- حسن المودن، من قال إن الناقد قد مات؟ ضد بارت، ماكدونالد، مانغينو، منشورات المتوسط، ميلانو، إيطاليا 2024.
حسن المودن جامعي له حضور لافت في الساحات الأدبية النقدية العربية بالمغرب والمشرق، وعلى مدى ربع قرن وبما أصدر من دراسات وكتب ومقالات وقدم من محاضرات ومداخلات، تمحورت حول إشكالية المنهج النفسي في النقد الأدبي، وتطبيقاته في نقد الرواية والقصة القصيرة. وتتميز أعمال حسن المودن الأدبية النقدية بالمواكبة الحثيثة لتطور المنهج النفسي في النقد الأدبي الغربي وخاصة الفرنسي منه، وتتميز من ناحية ثانية بالغزارة والتنوع والتكامل، فبعضها دراسات تاريخية ونظرية تعرف بأصول المنهج النفسي وبأعلام نقاده ككتاب الأدب والتحليل النفسي، وبعضها دراسات تطبيقية تحلل أعمالًا سردية ككتاب الرواية والتحليل النصي قراءات من منظور التحليل النفسي، وكتاب الرواية وشعرية اليتم من محكي اليتم إلى محكي الانتساب العائلي، وبعضها الآخر ترجمات لمؤلفات أجنبية نظرية وتطبيقية ككتاب الأدب والتحليل النفسي لجان بيلمان نويل، وكتاب الرواية البوليسية والتحليل النفسي من قتل روجير أكرويد لبيير بيار. وآخر ما صدر له كتاب من قال إن الناقد قد مات؟ ضد بارت، ماكدونالد، مانغينو.
وتتوزع مواد الكتاب على مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة. وفي المقدمة بيان للضمني في مقولات إشكالية “موت المؤلف” و” موت الناقد ” و ” موت الأدب “، المتداولة في الدراسات الأدبية المعاصرة، والذي يحيل على معنى نهاية مرحلة من مراحل تطور الأدب والنقد وبداية أخرى أكثر مما يحيل على معنى الموت المجازي. وفيها كذلك كشف “للتصور المنهجي الذي تستند إليه –دراسة حسن المودن في الاقتراب من أسئلتها الإشكالية، وفي الاحتجاج على من أعلن موت المؤلف وموت الناقد ونهاية الأدب، فهو تصور نفساني جديد يتمثل في المحلل النفسي والناقد الأدبي الفرنسي المعاصر بيير بيار”.(ص 7) وعلى اعتبار أن “هذا الناقد النفسي بهذا الأسلوب الجديد -الذي يطبق الأدب على التحليل النفسي، ويعيد قراءة فرويد في ضوء كتابات أدبية سابقة عليه ولاحقة له –يقوم باكتشاف الإمكانيات النظرية التي يمكن أن توجد في فعل الكتابة نفسه ويعلمنا كيف نعيد بلذة جديدة اكتشاف هوميروس وسوفوكل وشكسبير وموبسان وهنري جيمس …وغايته من ذلك أن يوضح أن الأدب بمنطقه الخاص لا يكف عن الخلق والإبداع، ويقدم نظريات أخرى قابلة للاكتشاف يمكنها أن تكون أكثر تقدمًا مما يقدمه التحليل النفسي.”(ص9) بل ويقترح طرائق متجددة لقراءة الأعمال الأدبية وبيوغرافيا كتابها. وفي خاتمة المقدمة يقول حسن المودن إن عرضه في هذه المقدمة لبعض أعمال بيير بيار “إشارة مني إلى المنهج النقدي الذي أتبناه وإلى أسلوب التفكير والتحليل الذي أريده أن يميز دراساتي واجتهاداتي”.(ص 10)
ومن هذه المقدمة نستخلص إضاءات لمرحلة حالية ومستقبلية في مسار تطبيقات حسن المودن للمنهج النفسي النقدية ومرجعياتها المتطورة من (لاوعي النص لجان بلمانويل) إلى (تطبيق الأدب على التحليل النفسي لبيير بيار) مرورا بالرواية العائلية (أصول الرواية ورواية الأصول لمارت روبير).
