أسالت الأسطر التي تضمنت حديث ابن بطوطة عن ابن تيمية الكثير من المداد بين رافض لمضمونها وبين مثبت لها أو متشكك في بعض تفاصيلها؛ خاصة ما تعلق منها بموضوع حكاية النزول؛ حيث ذكر ابن بطوطة أنه: «كان بدمشق من كبار الفقهاء الحنابلة تقي الدين بن تيمية كبير الشام، يتكلم في الفنون إلا أن في عقله شيئا. وكان أهل دمشق يعظمونه أشد التعظيم، ويعظهم على المنبر. وتكلم مرة بأمر أنكره الفقهاء، ورفعوه إلى الملك الناصر، فأمر بإشخاصه إلى القاهرة، وجمع القضاة والفقهاء، بمجلس الملك الناصر، وتكلم شرف الدين الزواوي المالكي وقال: “إن هذا الرجل قال كذا وكذا”، وعدّد ما أنكر على ابن تيمية، وأحضر العقود بذلك ووضعها بين يدي قاضي القضاة، وقال قاضي القضاة لابن تيمية: “ما تقول؟”، قال: “لا إله إلا الله”، فأعاد عليه فأجاب بمثل قوله. فأمر الملك الناصر بسجنه، فسجن أعواما. وصنف في السجن كتابا في تفسير القرآن سماه “البحر المحيط” في نحو أربعين مجلدا. ثم إن أمه تعرضت للملك الناصر، وشكت إليه، فأمر بإطلاقه، إلى أن وقع منه مثل ذلك ثانية. وكنت إذ ذاك بدمشق، فحضرته يوم الجمعة وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويذكرهم. فكان من جملة كلامه أن قال: “إن الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا” ونزل درجة من درج المنبر، فعارضه فقيه مالكي يعرف بابن الزهراء، وأنكر ما تكلم به. فقامت العامة إلى هذا الفقيه وضربوه بالأيدي والنعال ضربا كثيرا حتى سقطت عمامته، وظهر على رأسه شاشية حرير، فأنكروا عليه لباسها، واحتملوه إلى دار عز الدين بن مسلم قاضي الحنابلة، فأمر بسجنه وعزره بعد ذلك. فأنكر فقهاء المالكية والشافعية ما كان من تعزيره، ورفعوا الأمر إلى ملك الأمراء سيف الدين تنكيز، وكان من خيار الأمراء وصلحائهم، فكتب إلى الملك الناصر بذلك، وكتب عقدا شرعيا على ابن تيمية بأمور منكرة، منها أن المطلق بالثلاث في كلمة واحدة لا تلزمه إلا طلقة واحدة، ومنها المسافر الذي ينوي بسفره زيارة القبر الشريف، زاده الله طيبا، لا يقصر الصلاة، وسوى ذلك ما يشبهه، وبعث العقد إلى الملك الناصر فأمر بسجن ابن تيمية بالقلعة، فسجن بها حتى مات في السجن»[1]. ورغبتنا في العودة إلى الموضوع، له ما يبرره، من خلال النظر إليه من زاوية مختلفة، مرتبطة ببني مرين؛ فإلى أي حد عكست تلك الأسطر الواردة عن ابن تيمية في رحلة ابن بطوطة الرهانات السياسية للمرينيين؟
هناك أربع مسائل يثيرها نص ابن بطوطة:
ــ لقاء ابن بطوطة بابن تيمية
ــ حكاية نزول ابن تيمية وهو على المنبر
ــ صدق ابن بطوطة وكذبه
ــ رهانات المرينيين
أولا ــ لقاء ابن بطوطة بابن تيمية
حاول العديد من المعاصرين التصدي للموضوع، فلم يقتصر نقاش لقاء ابن بطوطة وابن تيمية على المتخصصين بل تعداه إلى رواد شبكات التواصل الاجتماعي، خاصة من المتشيعين لابن تيمية محاولين إثبات استحالة ذلك اللقاء من خلال التأكيد على أن دخول ابن بطوطة إلى دمشق تزامن مع وجود ابن تيمية بالسجن، في سجنته الأخيرة التي توفي خلالها. وظل الأمر سجالا إلى أن أعلن الباحث عبد العزيز الساوري عن اكتشاف مخطوط لكتاب “المفهم لما أشكل في تلخيص مسلم” تأليف أبي العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي (ت. 656 ه/ 1252 مـ) بمكتبة الأزهر بمصر[2]، بخط يد ابن بطوطة وبتاريخ الانتهاء منها يومه الاثنين الثامن عشر من جمادى الآخرة من عام 727 هـ/ ماي 1327 م بمدرسة العزيزية بدمشق[3]. علما بأن رحلة ابن بطوطة جاء فيها دخول الرحالة إلى دمشق يوم الخميس التاسع من شهر رمضان عام 726 هـ/ غشت 1326 م[4]. هذا “الاكتشاف” الذي تلقفه الباحث عبد الهادي التازي ودعا إلى مراجعة ما قيل عن عدم إمكانية لقاء ابن بطوطة بابن تيمية[5]. مؤكدا: «هذا وقد أصبحتُ مقتنعا بأن ابن بطوطة قد قام بزيارة ثانية لدمشق عام 727 هـ بعد أن وقفت على تأليف لأبي العباس أحمد بن عمر الأنصاري القرطبي»[6]. ورغم ذلك لم ينته السجال إذ عاد المدافعون عن ابن تيمية من الدارسين إلى مناقشة الموضوع من خلال إثبات أن وجود ابن بطوطة في ذلك التاريخ بدمشق ليس حجة كافية، ومن بين أولئك الدارسين عبد الله بن عبد الرحمن البراك؛ الذي بسط القول في الموضوع وانتهى إلى عدم لقاء الرجلين[7].
