عن الكتب مجلة فصلية تعنى “بالإصدارات المغربية الجديدة وتنتصر للقراءة” كما نقرأ في عنوانها الفرعي. صدر عددها الثالث في شتاء 2011، وبذلك نكون أمام مشروع إعلامي وتعريفي واعد وطموح يجعل الكتاب والنشاط الثقافي في المغرب في صلب اهتمامه. ليس ذلك فحسب، بل إن قارئ المجلة ينتبه منذ الصفحات الأولى العناية التي يوليها فريق العمل بالشأن الثقافي في علاقته بالشأن العام في المغرب وفي خارجه. يظهر الأمر في صفحة الاستهلال التي قدم فيها رئيس التحرير الأستاذ عبد اللطيف البازي ثلاثا من القضايا تكون جزء من مواد المجلة الغزيرة والمتنوعة:
الأولى: فقرة عن الدرس المصري الذي على كل مثقفي وشباب العالم العربي أن يستلهموا منه قوتهم وفخرهم، فالنضال من أجل كبح جماح الاستبداد لم يمنع شباب الثورة من بذل كل الجهود من أجل حماية الإرث الثقافي للبلد في الوقت الذي كان فيه جنون الغضب واختلاط الحابل بالنابل يهدد معالم مصر الثقافية وفي ذلك عبرة لمن أراد أن يعتبر.
الثانية: فقرة عن الحلقة المفقودة في مشهدنا الثقافي. يتعلق الأمر بملف المجلة: في وصف حالتنا الثقافية: إشكالات الرؤى والتدبير، والذي يقارب من خلال حوار مع الباحث والحقوقي عبد الحي مودن، ومن خلال نصين لكل من عبد الرحيم جيران وعبد الفتاح لحجمري، رهانات التدبير الثقافي الموكولة للمثقفين أساسا والإكراهات التي تواجه هذه المهمة الصعبة، وأولها حدود وظيفة المثقف وقدرته على توفير المناعة والقيم اللازمة لمواجهة تحديات الراهن وتكريس قيم التنوير وأخلاق الحداثة.
الثالثة: فقرة الاعتراف، وفيها تودع المجلة احد الرموز الثقافية المشعة في المغرب وخارجه: أحمد محفوظ، الباحث والمترجم، وتحتفي بتاريخه العلمي وتواضعه وطاقته على التواصل والحوار. مسيرة توقفت قبل الأوان وتركت غصة في نفس أصدقائه ومعارفه. نقرأ في هذا السياق نصا مؤثرا في باب شاهدة مضيئة لعبد الهادي الإدريسي بعنوان:”أحمد محفوظ، فارس ترجل”.
يتضمن هذا العدد مادة متنوعة من القراءات والمتابعات، موسومة بجمالية التعبير الاستعاري في اختيار عناوين الأبواب. حديث ومغزل: حوار مع محمد الأشعري. انفراد مؤقت: فصل من رواية شيخ الرماية لمحمد أنقار. ما الحب إلا للحبيب الأول: شهادة لربيعة ريحان عن مجموعتها القصصية ظلال وخلجان. كما تضمن العدد ثلاثة نصوص تحية لإدمون عمران المليح كتبها محمد برادة “عزيزنا عمران: أنت تبتعد لتكون أقرب”، وحسن الدردبي “غياب مضاعف”، ويونس الجيراري “إدمون عمران المليح قارئا”.
في هذا العدد قراءات لنصوص شعرية وسردية ونقدية لأعمال كل من عائشة البصري وبنسالم حميش وعبد النبي صروخ وياسين عدنان والمهدي أخريف وشعيب حليفي وصلاح الوديع وحسن البقالي وسعاد أنقار ومصطفى غزلاني وابراهيم الحيسن وأحمد زنيبر. كما نقرأ في “شرفة أولى” نصا للطيفة باقا “نحن أبناء الورق” وفي “شرفة ثانية” نصا لهشام فهمي “القراءة الارتجاجية”.
يحضر الحديث عن الترجمة من خلال شهادة لعبد الهادي الإدريسي “أنا والترجمة”، ولرشيد برهون “الترجمة النسوية: بعض الأسس النظرية والتطبيقية”.
تجدر الإشارة إلى أن المجلة تتضمن نصوصا باللغة الفرنسية، وفيها نقرأ حوارا مع سهام بنشقرون وقراءات متنوعة يحضر فيها عبد الفتاح كيليطو وإدمون المليح وفؤاد العروي ونزهة الفاسي الفهري وجمال بلحرش وآخرين.
مواد هذه المجلة شديدة التنوع لا يسعها حيز هذه الورقة التعريفية. حسبنا القول إن صدورها تعزيز نوعي للمنابر الإعلامية والالكترونية التي تحتفي بالكتاب وبالقراءة والتي تدعو إلى إحلالها المركز اللائق في كل نقاش ثقافي حر وواع ومسؤول.