تعتمد هذه الدراسة على الأرشيف البرتغالي، وعلى التصاميم المرتبطة ببناء وتوسيع المدن المذكورة، وعلى دراسة ميدانية قام بها المؤلف لمدن طنجة وأصيلا وسبتة والقصر الصغير وأسفي وأزمور وأكادير والجديدة والصويرة، وعدد من المواقع التي مر منها البرتغاليون مثل المليحة والمعمورة. وقد مكنته هذه الدراسات من مقارنة المواقع الحالية بالتصاميم المحتفظ بها في الأرشيف والوثائق التي تحدثت عن امتدادات المدن في السابق، وتتبعها داخل الواقع المعماري الحالي. ومن التمييز بين الآثار الإسلامية القديمة، وما أحدثه البرتغاليون من إضافات.
وعلى الرغم من الطابع التقني لهذه الدراسة، فإن المؤلف حرص على تطعيمها بكم وافر من المعلومات التاريخية الموثقة والمفيدة. فخصص الجزء الأول من دراسته لمدخل تاريخي عرف فيه بالظروف التي تم فيها احتلال البرتغاليين للمدن والمواقع المذكورة، وبأهم أطوار ومراحل هذا الاحتلال، ثم تطرق في القسم الثاني من الكتاب وهو الأهم (228 صفحة) إلى الإستيلاء البرتغالي على المدن المغربية “الإسلامية” القائمة فعلا، وعمل البرتغاليين على ملاءمتها وتكييفها مع ظروف عيشهم، بما أحدثوه من تغييرات وتصاميم جديدة تتماشى مع حاجياتهم الدفاعية ونمط حياتهم. كما تطرق إلى علاقاتهم بالسكان المغاربة. واستعرض هذه المدن واحدة واحدة، معززا دراسته لها بالخرائط والتصاميم القديمة والصور والتصاميم التي أنجزها هونفسه داخلها وفي المحيط القريب منها.
وفي القسم الثالث من الكتاب، تطرق المؤلف إلى المدن الحديثة التي أنشأها البرتغاليون، كحصون أولا ثم طوروها إلى مدن كاملة الوظائف،كما هو الشأن بالنسبة لمازاغان وموكَدور وسانتا كروز دوكاب دوكَي. مستعرضا ظروف نشأتها، وما بقي من الآثار المكتوبة والميدانية عن تصميمها ومعالمها المعمارية ، معززا ذلك بدراسات ميدانية . لقد تطلب هذا العمل من المؤلف مجهودا ضخما، تجلى على الصعيد الميداني في الزيارت المتعددة والإقامات الطويلة بعين المكان من أجل إنجاز التصاميم والخرائط الأركيولوجية للمواقع المدروسة التي تجاوزت 15 موقعا، كما أنها تطلبت منه الاستعانة بكم كبير من المصادر والوثائق والدراسات والتصاميم والخرائط، وهو ما نستشفه من عدد الملاحق والصور والجداول، حيث يشتمل الكتاب مثلا على 177 صورة فوتوغرافية ، و51 رسما، و 58 تصميما، وخريطتين. وملحقا وثائقيا يتضمن 27 نصا. وبالإضافة إلى الوثائق المخطوطة في سيمنكاس والمكتبة الوطنية بلشبونة ومكتبة طوري دو طومبو، اعتمد على 84 من المصادرالمطبوعة، وبيبليوغرافيا عامة من 142 عنوانا وأخرى متخصصة من 169 عنوانا.