ثانيا ــ حكاية نزول ابن تيمية وهو على المنبر
أتساءل هل نفي لقاء ابن بطوطة بابن تيمية ينهي السجال؟ لا يبدو الأمر كذلك، لأن حكاية نزول ابن تيمية وردت في مصادر عدة[8]. بيد أن حكاية ابن بطوطة احتوت عناصر جعلت البعض يطعن فيها، ومن هذه العناصر إشارته إلى اعتلاء ابن تيمية المنبر يوم الجمعة؛ وهو ما دفع أحد الدارسين إلى رمي كلام الرحالة بالخطأ؛ مصوّبا بأن خطيب الجمعة حين دخول ابن بطوطة دمشق هو قاضي القضاة جلال الدين القزويني الشافعي (ت. 739 هـ/ 1338 م)، علما أن ابن تيمية لم يكن خطيبا ولكنه كان يلقي دروسا في الجامع الأموي[9]. بيد أن العبارات المستعملة في رحلة ابن بطوطة ليس فيها نعت له بكونه خطيب الجامع بل مجرد واعظ؛ جاء في النص سالف الذكر: ” ويعظهم على المنبر”، ” وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويذكرهم “، ما عنى لنا ضعف هذا الطعن.
وإذا كان نص رحلة ابن بطوطة قد ربط بين سجن ابن تيمية وحادثة النزول، فإن بعض الدارسين نفذوا من هذه النقطة لإضافة طعون أخرى لما حكاه ابن بطوطة، على أساس أن المصادر التي ترجمت لابن تيمية جعلت من موقفه من زيارة القبور سببا لسجنه[10]. أكثر من ذلك فإن رواية ابن حجر العسقلاني ذكرت بأن واقعة النزول تمت سنة 705 هـ/ 1306 م[11]. ما دلّ على أن ابن بطوطة لم يكن حاضرا عند وقوعها. ولكن هذا الأمر نفسه قد أعطى للحكاية زخما، خاصة أن ابن حجر رواها عن نجم الدين سليمان الطوفي (ت. 716 ه/ 1316 م) أحد تلاميذ ابن تيمية؛ أي من المقربين إليه؛ ما فنّد مزاعم هنري لاوست بكون واقعة النزول مجرد افتراء من ابن بطوطة[12]. من هنا خلص أحد الدارسين إلى القول: «ولما كان المصدر الذي اعتمد عليه ابن حجر في هذه الحادثة شخصا معاصرا لابن تيمية، فأكبر الظن أن ابن بطوطة نقل عنه هذه الرواية وزعم أنه شهد الحادثة المذكورة بنفسه؛ كي يزيد التأثير الدرامي للحكاية التي أوردها»[13]. وبالغ دارس آخر متشيع لابن تيمية بقوله عن رواة حكاية نزول ابن تيمية: «ولما كان بطلان هذه الفرية ظاهر[ا] ظهورا بينا لا يخفى على منصف؛ لم يكن لينقلها إلا الفرد بعد الفرد نقلا متهافتا (…) إلا أن هؤلاء جميعا نقلوها بلا خطام ولا زمام؛ لأن أحدا منهم لم يحكها حكاية الشاهد المعاين، وأكثرهم لم يدرك الشيخ أصلا»[14]. فقد تبين لنا من أن من رواتها الطوفي وابن بطوطة وأبو عبد الله المقري (ت. 759 هـ/ 1258 م)، كما تبين لنا أن أغلب الروايات اللاحقة نقلت عن ابن بطوطة والمقري.