في الفصل الأول، هل مات المؤلف؟ عرف حسن المودن موت الناقد بأنه إجرائيًا هو “أن ننكر المؤلف بوصفه موضوع رؤية، وأن نعمل من الناحية المنهجية على نسيانه وإهماله”.(ص 15) وهو في الممارسة النقدية تجاوز “للنقد البيوغرافي الذي يفترض أن هناك علاقة سببية بين المسار الفردي للمؤلف ومضمون مؤلفاته، وأن حياة الكاتب أو الشاعر تفسر أدبه، وأنه من الممكن الانطلاق من حياة المؤلف من أجل تحليل النص الأدبي وتفسيره”.(ص 16) وبذلك نكون أمام واقع نقدي جديد، “لم يعد [فيه] المؤلف في مركز الاهتمام، بل حل النص محله فانتقل التركيز من العناصر المتعلقة بحياة المؤلف إلى القوانين التي تحكم المحكي أو الدلالات المجازية للقصيدة”. (ص 18) وأشار إلى كتاب فشل بودلير لرونيه لافورج (1931)، وكتاب ماري بونابارت إدغار بو حياته وأعماله(1933) في الآداب الغربية وكتاب محمد النويهي نفسية أبي نواس(1953)، وكتاب عباس محمود العقاد أبو نواس الحسن بن هانئ(1953) في الأدب العربي. وقد قدم هذه الكتب أمثلة للنقد البيوغرافي النفسي. وأوضح حسن المودن أن مقولة موت المؤلف تبلورت في الغرب أواخر ستينيات القرن الماضي بخلفية إيديولوجية مضادة لليبرالية والبورجوازية، وتتوخى علمنة النقد، وهو ما لم يتحقق على مدى خمسة عقود ماضية، مما يسمح بالتالي بالتساؤل عن إمكانيات إعادة المؤلف إلى الحياة وممارسة نقد بيوغرافي بطرائق غير تقليدية.
ولاحظ حسن المودن وجود معالم تبلور تيار نقدي خلال العقود الثلاثة الأخيرة في النقد الأدبي الفرنسي يمثله كامبانيون وجان بلمان نويل في أعماله المتأخرة، ويعمل على “أن تتحقق عودة المؤلف لا بصفته فكرة أو قيمة، بل بصفته حقيقة تاريخية.(ص 21) وحدد مفهوم عودة المؤلف قائلًا: هي “بالتأكيد لن تعني أن أمارس النقد البيوغرافي على الطريقة التقليدية كما هي عند نقاده الكبار “لانصون وسانت بوف”، كما لن أمارس النقد النفسي البيوغرافي بالطريقة نفسها كما عند لافورج أو النويهي أو العقاد، بل أقترح نوعين من النقد البيوغرافي الجديد: الأول هو نقد بيوغرافي نفسي جديد، والثاني نقد الإسناد وإعادة الإسناد”.(ص23)
والنقد البيوغرافي النفسي الجديد نقد يقترحه بيير بيار ويتبناه حسن المودن. و”يتخلص من وهم العلمية مقتنعًا بأن النقد أدب، وعليه أن يقترب أكثر فأكثر من التخييل، وأن يكسر الحدود بين التخييل والتنظير، بل وأن يمارس التخييل بشكل من الأشكال”،(ص 24) محققًا (الدراسة – التخييل Essai – Fiction) وهو يجمع مثلًا بين شخصيتي تولستوي ودوستويفسكي، ويسمي الجمع تولستويفسكي ليدرس أعمالهما متكاملة، لأنهما ينتميان إلى مجتمع واحد وعاشا في عصر واحد وتشربا روحه، ويعتبرهما النقد الأدبي شخصيتين متعارضتين. وهذا الدمج للشخصيتين يصنع شخصية ثالثة بأبعاد متعددة، و”بتصور نفسي مختلف عن التصور الذي وضعه سيجموند فرويد للكائن الإنساني؛ فهذه الشخصية الأدبية الجديدة ‘تولستوفسكي’ غنية بالنماذج المفتوحة التي تقترحها علينا: كل واحد منا هو أشخاص عديدون، وأخذ هذه التعددية بعين الاعتبار هو ما يمكن أن يفتح نافذة على أعماق هذا العالم”.