Béatrice Hibou et Mohamed Tozy, Tisser le temps politique au Maroc. Imaginaire de l’Etat à l’âge néolibéral, Paris, Karthala, 2020.
ما دمنا أمام كتاب اشترك في تأليفه وكتابة كامل نصه باحثان، فقد ارتأيت أن أعرف ببعض العلامات التي تخللت مسار هذا التعاون. فقد انطلق محمد الطوزي من دراسة الحقل السياسي-الديني من خلال زاويتين، وهما حركات الإسلام السياسي في المغرب المعاصر، والتاريخ الاجتماعي لعلاقة الدولة المخزنية مع قوى دينية – سياسية محلية مثل زاوية إليغ في منطقة سوس الأقصى، حيث ساهم الطوزي في الورش البحثي الذي أشرف عليه بُول باسْكُونْ ونجد تركيبا وتنظيرا لهذين الحقلين في كتاب الملكية والإسلام السياسي في المغرب[1].
أما بياتريس هيبو، فقد ركزت اهتمامها منذ البداية على جانب العلاقة بين السيطرة السياسية والاقتصاد، وأنجزت في بداية مشوارها بحثا حول حول عملية “التطهير” الذي شنتها الدولة في سنتي 1995-1996 خلال حقبة نفوذ إدريس البصري، وقد ورد ذكر هذا الحدث في الكتاب الجديد باعتباره عملية كان القصد منها هو ردع النزوع الاستقلالي عند فصيل من البورجوازية الوطنية. وبعد ذلك ألفت هيبو مجموعة من الأعمال هي إما دراسات لحالات محددة مثل تونس، أو مؤلفات جماعية توسِّع دائرة الملاحَظة، أو أعمال تنظيرية أهمها كتاب التشريح السياسي للسيطرة[2].
وعندما كنت أشتغل حول موضوع الزطاطة وعلاقتها بالرشوة، اكتشفت بمحض الصدفة مقال طريفا كتبه الثنائي هيبو / الطوزي، ويتناول موضوع الرشوة في المغرب بمقاربة أنثروبولوجية تربط بين الرشوة وتعدد الأنماط القانونية[3]. ومنذ حوالي عشر سنوات، أُتيح لي أن أقرأ بعض المقالات التي اعتبرتها إرهاصات لمشروع مشترك. وبالرغم من هذا الاستئناس التدريجي بالمشروع، فإن الكتاب أثار اندهاشي بكثافته من حيث المعطيات والتوثيق والتحليل. إنه عمل طَموح وطويل النفس، وإلى جانب ذلك فهو يدرس الدولة المغربية، ويتطلع إلى تقديم بناء نظري قد يساعد على تحليل الظاهرة الدولتية في مجتمعات أخرى.
الكتاب الجديد هو بمثابة دراسة للزمن السياسي، أي زمن الدولة. وهناك خيط رابط يتخلل جميع الأبواب والفصول، وهي أن الدولة المغربية، في امتدادها التاريخي منذ ما قبل الاستعمار إلى اليوم، زاوجت بين الزمن الإمبراطوري وزمن الدولة-الأمة، وهذه المزاوجة هي التي ساعدت الدولة المغربية على تبنِّي وإرساء النِّيوليبِرالية بدون عراقيل كبرى. وتلافيا للالتباس، لا بد من التأكيد على أن حضور الزمنيْن لا يعني التطور الخطي من زمن إلى آخر، أو حتى تساكن الزمنين في وضعية احتباس أو انتقال محجوز، على منوال “المجتمع المركَّب” الذي رسمه بُول باسْكُون انطلاقا من أطروحته حول منطقة الحوز. وعلى خلاف ذلك، يتحدث المؤلفان عن التراكُب والحبْك، (بالمعنى الذي ينتمي في الأصل إلى مجال النسيج).