ثالثا ــ صدق ابن بطوطة وكذبه
نتساءل هل أهمية الحكاية تقتصر على معاينة ابن بطوطة لها، أم على وقوعها نفسها؟ أم أن الأمر يتجاوز ذلك كله؟ وتفاعلنا مع ما سبق حققناه من خلال النقطتين المتبقيتين في دراستنا؛ ونبدأ بمسألة صدق ابن بطوطة وكذبه. إن ما أثارنا في هذا الموضوع هو أن رمي ابن بطوطة بالكذب لم يقف حائلا أمام توليه القضاء؛ فلقد أورد ابن الخطيب على لسان أبي البركات البلفيقي: «ودخل [ابن بطوطة] جزيرة الأندلس، فحكى بها أحوال المشرق، وما استفاد من أهله. فكُذّب»[15]. كما ذكر ابن خلدون أن ابن بطوطة «أكثر ما كان يحدث عن دولة صاحب الهند، ويأتي من أحواله بما يستغربه السامعون (…) فتناجى الناس بتكذيبه»[16]. ومع ذلك، فإن تكذيب الناس لابن بطوطة لم يمنعه من تولي قضاء تامسنا[17]، مع العلم أن من شروط تولي القضاء «العدالة، وهي معتبرة في كل ولاية، والعدالة: أن يكون صادق اللهجة ظاهر الأمانة، عفيفا عن المحارم، متوقيا عن المآثم، بعيدا عن الريب»[18]. وقد تم تحليته من قبل أبي الوليد ابن الأحمر (ت. 807 هـ/ 1405 م)، عند حديثه عن مجلس للسلطان أبي عنان (ت. 759 هـ/ 1358 م) حضره ابن بطوطة بالآتي: «شيخنا الفقيه القاضي الخطيب الحاج الكثير الجوْلة بالمشرق والمغرب وجميع البلاد محمد بن بطوطة الطنجي العارف بالتاريخ»[19]. ما عنى لنا أن الاهتمام بالرحلة ينبغي أن يتجاوز مسألة الصدق إلى مسألة دلالة محتوى النص وبالتالي سياق إنتاجه[20]؛ فسواء أَلَقِيَ ابن بطوطة ابن تيمية أم لم يلتق به، وسواء أكان حاضرا لقصة نزول ابن تيمية أم لم يكن حاضرا، فإن هناك أهدافا من وراء إيراد تلك الحكاية؛ فبالمحصلة لم يكن ابن بطوطة وحده مبدع تلك الرحلة، إذ تدخل في صياغة النص غيره، وخصوصا ابن جُزَي، بأمر من السلطان المريني أبي عنان، ما نبّهنا على إمكانية أن يكون نص الرحلة متضمنا لصفحات دعائية للمرينيين، بل إن القارئ للرحلة بتمعن بإمكانه ملاحظة الحضور القوي لثلاثي: الشرف، التصوف، المالكية؛ وكأننا في صلب الدعاية المرينية. فمن جهة كان هناك أمر أبي عنان بالاهتمام بالعلماء والأولياء عند تدوين الرحلة[21]. ومن جهة ثانية أشار ابن جزي إلى عدم تحققه مما رواه ابن بطوطة[22]، في مقابل وصفه بالثقة والصدق[23]. علما أن هناك لبسا في طريقة نقل ابن جزي لكلام ابن بطوطة، فناهيك عما لا حظه بعض الباحثين بأن حكاية ابن بطوطة لرحلته شفاهيا لم تكن خاضعة للترتيب والتنسيق على عكس ما كان مطلوبا من ابن جزي[24]. وقد اقترح بعض الباحثين وجود وسيط/ ناسخ بين ابن بطوطة وابن جزي[25]. ولم نستبعد الأمر لأن ابن جزي ذكر أنه انتهى من تقييد الرحلة في 3 ذي الحجة من عام 756 هـ/ دجنبر 1355 م[26]، ثم عاد في موضع آخر فقال: «ومن أعجب ما شاهدته من حلم مولانا أيده الله، أني منذ قدومي على بابه الكريم في آخر عام ثلاثة وخمسين إلى هذا العهد وهو أوائل عام سبعة وخمسين [وسبعمائة/ يناير 1356 م؟]، لم أشاهد أحدا أمر بقتله»[27] إلخ. ولعل ما قاله ابن جزي في موضع ثالث كفيل بتأكيد ما ذهبنا إليه: «انتهى ما لخصته من تقييد الشيخ أبي عبد الله محمد بن بطوطة»[28]. إضافة إلى كل هذا من المهم استحضار ما تنبه إليه عبد الهادي التازي من احتمال تأثير الظروف الصحية لابن جزي على عمله بحيث كان يسابق الزمن لإنهاء تدوين الرحلة[29] وهو ما جعله يرتكب الكثير من الأخطاء، بما في ذلك حذفه لرحلة ابن بطوطة للشام وبالتالي وجود الرحالة في دمشق سنة 727 هـ/ 1327 م وتعويضها برحلة خيالية لجنوب بلاد فارس[30]. انطلاقا مما سبق لم نرغب في البقاء في مستوى مناقشة أخطاء الرحلة أو كذب ابن بطوطة بل حاولنا تجاوزه إلى معرفة سياق نص الرحلة وبالتالي دلالاته المختلفة.
