أعفيف محمد، أصول التحديث في اليابان 1568-1868، بيروت- مركز دراسات الوحدة العربية، 2010.
نظمت برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية، بشراكة بين شعبة التاريخ والمجلة الإلكترونية رباط الكتب، لقاءا علميا حول كتاب محمد أعفيف أصول التحديث في اليابان، احتضنته قاعة الزمن الراهن بتاريخ 21 يناير 2012 وشارك فيه الأساتذة الآتية أسماؤهم: آسية بنعدادة (كلية الآداب، الرباط)، عبد الحي مودن (كلية الحقوق، أكدال، الرباط)، محمد معروف الدفالي (كلية الآداب، عين الشق، الدار البيضاء) والباحثة اللبنانية أمل بو غنام(المعهد العالي للدكتوراه- الجامعة اللبنانية) والتي لم تتمكن من الحضور ونابت عنها الطالبة مديحة صبيوي بقراءتها لنص مداخلتها. وقد تكلفت بتنشيط هذا اللقاء بحضور المؤلف الذي أعطيت له الفرصة للتعقيب على مداخلات السادة الأساتذة أو توضيح بعض القضايا والتساؤلات التي طرحها الأساتذة المشاركون والحاضرون على السواء. كما تميز هذا اللقاء بحضور مكثف للأساتذة وكذا الطلبة الذين تفاعلوا مع القراءات والنقاش بشكل مثمر.
يأتي تنظيم هذا النشاط العلمي في إطار الاهتمام المتزايد بمعرفة كنه وأسرار نجاح اليابانيين بل وأيضا الصينيين في الخروج من التخلف والمضي قدما نحو الحضارة والتقدم التكنولوجي. وفي وقت أصبح فيه البحث في الحضارتين الآسيويتين يساوي البحث عن المفتاح الذي يفتح أبواب النجاح. لقد أجمعت أغلب المداخلات التي نقدمها للقارئ في هذا العدد الخاص من مجلة رباط الكتب، على أن محمد أعفيف تفادى البحث عن هذا المفتاح في سراديب عهد الميجي وأدمج الفترة السابقة وهي عهد توكوغاوا وحكم أسر الساموراي، التي رأى على أنها تشكل مرحلة مهمة في صيرورة التحديث في اليابان. وفي مقابل الغياب الرهيب للاهتمام بموضوع الشرق الأقصى وحضارته، على مستوى الاسطوغرافيا العربية، يمكن أن نذكر بالمحاولات الفريدة التي قام بها كل من مسعود ضاهر ومحمد أعفيف، كما لو أن المغاربة واللبنانيون هم الأقرب إلى محاكاة مغامرات الرحالة أو أن البحث في الموضوع لا يمكن القيام به إلا بعد تملك لغات ومعارف جديدة لم يسبق للباحث العربي أن تلقى تكوينا فيها.
كما أن موضوع أصول التحديث في اليابان يجعلنا نتساءل عن التاريخانية وعن مفهوم القطيعة وكذا ماهية و حقيقة المعجزة اليابانية. كما أثيرت في هذا اللقاء قضايا بنيوية مرتبطة بالمجتمع الياباني كعلاقة التحديث بالاستبداد أو ضرورة تفادي الاستعمار الغربي والمرور من الفيودالية إلى النهضة والتحديث كشرطين مهمين في فهم التحول الذي عرفته اليابان. لقد ذهب المؤلف بعيدا ليقول لنا إن الذوق والإحساس المرهف والشغف بكل ما هو جديد وجميل ينضاف إلى كل المقومات والأسس التي انبنت عليها الإرادة والحضارة اليابانيتين. ويمكن القول إن الحضارة اليابانية تحتكم أكثر إلى التناغم والتوازن من خضوعها للقوانين والعقود، كما أن القوانين اليابانية ترتبط أكثر بالنتائج وليس بالأفعال كما هو حال المجتمعات الغربية.
وإذا كان كتاب محمد أعفيف حول أصول التحديث في اليابان قد لقي صدى طيبا لدى الباحثين المغاربة والعرب فإن التغطية الإعلامية لصدوره أو القراءات التي تناولته بقيت محدودة ونذكر منها ملخصا قدمه المؤلف نفسه عن مؤلفه، منشور في مجلة المستقبل العربي، عدد 380، 2010 وهناك قراءة ثانية نشرها عبد الغفار رشاد القصبي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، في نفس المجلة، عدد 386. وهناك مقالة بقلم سعيد بنسعيد العلوي “نحن و اليابان” التي نشرت في جريدة الشرق الأوسط يوم 27 نونبر 2010 ويمكن الإطلاع عليها على موقع روافد ثقافية لوزارة الثقافة العراقية.
يأتي إذن نشر هذا الملف في الوقت المناسب ليغني الحقل المعرفي والتاريخي خصوصا ويساهم في مواكبة البحث العلمي عبر تتبع أهم الإنتاجات والتفاعل مع مضامينها وأفكارها.
وختاما لا تفوتني الفرصة لأتقدم بالشكر لأعضاء اللجنة العلمية لمجلة رباط الكتب وأساتذة شعبة التاريخ الذين قدموا لنا يد العون على مستوى التنظيم وقراءة النصوص وإعدادها للنشر. الشكر الجزيل أيضا لكل الأساتذة المشاركين في هذا اللقاء وكذا الحضور الكريم الذي كانت له بصمة خاصة في النقاش والتبادل الذي ميز هذا اللقاء العلمي.