القوة الاستكشافية للمقاربة الأنثربولوجية
وأعتقد من جهتي أننا أمام مقاربة تنهل من أنثروبولوجية السياسي، وتعتمد ملاحظتي على ثلاثة عناصر:
أولا- المخيال، وهو مفهوم أساسي ورد في العنوان الفرعي للكتاب، وقد يبعث على الالتباس عند القارئ. لقد تبين لي، عبر البحث في ثلاثة أوراش بحثية انصبَّت على النَّسب والأتاي والزطاطة[4]، أنني ركزت اهتمامي باستمرار على مناطق تخوم بين المخيال والممارسات. وانتبهت في نفس الوقت إلى أن دراسة المخيال، من خلال التمثلات والرموز والمعجم، تساعد على إغناء التاريخ الاجتماعي، بل إن التمثلات والرموز والكلمات تساعد على الإمساك بالممارسات. أما هيبو والطوزي، فيذهبان إلى أبعد من ذلك، إذ يعتبران أن المخيال يشمل الممارسات، لأن الممارسة السياسية، لدى الحاكمين والمحكومين، ترتبط بالمعنى الذي يعطيه الفاعلون لهذه الممارسة أو تلك، وبـ”استذوات السياسي” (سُوبْجيكْتِيفاسْيون) حسب تعبير ميشال فوكو.
ثانيا-التركيز على الممارسات اليومية لا على التنظيمات المؤسساتية، من قبيل التنظيم البرلماني والحكومي والحزبي والإداري والقضائي. وهناك فكرة تتخلل مجموع الكتاب، وتتمثل في الفجوة القائمة بين ترسانة المؤسسات وبين واقع الممارسات. فمن بين “أُسس النظام”، تناول المؤلفان على عنصرَي التمثيلية والمسؤولية، وتوصلا مثلا إلى أن طرق اشتغال المؤسسات التمثيلية جعلت من الانتخاب أداة لممارسة الاستقطاب، من جانب المؤسسة الملكية ومختلف الفاعلين السياسيين، لذلك تضعف آليات الوساطة بين الدولة والمجتمع، وهو أمر يبرز للعيان خلال لحظات التوتر الاجتماعي. أما المسؤولية فقد أخضعها المؤلفان لعملية استشكال: المسؤولية “عن”، والمسؤولية “تجاه”. وخلصا إلى أن هناك التباسا بنيويا يعتري المسؤولية ويعوق بالتالي ربط المسؤولية بالمحاسبة بالمعنى المتعارف عليه. وربط المؤلفان بين هذا الوضع وبين غياب التفعيل المنهجي لتقارير هيئات الحكامة مثل “مجلس
الحسابات” و”مجلس المنافسة”.
ثالثا-السياسة من زاوية الأسفل. ففي محور أنماط تدبير الحكم والإدارة سلط الكتاب أضواء كاشفة على أربع فئات توجد في قاعدة و/ أو على هامش جهاز الدولة. هناك المقدم الذي يختص مبدئيا بالمراقبة الترابية في مستوى القرب، وتسهيل بعض الخدمات الإدارية مثل إثبات الهوية والسكن وضعف الموارد. ويتولى النايْب تمثيل الجماعات في قضايا عقارية شائكة مثل التفاوض مع السلطات العمومية حول قضايا نزع أو تفويت الملكية على أساس مبدأ المنفعة العامة. ويقوم الطالْب بتدبير الشأن الديني على المستوى المحلي من قبيل إمامة الصلاة وتلقين الصبيان. ويحرر العدل (العادْل بالدارجة) عقود المعاملات بمختلف أشكالها، من مستوى “الأحوال الشخصية” (زواج، إرث)، إلى بعض أشكال المعاملات التجارية والنقدية، وبالتالي فهو ينافس المحامي والموثق الحديث (النُّوطِيرْ).
تختلف تخصصات هذه الفئات الأربع، وتلتقي في سمة مشتركة، وهي أنها تمثل امتدادات للمؤسسات العمومية، وتشتغل في آن واحد كفضاءات تفاوض وتوافُق ومساومة، وتساهم بذلك في الحفاظ على قدر من التوازن الاجتماعي.