رابعاــ رهانات المرينيين
تنبّه بعض الدارسين إلى أن نزعة ابن بطوطة الدينية أسهمت في تكييف رحلته[31]، وفي هذا الإطار سجل أحد الباحثين أن مآخذ ابن بطوطة على ابن تيمية كان مرده انحياز الرحالة للمالكية[32]. بالنسبة لنا فالأمر غير متعلق فقط بابن بطوطة، بل برهانات الآمر بتدوين الرحلة أيضا وبدرجة فاقت أهمية رهانات ابن بطوطة، إنها قضية المشروعية والدفاع عن السلطة في وجه أي تهديد محتمل.
لقد أثارنا اهتمام ابن تيمية بالمغرب، من خلال نقاشه لمرشدة ابن تومرت ونقده لها[33]، ورغم انتقاده لزعيم الموحدين فإن سلعته لم تكن نافقة لدى بني مرين، وبالرجوع للمصادر وجدنا أن الرجل نسج علاقة مع بعض أهل سبتة، حيث ذكر ابن عبد الهادي (ت. 744 هـ/ 1346 م) “صاحب العقود الدُرِية في مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية” كتابته لإجازات لأهل سبتة ووصية للتجيبي[34]، والتجيبي المذكور هنا هو القاسم بن يوسف السبتي (ت. 730 هـ/ 1330 م) صاحب “البرنامج” و”مستفاد الرحلة” والذي ذكر في مواضع متفرقة من برنامجه ما أخذه مباشرة من ابن تيمية[35]. وقد خصّ هذا الأخير التجيبي بعناية خاصة[36]. ولكن أخطر ما نسج ابن تيمية من علاقة كانت مع حاكم سبتة نقرأ من كلام الذهبي: «ولما كان معتقلا بالإسكندرية التمس منه صاحب سبتة أن يجيز له مروياته، وينص على أسماء جملة منها، فكتب في عشر ورقات جملة بأسانيدها من حفظه، بحيث يعجز أن يعمل بعضَه أكبرُ محدث»[37]. وكان ذلك في سنة 709 هـ/ 1309-1310 م[38]. وبغض النظر عن دقة هذا التاريخ فإذا كان المقصود أحد الأمراء العزفيين، وهو شيء غير مستبعد لأن العزفيين استأنفوا إمارتهم سنة 710 هـ/ 1311م مع يحيى بن الأمير أبي طالب ابن أبي القاسم[39]، فإن خضوعهم للمرينيين لم يعن نهاية طموحاتهم. أما إذا تعلق الأمر ببني الأحمر حكام غرناطة الذين استولوا على سبتة بعد خلعهم للأمير أبي طالب في 27 شوال سنة 705 ه/ ماي 1306 م[40]، فإن الأمر أشد لأن هذا معناه تحيز ابن تيمية لخصوم المرينيين، وإن كنا أميل إلى أن المعني بالأمر هو الأمير العزفي يحيى بن أبي طالب انطلاقا من إشارة وردت عند ابن الخطيب عنه: «وكتب له بالإجازة طائفة كبيرة من أهل المشرق»[41]. في كلا الحالين فإن المرينيين أحسوا بخطر تحركات ابن تيمية، خاصة أن الرجل ذاع صيته في بلاد المغرب حتى صار ملجأ لبعض مالكية المغرب ليحكم فيما شجر بينهم؛ جاء في تقديم أحد نسّاخ “القاعدة المراكشية”، وهو حسب محققها عاش في القرن 9 هـ/ 15 م، الآتي: «القاعدة المراكشية لشيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن تيمية (…) ألّفها بالديار المصرية في شهور سنة اثنتي عشر وسبعمائة عند حصول التنازع بين طائفة من المغاربة المالكيين الذين سلموها وعظّموها واستصحبوها إلى بلاد المغرب»[42]. وقد أكّد هذا الناسخ انتشار صيت ابن تيمية بالمغرب قائلا: «وكان من غريب اصطناع الله سبحانه لعبده هذا، أنه جعل مقامه ومحنته وانتصاره بالديار المصرية سببا عظيما لانتشار علمه ببلاد المغرب»[43]. كما أشار إلى أن مؤلفات ابن تيمية: «انتقلت من ديار مصر إلى بلاد المغرب على أيدي طلبة العلم والدين، ولا يحضرني عددها لكثرتها، وقد رأيتُ واحدا من أعيانهم وقد استصحب أربعة عشر مصنفا! وأما ما نقل متفرقا فإنه كثير جدا»[44].
