– علم الاجتماع الرقمي، منظورات نقدية. كيت أورتون-جونسون ونيك بريور، ترجمة هاني خميس أحمد عبده. المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، سلسلة عالم المعرفة، عدد 484، 2021.
“علم الاجتماع الرقمي. منظورات نقدية” هو الكتاب الهام الذي صدر مؤخراً والذي عادت به سلسلة “عالم المعرفة” الكويتية الشهيرة إلى الأسواق المغربية بعد أزيد من سنة من الغياب بسبب توقفها الاضطراري عن الطباعة والتوزيع نتيجة جائحة كوفيد 19. هو مؤلف جماعي ساهم فيه حوالي 20 باحثاً من أوروبا وأمريكا متخصصين في علم الاجتماع والاقتصاد والإعلام. يتناول موضوعاً أساسياً في عالم اليوم هو الثورة الرقمية. الكتاب المترجم عن الإنجليزية يبحث في تأثيرات التكنولوجيا الرقمية على العلاقات الاجتماعية والمؤسسات والبنيات، وكذا في دورها في إعادة تشكيل الأدوات والمفاهيم داخل علم الاجتماع.
ومما جاء في هذا الصدد في مقدمته: “إن علم الاجتماع وخيالنا السوسيولوجي يواجهان مشاهد رقمية جديدة بدءاً من الذوات الإلكترونية إلى مجتمعات الإنترنيت، ومن حرب الإعلام إلى اللامساواة الشبكية، ومن الثقافة إلى البنية الاجتماعية”.
يبحث المؤلفون في باب العلاقات، مثلاً، في ما يهم العلاقات الاجتماعية والحياة الشخصية وقضية النوع الاجتماعي. وفي باب الفضاءات يبحثون، أساساً في ما يسمونه إعادة النظر في الفضاءات المعلوماتية الحضرية، وقضايا المراقبة، والثقة، والخطر، والنظرة إلى المجتمعات المحلية أو التقليدية. ويقول الباحث أندرو ويبستر بهذا الخصوص: “إن استخدام التكنولوجيا الرقمية داخل المنزل، كالأجهزة المساعدة على رعاية المسنين، على سبيل المثال، يؤدي إلى تغيير معنى المنزل نفسه … ويؤدي إلى إزالة الحدود بين الفضاءين العام والخاص”.
ويتوقف الكتاب في باب استخدام الوسائط عند “تقارير الحروب في العصر الرقمي”، وكيف استطاعت التكنولوجيا إعادة تشكيل المشاهد الإعلامية، وأيضاً عند مواضيع مثل “إضفاء الطابع الإعلامي على المجال الرقمي”، أو “علم اجتماع الاتصال في العصر الرقمي”…
وأخيرا في باب الممارسات، تم تناول جانب تتزايد تمظهراته في حياتنا اليومية وهو استعمالات الرقمي في مجالات التعليم والصحة والمرض، حيث يقدم الباحثون في هذا الصدد دراسات من بينها: “إعادة النظر في التعليم في العصر الرقمي”، و”الصحة الإلكترونية والمقاربات السوسيولوجية المتجددة للصحة والمرض”.
ويعتبر هذا الكتاب مساهمة في فهم آثار التكنولوجيا الرقمية التي تقوت استعمالاتها وحضورها الاجتماعي، بشكل خاص، في ظل جائحة كوفيد 19. فهو يساهم، كما يقول المؤلفون، في تسليط الضوء على “الجماهير المفقودة” missing masses، وهو الوصف الذي يطلقونه على التكنولوجيا وأدواتها وأجهزتها، وذلك بعد أن كانت هذه التكنولوجيا “غائبة بنحو غريب منذ حوالي عقدين من الزمان عن أنظار علم الاجتماع”.