من شرب الشاي بعد أكله الكسكسو فقد أساء الاختيار” (ص. 67).
بما أن الحديث مرتبط بالطعام وما يتعلق به فقد وصف لنا بنوع من الإيجاز عادة اندثرت من المجتمع، والتي كانت تعتبر رمزا من رموز الثقافة المغربية ورافدا من روافدها البهية، فحفل سلطان الطلبة لا يتم إلا بحضور سلطان الأطعمة الكسكسو، إذ يعتبر أبرز عنصر في هذا التقليد، ولابد لمن يخطب أن يذكر فضل الطبق على سائر الطلبة، وهو ما مكن الكاتب من التعرف على مدى حضور الطبق في الثقافة الشعبية المغربية.
في إطار رصد الكسكسو في مختلف المجالات عرج لنا الباحث على الرحلات الأجنبية التي حضر فيها الطبق بشكل بارز. والملاحظ أن نصوص الرحلات زاخرة بالمعطيات الدقيقة، كون أن أصحابها شديدي الملاحظة، حريصين على تدوين كل ما يصادف طريقهم، فنال الطبق حظا وافرا من كتاباتهم. فهذا مويط يصف لنا طريقة تحضير الطبق وجونوندرسون الذي أُكرم بتقديم طبق الكسكس له وغيرهم كثير. وقد نبه الباحث إلى الكم الهائل من هذه النصوص التي ذكرت الطبق، وأنواعه، وسبل تحضيره بدقة بالغة، يقول “ويمكن أن نسرد شواهد شتى من الأوصاف التي عقدها للكسكسو طائفة من الأوروبيين الذين زاروا بلادنا المغرب في الأحقاب الحديثة والمعاصرة”(ص. 80-81).
من هنا كان الانتقال إلى المشرق العربي وبالضبط إلى دولة مصر مهد النهضة الفكرية العربية، حيث درج فيها أن الكسكسو هو طعام الفقراء، ومن الطرائف التي كتبت بلسان الطبق ما خطته أنامل الدكتور إبراهيم عبده، المشهور بأسلوبه الساخر الممزوج بالنقد اللاذع، إذ سمى وزير التموين المصري بالوزير الكسكسي. ومن المشرق إلى العالمية، فلا مراء أن مغاربة العالم ساهموا في نقل الطبق لمناطق متعددة كنوع من التعريف بثقافتهم وتمسكهم بها، وهو ما عرف عن المغاربة منذ الأزل.
إن الحضور القوي لطبق الكسكس في المجتمع لا ينفصل عن التصوف وطرقه، لما عرف عن الزوايا من تقشف ومجاهدة للنفس والرضا بالقليل من كل شيء، فلا غرابة إن وجدنا انتقادا للصوفية ونعتهم بعصبة الكساكس التي تحولت للقب الكساكسية، ولازال هذا الطبق حاضرا إلى اليوم في مختلف الزوايا بالمغرب، وله هيبة خاصة ومكانة كبيرة وتأويلات متعددة.
وفي خضم هذه المغامرة عرض لنا الكاتب حضور وصفات الكسكس في كتب الطبخ الأجنبية، إذ وجدها تركز على طريقة تحضيره، وهو ما يعكس لنا قيمة هذا الطبق داخل النظام الغذائي العالمي، وقد أحصى بعض الباحثين أكثر من 200 وصفة لتحضير الكسكس بلغات متعددة.
بما أننا في رحاب التاريخ، كان لزاما على الباحث أن يعود لمظان التاريخ الأساسية، والأمر هنا يرتبط بالرسائل والظهائر السلطانية المغربية. فبعد تنقيبه وتمحيصه الدقيق عثر على إشارة مهمة أغنت موضوعه، فهذا الكسكس موضوع رسالة مؤرخة بتاريخ 1257هـ (عهد المولى عبد الرحمن بن هشام) تنص على نقل كمية من الكسكس باعتباره مادة أساسية للتموين، وكثيرا ما كان المغاربة يهرعون له زمن الأزمات والاضطرابات، وهو ما أكدت عليه جريدة طنجة، ففي الستينات تم توزيع الكسكس كأجرة للعمال في إطار برنامج تشغيل الشباب.