ولعل قائلا يتساءل عن أي خطر نتحدث؟ علما أن سبتة شكلت عنصر قلق للمرينيين، كمنافس على المشروعية، دفعتهم لنهج سياسة رامت إفراغ سبتة من أهم أعلام الأدب والدين فيها كما نبهت على ذلك الباحثة بنرمضان[45]. اختصارا للكلام ننقل هنا نصين بالغي الدلالة، الأول كما جاء عند ابن فضل الله العمري: «ثم بعد ذلك تمكن ابن تيمية في الشام حتى صار يحلق الرؤوس، ويضرب الحدود ويأمر بالقطع والقتل، ثم ظهر الشيخ نصر المنبجي، واستولى على أرباب الدولة بالقاهرة، وشاع أمره وانتشر، فقيل لابن تيمية إنه اتحادي وإنه ينصر مذهب ابن العربي، وابن سبعين، فكتب إليه نحو ثلاثمائة سطر ينكِر عليه، فتكلم نصر المنبجي مع قضاة مصر في أمره، وقال: هذا مبتدع، وأخاف على الناس من شره (…) وقال لابن مخلوف: قل للأمراء: إن هذا يخشى على الدولة منه، كما جرى لا بن تومرت في بلاد المغرب»[46]. وفي الدرر الكامنة لابن حجر نقرأ: «ونسبه قوم إلى أنه يسعى في الإمامة الكبرى فإنه كان يلهج بذكر ابن تومرت ويطريه فكان ذلك مؤكدا لطول سجنه»[47]. ومما له كبير دلالة في هذا الإطار إصرار الروايات “المالكية” المتحدثة عن سجن ابن تيمية على إبراز دور الفقهاء المالكية وبالأخص المغاربة في محنة ابن تيمية، وكأنه صراع سياسي مذهبي بين ابن تيمية والمغاربة، من هنا وجدنا بعض المصادر في ترجمتها للفقيهين المعروفين بابني الإمام: عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله أبو زيد بن الإمام وأخوه أبو موسى عيسى التلمسانيان أكدت انطلاقا من كلام المقري: «ناظرا تقي الدين بن تيمية وظهرا عليه، وكان ذلك من أسباب محنته»[48]. مع التأكيد بأنهما: «كانا خصيصين بالسلطان أبي الحسن المريني»[49]. ومن جهته أرجع ابن بطوطة محنة ابن تيمية لفقيه مالكي «يعرف بابن الزهراء»[50]. واقترح الباحث محمد بن عبد العزيز الدباغ تعريف ذلك الفقيه بكونه الفقيه عمر بن علي الورياغلي العثماني شارح الموطأ[51].
خاتمة
ختاما، خلصنا مما قدمنا، أعلاه، إلى أن أهمية نص ابن بطوطة تتجاوز مسألة لقاء ابن بطوطة بابن تيمية إلى تعبيرٍ عن صراع متعدد الأبعاد اختلط فيه الديني بالسياسي، وتنوعت الرهانات السياسية، مما عنى لنا بأن نص ابن بطوطة عن ابن تيمية منخرط في الدعاية المرينية، وكاشف عن توجسات المغاربة من حركة مشرقية تمثّلُوها قادرةً على إعادة تجربة ابن تومرت ولكن بتوابل مشرقية، وكامتداد للموضوع، نقول لعل بعض الوقائع التي جرت بعد زمن أكدت أن تخوفات المرينيين لم تكن بعيدة عن الصواب بالمرة، فقد استطاع بعض تلاميذ ابن تيمية اختراق الحواجز ونجد ذلك واضحا عند أبي القاسم الزياني (ت. 1294 هـ/ 1833 م) الذي روى حكاية لا نعلم مدى صدقها: «ولقد أخبرني أحد طلبة السلطان، سيدي محمد رحمه الله، أنه كان يسرد عليه رحلة ابن بطوطة، وساق كلام ابن تيمية في الاستواء، والنزول، فنزل من محل جلوسه، وقال كنزولي هذا، فقال له السلطان سيدي محمد، اطو ذلك الكتاب وبعه في السوق، وكل بثمنه لحما، هذا رجل كذاب [يعني بذلك ابن بطوطة] من أهل التجسيم كمن نقل عنه، فوالله لو حضر بين يدي لأضربن عنقه، فقد تحقق عنه ما وسمه به أهل الأندلس من الكذب، وسيما إذ هو من أهل البدع»[52].