مفارقات المنهج الفيبري
اعتمد المؤلفان بشكل أساسي على مفهوم النموذج الذهني الذي أنشأه المفكر السوسيولوجي الألماني ماكس فيبر. ينطلق الباحث من ظواهر ملموسة في مجتمعات معينة، ويختار من بينها بعض السمات المميِّزة، ويُخضعها لعملية تنقية وتجريد، فيتم تشييد نموذج يتمتع بقوة تحليلية، ويساعد على فهم مجتمعات أخرى بالنظر إلى حضور النموذج أو غيابه، بدون أن يطابق واقع تلك المجتمعات بشكل كامل.
اعتمد عبد الله العروي النموذج الذهني في كتابه المؤسِّس الإيديولوجيا العربية المعاصرة من خلال الثلاثية الشهيرة (الفقيه، ورجل السياسة، وداعية التقنية). وفي كتاب مفهوم الدولة[5]، توقف عند دلالات المفهوم وسياق ظهوره وبعض التجارب التاريخية التي طُبق عليها، من قبيل ثنائية الدولة النابوليونية والدولة النمساوية. وبعد ذلك وظَّف العروي النموذج الذهني لتشييد مفهوم الدولة العربية التقليدية، واعتبر أنها تتكون من ثلاثة عناصر، وهي “الدهرية العربية” (حيث يرد عنصر العصبية)، و”الروح الإسلامي”، و”التنظيم الأسيوي”. ويكتمل النسق بانعكاس تجربة الدولة في النفسية السائدة، وهي تعكس التقابل بين نموذجيْن ذهنِييْن آخرَين، وهما “طوباوية الفقيه” و”واقعية المؤرخ-الأديب”.
تقوم أطروحة هيبو / الطوزي على ثنائية تتوخى نفس الهدف التحليلي لمقاربة الزمن السياسي المغربي. لن أقف مطولا عند زمن الدولة – الأمة، إذ اعتبر المؤلفان أنه يكاد لا يحتاج إلى توضيح، وذكرا بعجالة أن مرجعية التجربة الفرنسية أمر طبيعي بسبب تأثيرها على تدبير الدولة المغربية خلال مرحلة السيطرة الكولونيالية، واختزلا النموذج الذهني للدولة-الأمة في بضعة عناصر مثل التوحيد والتعميم والتطويع والإرادوية والتوجه الإنتاجي، والمساواة كفكرة مجردة. لكن القارئ قد يتساءل: هل ظل مفهوم الدولة-الأمة ثابتا ولم يعرف المراجعات والتحيين؟ هل تنطبق الخصائص المذكورة على تجارب تاريخية غير التجربة الفرنسية؟ وإلى جانب هذه الأسئلة، نلاحظ أن الإقرار باشتغال نموذج الدولة-الأمة في المغرب قبل حقبة الحماية يحيل في الواقع على وقائع تنحصر في تطوان ونواحيها، أي منطقة تحمل صفة الثغر في الشمال الغربي في سياق حرب تطوان التي أعلنت عن تفاقم الخطر الأوربي وأدت إلى اختلال مالية الدولة.
ومقابل هذا الاقتضاب في تناول اشتغال زمن الدولة-الأمة، نلاحظ أن المؤلفين ركزا أكثر على استمرار “الزمن الإمبراطوري” وتكيفه مع النمط الجديد. ويتميز هذا الزمن بعدة خصائص، من بينها الحفاظ على عدم تجانس الساكنة، وعلى التراتبات الاجتماعية المحلية، والحد من كلفة ممارسة الحكم عن طريق الاعتماد على الوسائط، والتنقل المستمر للعاهل، وتدبير الأشخاص بدل التحكم الشامل في المجال الترابي، وتدبير وضعية عدم احتكار العنف، وإتقان التوافقات، والتكيُّف مع المستجدات.