ختم لنا الباحث عمله بتسجيل حضور الطبق في جل الاستحقاقات السياسية التي مرت بالمغرب من منطلق أن طبق الكسكس “يساير الذائقة الجماعية للمواطنين”(ص. 111). بهذه الأفكار استطاع الكاتب أن يرسم معالم لوحة هذا الطبق الغني عن التعريف، وأن يكتب عنه بدل الاكتفاء بالتلذذ بمذاقه، وهذا هو المطلوب من المؤرخ، اتخاذ البادرة لدراسة كل ما يحيط به من ظواهر.
ارتسامات عامة حول الكتاب
بدون شك أن المطلع على هذا العمل ستنتابه مجموعة من التساؤلات فكيف لهذا الطبق الذي دأب عليه المغاربة وغيرهم منذ زمن بعيد ولا ندري شيئا عن تاريخه؟ وما السبب الذي جعل المؤرخين القدامى لا يفردون له مؤلفا خاصا؟
إن مثل هذه التساؤلات غابت عن المؤرخ “التقليدي” الذي كان يكتب التاريخ بمعايير محددة، فقد كان همه تخليد الحدث ووضعه في قالبه الكرونولوجي المحض، فجاءت كتابتهم جافة نوعا ما من حيث المواضيع الهامشية، لأن جام تركيزه ينصب على السلاطين وبعض رجالات دولتهم، وإن جاز لنا القول لقلنا إن المؤرخ في هذه المرحلة كان يكتب التاريخ تحت الطلب، وهذا ما يفسر لنا وجود ما يسمى في عصرنا الحالي بالكتابات السلطانية. وفي المقام الثاني حاولت هذه الكتابات أن تتغاضى عن الهامش وتفاعلاته، في محاولة منها لرسم صورة نمطية لكل الفترات التاريخية، وهذا ما جعل أصنافا أخرى تتفوق عليها من حيث الثراء المعرفي ككتب النوازل والرحلات وغيرها.
إننا لا ننكر قيمة هذه الكتب في التعريف بأهم المحطات التاريخية الكبرى، بل ننتقد جفافها المعرفي الذي غابت عنه كل المؤشرات الأخرى المساهمة في صنع الحدث التاريخي، وهو ما حاولت المدارس التاريخية الحديثة معالجته عن طريق توسيع قاعدة الوثيقة، وتنويع مصادر البحث التاريخي، مما زاد من معرفتنا ببعض التفاصيل التي غابت عن مؤرخينا، وهو ما نلمسه في هذا العمل.
إن تنويع المظان البحثية من طرف الكاتب وعدم اقتصاره على المصادر الكلاسيكية، جعل من موضوعه يتشعب وينفتح على مجالات عديدة بل أزمنة مختلفة، ليجعل من المدة الطويلة أداة فعالة لرصد مختلف التطورات والمراحل التي قطعها طبق الكسكس، منذ ظهوره في أول نص خلد اسمه في القرن 7هـ/13م إلى السجال الواقع حوله اليوم.
ومما نلمسه في هذا النص حضور استراتيجيات متنوعة لعل أبرزها تيمة الحجاج في جل صفحات العمل، ففي كل وقفة نجد حضور أدلة وحجج دامغة ترد الطبق إلى أصله وموطنه الأول، لكن هذه الحجج صاحبها في كثير من الأحيان ترجيح الرأي بجرأة عالية وصرامة منهجية (ص. 30) حين عرج على أصل لفظ ورسم الطبق، حيث قال إن أصل لفظ كسكسو ليس من لغة العرب، وغير ذلك كثير في هذا السفر التاريخي الفريد. كما لم يخل النص من بعض الترجيحات والتقديرات (ص. 41) حين عرج على وصول الطبق للأندلس حيث قال “وأقدر أن طعام الكسكسو الذي دخل الأندلس كان موحد الشكل، ولكن يظهر أن الأندلسيين لم يقصروا في إغنائه والتفنن في تحضيره”…
أما من حيث اللغة فقد وجدنا البناء اللغوي للنص متين، ومن المبهر فيه أنه وظف خطابات مختلفة حسب طبيعة المواضيع المتناولة، فعلى سبيل المثال عندما تتبع الباحث تاريخ ظهور الطبق وجدناه يستعمل اللغة التاريخية بصرامة منهجية دقيقة، فيضع كل ما اختلف حوله المؤرخون بين الأقواس، ناهيك عن تغليب لغة الوصف والسرد، لبناء نص تاريخي محكم. وفي ذات السياق حينما نهل الباحث من معين النصوص الفقهية وجدنا لغتها حاضرة، وهي نفس الملاحظة التي تقال حول تطرقه لبعض الأشعار واستخدامه لتقنيات من قبيل السجع والاستعارة وغيرها. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على وعي الباحث بحيثيات الموضوع وتمكنه من نواصيه المتعددة المشارب مما أضاف قيمة نوعية على الكتاب.