(ص 25 – 26). ويقترح حسن المودن تطبيق هذا التصور في الأدب العربي، ويمثل لذلك بالجمع بين المعري والمتنبي (المعرنبي)، وبين أبي نواس وأبي العتاهية (أبو النواهية)، وبين المعري وبشار بن برد (أبو العلاء بن برد). وفي رأيه أن هذا الجمع يتناسب مع واقع “التعدد في شخصية الإنسان، فالإنسان متعدد في شخصه كما في حياته وليس واحدًا موحدًا، بل هو واحد متعدد يعيش المشاعر المتناقضة والأفكار المتعارضة، أي إنه ليس كائنًا مقسمًا إلى أجزاء منفصلة، بل في داخله عدد من الأشخاص يتحدون أحيانًا ويتصارعون أحيانًا أخرى. فالإنسان ليس مقسمًا بين الخير والشر، بل هو مؤلف من أشخاص ولكل واحد رؤيته للأشياء، وهذا ما نتعلمه من نظرية الشخصيات المتعددة في التحليل النفسي”.(ص 27). وفضلًا عن ذلك، بإمكان هذا الجمع أن ينهض بمهام تربية النشء على قيم “التسامح والانفتاح على الآخر، الآخر في العالم الخارجي والآخر في العالم الداخلي أيضا”. (ص 27)
أما نقد الإسناد وإعادة الإسناد، فيتأسس– حسب المؤلف- “على عكس ما يتوهمه النقد البيوغرافي التقليدي، فنحن لا نعرف الشيء الكثير عن المؤلفين … وعلى سبيل التمثيل ماذا أعرف عن المتنبي (303- 354 ه)؟ هل يستطيع أي باحث اليوم أن يفسر لماذا كان المتنبي بتلك الشخصية التي تسمح له بأن يمدح نفسه في حضرة الحكام والملوك المفروض أنه جاء ليمدحهم …”.(ص 28- 29). ويخلق هذا الواقع هامشًا عريضًا لتخييل تصبح معه “حياة كل شاعر أو كاتب مشروع رواية”.(ص 29)
هذا النقد، في نظر المؤلف، نقد جديد يتأسس، وهو نوع من أنواع النقد التدخلي الذي يستهدف المؤلفين، ومؤسسه هو المحلل النفسي الناقد الفرنسي المعاصر بيير بيار …- ويعتبر هذا النقد – أن كل اسم مؤلف هو رواية، فهو يجذب إليه سلسلة من الصور والتمثلات الفردية والجماعية، وبالنسبة إلى بيير بيار هناك ثلاثة وجوه للمؤلف: المؤلف الواقعي (الشخص الواقعي الفيزيقي)، المؤلف الداخلي (الأنا داخل العمل الأدبي)، والمؤلف المتخيل (أن أبتكر مؤلِّفا للمؤلَّف وهو من نتاج تخييل خالص)”.(ص 30- 32). ومن تطبيقات هذا المنهج أن ننسب مؤَلَّفًا مجهولًا إلى مؤلِّف معلوم أو نسبة مؤَلَّف معلوم المؤلِّف إلى مؤلِّف آخر أولى به أو أن نملأ بالتخييل بياضات في تفاصيل حياة المؤلفين.
وتطبيقًا لهذا النقد في الأدب العربي اختار حسن المودن ألف ليلة وليلة كتابًا في حاجة إلى مؤلف؛ وبالتخييل والافتراض والقرائن نسبها إلى أبي حيان التوحيدي. كما اختار حماد الراوية راوية للشعر وجمّاعًا له “بكفايات غير عادية في تذكر الأشعار وحفظها، في ترتيبها وتصنيفها وتمييزها، وفي استظهار المئات من القصائد الطوال”،(ص 45) وأشعار للشعراء المغمورين ونحل الأشعار ووضعها. ومع ذلك فقد عجز “النقد التقليدي” في رأيه عن تقديم صورة واضحة لشخصيته، وبإمكان “نقد السند والإسناد” أن يتخيلها له.