يحس القارئ أن كافة هذه السمات تطابق الدولة المخزنية إلى حد كبير، لاسيما وأن الدراسات التاريخية الحديثة، سواء المغربية أو الأجنبية، حققت تراكما لافتا حول موضوع العلاقة بين المخزن والقبائل قبيل الحماية، خاصة في المناطق الواقعة في حزام الأطراف والتخوم، ونشعر عند قراءة بعض تلك الأبحاث أن هناك ثوابت لا زالت مستمرة حتى الوقت الراهن. ويحضرني في هذا الشأن مثال عبد الرحمن المودن. ففي سنة 1984 استكمل بحثه الأول حول إيناون فيما كان يعرف بـ”ممر تازة”، وانتقل بعد ذلك إلى موضوع العلاقات المغربية – العثمانية، وإذا به يُصدر سنة 2018 مقالا مرجعيا حول ثنائية الحرْكة والسّْياسة (بتسكين السين الأولى)[6]، وقد اقترح فيه قراءة جديدة لأسلوب اشتغال العنف المخزني، ولمح إلى استمرار نفس الأسلوب في مواجهة حراك الريف الذي ما زالت تداعياته حاضرة حتى اليوم.
استقى كتاب هيبو والطوزي معطيات ثمينة من الأبحاث التاريخية وبعض متون الوثائق، وقدَّم نمذجة جديدة للطقوس التي يهندسها النسق المخزني في استعراض سلطته وتواصله مع سائر الخدام والمحكومين. فهناك صياغة المراسلات، وشكليات الاستقبال، ولوجستيك التنقل، وإنتاج المراتب، والتحكُّم في الزمن. والملاحظ أن هذا العنصر الأخير برز في التعامل مع أحداث الريف الأخيرة. ساد في البداية زمن الحراك، مع الإعلان عن أجندة التحركات الاحتجاجية، واسترجاع بعض وقائع ملحمة محمد بن عبد الكريم الخطابي. وبعد عملية الإيقاف وحملة الاعتقالات، كان الانتقال إلى الزمن السلطاني، حيث انتظار زيارة الملك لمنطقة الحسيمة، وانتظار العفو الملكي عبر سلسلة الأعياد الدينية والوطنية، وانتظار تفعيل “الزلزال” الذي وعد به الملك عندما انتقد النخب السياسية.
بالرغم من التطابق بين النمط المخزني والنمط الإمبراطوري، فإن المؤلفيْن فضَّلا الاستغناء عن الأول واعتماد الثاني، وبرَّرا هذا الاختيار بكون مصطلح المخزن يشوِّش على التحليل ويضم خليطا من المعطيات، بالإضافة إلى أن عددا من الدراسات الحديثة أعادت النظر في التعريفات السابقة للظاهرة الإمبراطورية في إطار “التاريخ العالمي”. بيد أننا نعتبر من جهتنا أن مصطلح المخزن يخاطب الذاكرة الجماعية وتجربة المعاش الراهن وما زال يحِّفز المؤرخين والباحثين في علوم إنسانية واجتماعية أخرى. وقد يشوش مفهوم النمط الامبراطوري هو كذلك لأنه يرتبط بالامتداد المجالي خارج كيان مسيطِر. وإذا كان المغرب قد عاش التجربة الإمبراطورية في عهد الدولتين المرابطية والموحدية، فإنه راوح منذ زمن الدولة الوطاسية في وضعية دفاعية على إثر الاحتلال الإيبيري. وإذا أقررنا بأن مصطلح الإمبراطورية لم يعد يشمل الامتداد الخارجي، فهيبو والطوزي لم يزودا القارئ بمقارنات توضيحية، لاسيما إذا اعتبرنا تعدد أشكال الامبراطوريات وانتماءها لسياقات تاريخية مختلفة.