بقيت في الأخير لدي ملاحظة، فرغم أهمية موضوع ابن بطوطة وابن تيمية لم يحظ هذا الموضوع بأهمية عند مؤلف كتاب “مغامرات ابن بطوطة” واكتفى بذكره في أحد الهوامش[53].
—————————–
[1] – شمس الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله اللواتي بن بطوطة، رحلة ابن بطوطة المسماة تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، الجزء الأول، تحقيق، علي المنتصر الكتاني، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1975، ص. 109-110.
ملاحظة: نبهت بعض طبعات الرحلة على خطأ وقع في اسم الزواوي؛ إذ أن الأمر يتعلق بجمال الدين الزواوي وليس شرف الدين. ينظر: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله اللواتي بن بطوطة الطنجي، رحلة ابن بطوطة المسماة تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، الجزء الأول، تحقيق، عبد الهادي التازي، أكاديمية المملكة المغربية، الرباط، 1997، ص. 316، الهامش 222 من هوامش المحقق.
IBN BATTÛTA, Voyages, 1- De L’Afrique du Nord à la Mecque, traduction, C. Defremery et B. R. Sanguinetti, notes, Stéphane Yerasimos, François Maspero, Paris, 1982, p. 225, note 236.
[2] – عبد العزيز الساوري، «ابن بطوطة: لواتي أم جراوي؟»، المناهل، العدد 60، 2000، ص. 241.
[3] – نفسه، الصفحة نفسها.
[4] – ابن بطوطة، رحلة، ج. 1، تح. الكتاني، ص. 102.
[5] – عبد الهادي التازي، «لقاء الفقيه والرحالة: هل التقى ابن بطوطة بابن تيمية؟»، مجلة العربي، العدد 553، ديسمبر 2004، ص.26-29.
[6] – عبد الهادي التازي، المستدركات على تحقيقي: رحلة ابن بطوطة المسماة تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، وزارة الثقافة المملكة المغربية، مطبعة دار المناهل، الرباط، 2004، ص. 50.
[7] – عبد الله بن عبد الرحمن البراك، «هل التقى ابن تيمية وابن بطوطة: أضواء على مقال د. عبد الهادي التازي»، أتارة: فقه تدبير المعرفة، ص. 14. تم تحميله والاطلاع عليه يوم 13 شتنبر 2022 من الشبكة العنكبوتية.
[8] – ابن بطوطة، رحلة، ج. 1، تح. الكتاني، ص. 109. شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني، الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، الجزء الأول، تحقيق، سالم الكرنكوي، دار الجيل، بيروت، 1993، ص. 154. أبو عبد الله الأنصاري الرصاع، فهرست الرصاع، تحقيق، محمد العنابي، المكتبة العتيقة، تونس، 1967، ص. 154. بدر الدين محمد بن يحيى بن عمر القرافي، توشيح الديباج وحلية الابتهاج، تحقيق، علي عمر، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، 2004، ص. 129 (نقل المؤلف رواية أبي عبد الله محمد بن أحمد المقري ت. 759 هـ). شهاب الدين أحمد بن محمد المقري التلمساني، أزهار الرياض في أخبار عياض، الجزء الخامس، تحقيق، عبد السلام الهراس وسعيد أحمد أعراب، منشورات اللجنة المشتركة لنشر التراث الإسلامي بين حكومة المملكة المغربية وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، مطبعة فضالة، المحمدية، 1980، ص. 11، 12، 16 (نقل الرواية مرة عن ابن بطوطة ومرة عن سلفه أبي عبد الله محمد بن أحمد المقري). أحمد بابا التنبكتي، كفاية المحتاج لمعرفة من ليس في الديباج، الجزء الأول، تحقيق، محمد مطيع، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المملكة المغربية، مطبعة فضالة، المحمدية، 2000، ص. 265. أحمد بابا التنبكتي، نيل الابتهاج بتطريز الديباج، المجلد الأول، تحقيق، علي عمر، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، 2004، ص. 267 (في الكتابين معا أكد المؤلف إثبات ابن بطوطة للواقعة، غير أنه ذكر رواية أبي عبد الله المقري، ومن المرجح أنه نقل كلامه بطوله من كتاب “أزهار الرياض”). عبد الحي الكتاني، فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات، المطبعة الجديدة، [فاس]، 1346 هـ، ص. 201 (أشار إلى رواية ابن بطوطة ورواية أبي عبد الله محمد بن أحمد المقري).