وتطبيقات حسن المودن لهذا النقد الجديد على الأدب العربي مدعاة لكثير من المراجعات النقدية، ومنها:
1 – أن نعت النقد البيوغرافي العربي بالتقليدي مردود إذا أريد به أنه نقد تراثي أو متجاوز أو قاصر، لأن ما كتب عن شخصيات الأدباء القدماء في العصر الحديث لا يتطابق منهجيًا مع ما كتب الأقدمون عنهم. فالأقدمون يعنون في تراجمهم بنسب الأديب وتكوينه المعرفي وإنتاجه الأدبي وآراء النقاد فيه. أما المعاصرون فنقدهم البيوغرافي، ومند 1914، ومنذ أن ناقش طه حسين أطروحة تجديد ذكرى أبي العلاء، يقوم على دراسة ثالوث الشخصية والعصر والأدب. وبمنهج تاريخي تخصبه الدراسات الأدبية مع تطور الزمن وتراكم الدراسات بمفاهيم مستعارة من العلوم الإنسانية. ويفضي في النهاية إلى تشكيل صور واضحة عن شخصيات الأدباء وأعمالهم الأدبية. وفي مثل هذه الدراسات نقرأ تفسيرًا لظاهرة مزج الفخر الذاتي بالمدح في شعر المتنبي بتضخم الأنا كقول محمد كمال حلمي بك في كتابه أبو الطيب المتنبي حياته وخلقه وشعره وأسلوبه (1921): “لعل أقواله في الفخر وتعاليه على الأمراء كانت نوبة من جنون العظمة والكبرياء Mégalomanie))(1)، ولا يحول ذلك الواقع بين النقاد وبين تطبيق مناهج أخرى جديدة لتقديم بيوغرافيا الأديب وأعماله.
2 – في القول بأننا لا نعرف عن الأدباء القدماء إلا “معلومات متفرقة “تعميم مخل بالحقيقة التاريخية، لأننا نميز في تاريخ الأدب العربي بين مرحلة شفوية، معلوماتنا عن أدبائها شحيحة، وهي مرحلة تمتد من العصر الجاهلي إلى أواخر القرن الثاني الهجري وبداية مرحلة التدوين وجمع التراث، ومرحلة كتابية تبدأ مع أوائل القرن الثالث، وفيها نقرأ كتب التراجم والطبقات كـالشعر والشعراء، لابن قتيبة (ت 274 ه)، وطبقات الشعراء المحدثين لابن المعتز (ت 296ه)، بل نصادف كتب أخبار الشعراء، وهي كتب يفرد الكتاب الواحد لتقديم الشاعر الواحد، ككتاب أخبار أبي تمام، وكتاب أخبار البحتري، لأبي بكر الصولي (ت 337ه). وهناك كتب أخرى خاصة بكبار الأدباء كأبي نواس والمتنبي والمعري، فضلًا عن كتب التراجم والطبقات. وهي مصادر تقدم المعلومات الأساسية عن شخصيات الأدباء وأعمالهم الأدبية. ومن ناحية ثانية فتضارب الآراء حول شخصية حماد الراوية الكوفي مفسر بالتنافس التاريخي بين العلماء الرواة في البصرة والكوفة، وحرص كل عالم منهم على التفرد والتميز بغزارة مروياته وصحتها، وذلك بالتشكيك في علم ومصداقية بعضهم البعض، خاصة وأن العصر الذي عاش فيه حماد الراوية (ت155 ه) كان عصر نهاية المرحلة الشفوية وبداية عصر التدوين. وعصر قيام الدولة العباسية على أنقاض الأموية. وكان هو نفسه من نخبة الدولة الأموية المنهارة لصلاته بخلفائها، وعاش مرحلة قيام الدولة العباسية واكتوي بنار التحالفات والعداوات السياسية(2).