ننتقل الآن إلى أحد عناصر أطروحة هيبو والطوزي وهو موضوع الباب الثالث من الكتاب، ومفادُه أن التراكب بين الزمن الإمبراطوري / المخزني وزمن الدولة – الأمة سهَّل على الدولة المغربية إرساء النظام النيوليبرالي. يعتبر المؤلفان أن الإرهاصة الأولى لهذا التطور تعود إلى أواخر سبعينيات القرن الفارط، بيد أن الاندفاعة الحاسمة واكبت تقرير الخمسينية (2005) و”حُمَّى” الاستراتيجيات القطاعية. ويقوم الزمن النيوليبرالي على الخصائص التالية: منطق السوق، والمقاولة التدبيرية، ومعيار التنافسية، واعتماد مبدأ التميُّز على حساب المساواة والعدالة الاجتماعية.
يغري هذا التحليل باسترجاع مرحلة الحماية، فيتبين آنذاك أن السلطة الفرنسية نجحت في إرساء الرأسمالية الكولونيالية بواسطة التوفيق بين الدولة الترابية “التحديثية”، وبين المخزن الذي أطلق عليه الفرنسيون عبارة “الإمبراطورية الشريفة”، وذلك من خلال ترميم جهاز المخزن المركزي، والاستعانة بالعائلات القائدية في البوادي، واستقطاب النخب الحضرية بواسطة ما سماه ليوطي بـ”سياسة فنجان الشاي”.
* * *
لم نتناول في الواقع سوى بعض النماذج من بين قضايا عديدة تستحق التعريف والمناقشة، ولا شك أننا أمام كتاب مرجعي سوف يترك أثرا كبيرا في حقل دراسة الدولة المغربية. فهو يفيد، ويسائل، ويستفز أحيانا، الباحث في العلوم السياسية والعلوم الإنسانية والاجتماعية المتاخمة، وكذلك الفاعل السياسي والمواطن المهتم بقضايا الدولة المغربية بين ماضيها وحاضرها. ومن أجل تيسير تلقي الكتاب ومحاورته، من المستحب أن تُنجز ترجمة عربية على يد فريق يعتني بإيجاد الصيغ العربية للمفاهيم التي يزخر بها هذا المؤلَّف. وفي انتظار ذلك أتمنى أن يُعاد إصدار الكتاب في طبعة مغربية أو فرنسية-مغربية من أجل وضع العمل في متناول عدد متزايد من القراء.
[1] محمد الطوزي، الملكية والإسلام السياسي في المغرب، ترجمة محمد حاتمي وخالد شكراوي، الدار البيضاء، نشر الفنك، 2001 (الطبعة الفرنسية: 1999).
[2] بياتريس هيبو، التشريح السياسي للسيطرة، بيروت، الدار العربية للعلوم ناشرون، 2017.
[3] « Une lecture d’anthropologie politique de la corruption au Maroc. Fondement historique d’une prise de liberté avec le droit », Revue Tiers Monde, 161, 2000, pp. 23-47.
[4] عبد الأحد السبتي، النفوذ وصراعاته في مجتمع فاس، الدار البيضاء، توبقال، 2007؛ من الشاي إلى الأتاي. العادة والتاريخ (مع عبد الرحمان لخصاصي)، الرباط، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، بالرباط، ط.2، 2012؛ بين الزطاط وقاطع الطريق. أمن الطرق في المغرب قبل الاستعمار، الدار البيضاء، توبقال، 2009.
[5] عبد الله العروي، مفهوم الدولة، ط. 1، الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي، 1981. انظر على الأخص الفصلين الثالث والرابع.
[6] Abderrahmane El Moudden, «Pouvoir makhzénien et vie locale. Entre harka et syâsa » , in A. El Moudden, A. Bouhsane, L. Bouchentouf, Confluences. Histoire, anthropologie et études littéraires. Rabat, éd. Bou Regreg / C.N.D.H., 2018, pp. 85-102.