[9] – البراك، «هل التقى ابن تيمية ابن بطوطة»، ص. 9، هامش 3.
[10] – دونالد ب. لتل، «هل كان ابن تيمية به مس من جنون؟»، ترجمة، أحمد محمود إبراهيم، دورية نماء لعلوم الوحي والدراسات الإنسانية، العدد 13، شتاء 2021، ص. 136. تاريخ تحميل المقال والاطلاع عليه من الشبكة العنكبوتية 03 يناير 2022. البراك، «هل التقى ابن تيمية ابن بطوطة»، ص. 22.
[11] – ابن حجر، الدرر، ج. 1، ص. 154.
[12] – لتل، «هل كان ابن تيمية به مس من جنون؟»، ص. 137، هامش 12.
[13] – نفسه، ص. 137.
[14] – البراك، «هل التقى ابن تيمية ابن بطوطة»، ص. 6-7.
[15] ــ لسان الدين أبو عبد الله محمد السلماني ابن الخطيب، الإحاطة في أخبار غرناطة، المجلد الثالث، تحقيق، يوسف علي طويل، دار الكتب العلمية، بيروت، 2003، ص. 206.
[16] ــ عبد الرحمن بن خلدون، مقدمة ابن خلدون، الجزء الثاني، تحقيق، علي عبد الواحد وافي، مكتبة الأسرة، دار نهضة مصر، القاهرة، 2006، ص، 552.
[17] – لسان الدين بن الخطيب السلماني، نفاضة الجراب في علالة الاغتراب، الجزء الثاني، تحقيق، أحمد مختار العبادي، مراجعة، عبد العزيز الأهواني، دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 1985، ص. 137.
[18] ــ أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الماوردي، الأحكام السلطانية والولايات الدينية، تحقيق، عماد زكي البارودي، دار التوفيقية للتراث، القاهرة، 2012، ص. 113. أبو القاسم ابن رضوان المالقي، الشهب اللامعة في السياسة النافعة، تحقيق، علي سامي النشار، دار الثقافة، الدار البيضاء، 1984، ص. 324.
[19] – أبو زيد عبد الرحمن بن محمد الجاديري، شرح البردة، تحقيق، عزيزة أبو عثمان، منشورات الرابطة المحمدية للعلماء، الرباط، 2015، ص. 287.
[20] – من المفيد في هذا الإطار الرجوع لإحدى الدراسات التي تناولت موضوع الطاعون في رحلة ابن بطوطة وأبرزت قيمة نص ابن بطوطة متجاوزة قضية الصدق أو الكذب؛ حيث خلصت صاحبة الدراسة إلى أن رواية الرحلة عن الوباء سواء كانت حكيا حقيقيا للرحالة أو هي الكيفية التي قرر بها “عالِمان” (ابن بطوطة وابن جزي) أن يحكيا الوباء في العالم الذي عاشا فيه، فإنها تبقى مصدرا وثائقيا موثوقا به عن تاريخ “الموت الأسود” في منطقة البحر الأبيض المتوسط العربية وتحفة متفردة ومهمة ليس في الأدب العربي فقط بل في أدب “القرون الوسطى” بالمجمل. ينظر:
CLAUDIA MARIA TRESSO, «A Two-year journey under the arrows of the Black Death; the medieval plague pandemic in Ibn Battuta’s travels», Journal of arabica and islamic studies, December 2021, p. 178.
[21] – ابن بطوطة، رحلة، ج. 1، تح. الكتاني، ص. 26.
[22] – نفسه، ص. 26.
[23] – نفسه، ص. 25.
[24] – محمد ترحيني، «ابن بطوطة»، دراسات عربية: مجلة فكرية اقتصادية اجتماعية، العدد 6 – 7، 1987، ص. 87-88. جزيل عبد الجبار الجومرد، «رحلة ابن بطوطة إلى الموصل بين الحقيقة والتأليف»، الأكاديمية: مجلة أكاديمية المملكة المغربية، العدد 18، 2001، ص. 175-199.
[25] – عبد الفتاح كيليطو، «ابن بطوطة: بين الحركة والسكون»، المناهل، العدد 60، 2000، ص. 171-172.
[26] – ابن بطوطة، رحلة، ج. 2، تح. الكتاني، ص. 802.
[27] – نفسه، ص. 819.
[28] – نفسه، ص. 827.
[29] – التازي، «اكتشاف غير مسبوق»، ص. 75.
[30] – نفسه، ص. 88.
[31] – شاكر خصباك، ابن بطوطة ورحلته، دار الآداب، بيروت، [د.ت]، ص. 20-21.