3- اقتراح إدماج شخصيتي أبي نواس وأبي العتاهية وشخصيتي المتنبي وأبي العلاء وشخصيتي بشار وأبي العلاء هو إدماج لشخصيات متشابهة أكثر من أن تكون متعارضة؛ فأبو نواس وأبو العتاهية يزاوجان بين الزهد والمجون، وفي كتاب “أسطورة الزهد عند أبي العتاهية، وكتاب زهديات أبي نواس، وكتاب الزهد بعد المجون مقاربة في شعر الزهد عند أبي نواس، وكتاب الشعر العربي بين الجمود والتطور”(3) شروح لهذه المزاوجة وتعليقات عليها. والمتنبي وأبو العلاء لا يختلفان في استعلائهما على مجتمعهما بدافع عقد نفسية موصوفة في علم النفس كشفتها الدراسات الأدبية العربية. وبشار بن برد وأبو العلاء عاشا في عصرين مختلفين: عصر القرن الثاني وعصر القرن الخامس الهجريين، وهما متحدان في العاهة، متشابهان في اختيار العيش في موازاة مع مجتمعيهما وقيمهما؛ بشار تحدى مجتمعه واتهم بالزندقة وقتل، وأبو العلاء عاش معتزلا خارج مجتمعه رافضًا ومنتقدًا كثيرًا من قيمه. وفي كتاب شخصية بشار، وكتاب تجديد ذكرى أبي العلاء، وكتاب أبو العلاء ناقد المجتمع…كشف لأبعاد متعددة في شخصيتيهما(4).
4– ولم ينجز محمد النويهي وعباس محمود العقاد تشخيصًا طبيًا مرضيًا لشخصية أبي نواس بقدر ما حاولا تفسير طبيعة الأغراض الرئيسية، وهي الخمريات والغزل الشاذ والزهديات والمعاني والصور الشعرية في ديوانه انطلاقًا من نظريات سيكولوجية، لأنهما من نقاد الأدب الذين يوظفون مفاهيم التحليل النفسي في التحليل الأدبي وليسا من السكولوجيين الذين يطبقون نظريات علم النفس والتحليل النفسي في تحليل شخصيات الأدباء وأعمالهم الأدبية “كمصري عبد الحميد حنورة في كتابه طه حسين وسيكولوجية المخالفة وروز ماري شاهين في كتابها قراءات متعددة للشخصية –علم الطباع والأنماط دراسة تطبيقية على شخصيات نجيب محفوظ“(5).
5 – القول بأن أبا حيان التوحيدي مؤلف “ألف ليلة وليلة ” بالافتراضات والتخييل وجهة نظر ذاتية فقط، ويتجاوزها التحليل الموضوعي والذي يلتزم بإجراءات منهج توثيق النصوص القديمة في نقد السند ونقد المتن ووفق قواعد المنهج التاريخي، ويقدم بالتالي لتاريخ الأدب إضافات علمية معرفية(6).