ومن مظاهر التمكن أيضا هو التدقيق اللغوي الذي قام به الباحث للفظ كلمة كسكسو ورسمه في المعجم الأمازيغي والعربي في مقاربة فيلولوجية دقيقة امتدت على خمس صفحات متتالية تنطلق من جذر الكلمة مرورا بتغيراتها النحوية، لكن كل هذا لا يثنينا عن التطرق للمقاربة التحليلية، إذ قام بتحليل مضمون النصوص واستخرج منها كل ما يخدم الإشكالية التي انطلق منها في البداية.
يفتح هذا العمل أمامنا بابين جديدين في حقل البحث التاريخي، يتعلق الأول بالجانب الإثنولوجي وعلاقته بالتاريخ، أو كما يسميه بعض الباحثين بالإثنولوجية التاريخية، من منطلق أن البحث يستلزم التحقيق والنزول للميدان لمقابلة الشواهد والبحث عن كل ما يخدم الموضوع، خصوصا في الثقافة الشعبية السائدة في مجتمع البحث. والثاني يرتبط بالبحث في تاريخ التغذية، وهو المجال الذي لا زال خصبا لم تخترقه أقلام الباحثين. فالعمل يدخل ضمن هذا الإطار حيث رصد لنا تاريخ طبق فاقت شهرته الآفاق، ويعتبر سلطان الأطعمة في المغرب، وله طقوس خاصة به، وتوقيت معين يأكل فيه، وهو ما يشهد على ارتباط الجميع به، إذ يتساوى في أكله الصغير والكبير، الغني والفقير، العالم والأمي، مما يساهم في تشكيل الهوية الجماعية للأمة المغربية.
والملاحظة الأخيرة التي سنختم بها رحلتنا هذه، ترتبط بالمادة المصدرية الموظفة في الكتاب فالتنوع شابها انطلاقا من الاعتماد على المصادر التاريخية الكلاسيكية، إلى المقاربة اللغوية عن طريق المعاجم العربية والأمازيغية والبرتغالية والإسبانية، والنهل من النصوص الشعرية، وهذا قل ما نجده في الأبحاث التاريخية. وبإطلالة بسيطة على قائمة المصادر والمراجع ستجدها غنية ومتنوعة فبين التاريخ والشعر والطب والفقه والطبخ والرحلات، مما يعني تعدد المقاربات المنهجية الموظفة في النص وهو ما تطرقنا إليه آنفا.
خير ما نختم به رحلتنا هذه ما كتبه الشاعر المغربي سعد سرحان عن طبق الكسكس داعيا لمزيد من الاهتمام به، يقول “يستحق الكسكس، وهو أيقونة المطبخ المغربي، أن يفرد له كتاب ضخم يشترك في تأليفه نخبة من علماء التغذية والأنثروبولوجيا والتاريخ والأركيولوجيا والسيميائيات وغيرها من العلوم. فتناوله، بالقلم وليس باليد أو الملعقة، بوصفه نصا غذائيا يختلف أسلوبه حسب المناطق والمطابخ، لن يقل فائدة عن دراسة القطع النقدية والمشغولات اليدوية والأمثال الشعبية والوشم والأحاجي والحلي ورقصات القبائل ومواويل الجبال…إلا أن الكسكس، شيخ الأطعمة الطاعن في السن، يبدو أكبر بكثير ليس من الحفيد فقط وإنما من الجد أيضا” (ص. 100-101) ونجدد دعوتنا لكل من يشتغل بالصرح العلمي الأكاديمي للتفكير في إقامة ندوة أو ندوات حول التغذية والغذاء في المغرب، فلايزال الموضوع يحتاج للكثير من الدراسة والتنقيب.