[32] – علال معݣول، «من طنجة إلى بغداد مع ابن بطوطة في رحلته»، المناهل، عدد 59، 1999، ص. 59.
[33] – أحمد ابن تيمية، مجموع فتاوى، الجزء الحادي عشر، جمع، عبد الحمن بن محمد بن قاسم وابنه محمد، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة المنورة، 2004، ص. 476-491.
[34] – أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الهادي الجماعيلي المقدسي، العقود الدرية في مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، تعليق، محمد حامد الفقي، المكتبة العصرية، صيدا – بيروت، 2005، ص. 62.
[35] – القاسم بن يوسف التجيبي السبتي، برنامج التجيبي، تحقيق، عبد الحفيظ منصور، الدار العربية للكتاب، [ليبيا-تونس]، 1981، ص. 83، 192، 193، 213، 253، 273.
[36] – محمد المنتصر الريسوني، «التجيبي المحدث السبتي بين الرواية والدراية»، مجلة كلية الآداب تطوان، السنة الثالثة، العدد 3، 1989، ص. 350.
[37] – ابن عبد الهادي، العقود الدرية، ص. 107. ابن حجر، الدرر، ج. 1، ص. 158.
[38] – الكتاني، فهرس الفهارس، ص. 109.
[39] – المقري، أزهار الرياض، ج. 2، ص. 377. أبو العباس أحمد بن خالد الناصري، كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، الجزء الثالث، تحقيق، جعفر الناصري ومَحمد الناصري، دار الكتاب، الدار البيضاء، 1997، ص. 113. محمد حجي (المدير المشرف)، معلمة المغرب، الجزء الثامن عشر، الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، مطابع سلا، سلا، 2003، مادة “يحيى بن أبي طالب العزفي”، ص. 6067-6068.
[40] – ابن الخطيب، الإحاطة، مج. 3، ص. 292-293. لسان الدين بن الخطيب، اللمحة البدرية في الدولة النصرية، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت، ط. الثانية، 1978، ص. 66. المقري، أزهار الرياض، ج. 2، ص. 377. أحمد ابن القاضي المكناسي، جذوة الاقتباس في ذكر من حل من الإعلام مدينة فاس، الجزء الثاني، دار المنصور للطباعة والوراقة، الرباط، 1974، ص. 433. الناصري، كتاب الاستقصا، ج. 3، ص. 113. معلمة المغرب، ج. 18، مادة “أبو طالب بن عبد الله العزفي”، ص. 6065-6066.
ZOULIKHA BENRAMDANE, Cueta du XIIIé au XIVé : siècles des lumières d’un ville marocaine, Publication de la Faculté des Lettres et des Sciences Humaines, Mohammedia, 2003, pp. 106-107. HALIMA FERHAT, Sabta des origines au XIVe siècle, Publication de la Faculté des Lettres et des Sciences Humaines, Rabat, 2014, pp. 211-212.
[41] – ابن الخطيب، الإحاطة، مج. 4، ص. 298.
[42] – أبو العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني، القاعدة المراكشية، تحقيق، دغش بن شبيب العجمي، مكتبة أهل الأثر للنشر والتوزيع، الكويت، 2014، ص. 23.
[43] – نفسه، الصفحة نفسها.
[44] – نفسه، الصفحة نفسها.
[45]– BENRAMDANE, Cueta du XIIIé au XIVé, op. cit, p. 287.
[46] – أحمد بن يحيى ابن فضل الله العمري، مسالك الأبصار في ممالك الأمصار (القراء والمحدثون)، تحقيق، عامر النجار، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، 2018، ص. 352.
[47] – ابن حجر، الدرر، ج. 1، ص. 155-156.
[48] – القرافي، توشيح الديباج، ص. 129. التنبكتي، نيل الابتهاج، مج. 1، ص. 267.
[49] – القرافي، توشيح الديباج، ص. 128. التنبكتي، نيل الابتهاج، مج. 1، ص. 266.
[50] – ابن بطوطة، رحلة، ج. 1، تح. الكتاني، ص. 110.
[51] – محمد بن عبد العزيز الدباغ، «جولة مع ابن بطوطة في رحلته»، المناهل، عدد 59، 1999، ص. 134-135.
[52] – أبو القاسم الزياني، الترجمانة الكبرى في أخبار المعمور برا وبحرا، تحقيق، عبد الكريم الفيلالي، دار نشر المعرفة، الرباط، 1991، ص. 582.
[53] – روس إ. دان، مغامرات ابن بطوطة، الرحالة المسلم في القرن الرابع عشر الميلادي، ترجمة، أحمد بوحسن، مراجعة، عبد الأحد السبتي، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، 2020، ص. 236، هامش 239.