وأخيرًا هذا الإنسان الفرد الذي يقول عنه حسن المودن بأنه يعيش “في داخله عدد من الأشخاص يتحدون أحيانًا ويتصارعون أخرى، وليس مقسمًا بين الخير والشر، بل هو مؤلف من أشخاص ولكل واحد رؤيته للأشياء”. (ص 27) هذا الإنسان الفرد بشخصيات متعددة، ومن منظور مفهوم الشخصية في علم النفس، هل يمثل شخصية مرضية أو شخصية سوية(7)؟
وفي الفصل الثاني، هل مات الناقد؟ حلل حسن المودن ثلاث قضايا رئيسية هي: أدبية النقد أولًا، وتطبيق الأدب على التحليل النفسي ثانيًا، والنقد التدخلي ثالثًا. وفي تحليله لقضية أدبية النقد تساءل عن طبيعة دور النقد الأدبي في الوساطة بين المبدع والمتلقي والوصاية على الإبداع، ولاحظ أن النقد السائد اليوم في الوسائط الاجتماعية يواكب الكتب و”لا يملك أصحابه من المؤهلات الأدبية والمعرفية مثل التي كان يملكها نقاد الصحف والمجلات الكبرى” (ص 52) في عقود سابقة. في حين “يسعى النقد الأكاديمي إلى إنتاج معرفة حول الإنسان ولغته وأدبه، ولا يمكن لتلك المعرفة إلا أن تكون مهمة وخاصة إذا كانت جديدة ومتجددة”. (ص 52). مؤكدا على أن “النقد هو أدب أيضًا”.(ص 52) ونوه بكتاب فلوريان بينانيش شعرية النقد الأدبي، عن النقد بوصفه أدبًا(2019)، و”الفكرة التي يدافع عنها – الكتاب – هي أن النقد جنس من أجناس الأدب، وإذا كنا نتحدث عن شعرية الشعر وشعرية الرواية وشعرية القصة القصيرة وشعرية المسرحية فمن الضروري أن نتحدث عن شعرية النقد الأدبي…وهو يفهم الشعرية على أنها المجال المعرفي الذي تتحدد مهمته في ارتباط بالمقولات العامة المتعالية التي تتحكم بالأعمال الأدبية ومؤلفيها وعصورها. في حين أن مهمة النقد تتعلق بالأعمال الأدبية في فرادتها وخصوصيتها وما ستحاول شعرية النقد توضيحه هو كيف يتشيد النقد دومًا انطلاقًا من العمليات العامة نفسها. فإذا كان النقد يريد أن يكون ذا طابع فرداني فإن شعرية النقد تنزع نحو التعميم وربما نحو الكونية، وبعبارة أخرى، فموضوع شعرية النقد هو طرائق الكتابة التي يمكن أن يستخدمها نص نقدي أي تلك ‘الإمكانات’ التي تكون رهن إشارة الخطاب النقدي والتي على شعريي النقد أن يستكشفوها كما يستكشفها شعريو الرواية والملحمة أو التراجيديا”.(ص 54). على أن يضم أي مؤلف في شعرية الخطاب النقدي “جزأين أساسيين: جزءا خاصا بالشعرية أي التحليل العام للأشكال والطرائق وجزءا خاصا بالنقد”.(ص 55)
وتعليقًا على هذا التصور لطبيعة الكتابات المواكبة نقديًا للإبداعات الأدبية نتساءل: ألم يكن الأليق التمييز، في مجال النقد الأكاديمي أو بعبارة أوسع التخصصي والموازي لنقد الوسائط الاجتماعية، بين أربعة اتجاهات مختلفة في إجراءاتها وأهدافها النقدية؟ وهي: اتجاه النظرية الأدبية النقدية التي تحلل أصول وقواعد وقوانين الأجناس الأدبية. واتجاه تاريخ الأدب الذي يدرس تطور أشكال الكتابات الأدبية في الزمان والمكان. واتجاه النقد الذي يعنى بدراسة فرادة النصوص الأدبية ومكونات أدبيتها وطبيعة التجربة الإنسانية التي تصورها. واتجاه نقد النقد الذي يفكك مكونات الكتابات النقدية محددًا مرجعياتها وإجراءاتها وأهدافها ونتائجها.
وفي تحليل إجراء تطبيق الأدب على التحليل النفسي واعتمادًا على المحلل النفسي والناقد الأدبي الفرنسي بيير بيار وكتابه هل يمكن تطبيق الأدب على التحليل النفسي؟(2004)، قال حسن المودن بوجود “لعديد من الأسباب التي تدعوه إلى مراجعة العلاقة بين – الأدب والتحليل النفسي – ومن أهمها أن النقد الأدبي الذي يطبق التحليل النفسي على الأدب قد أصابه الإفلاس، ويعود السبب في ذلك إلى أن تطبيق التحليل النفسي على الأدب يؤكد النظرية التي تم الانطلاق منها ولا يضيء العمل الأدبي، وبالعكس إذا تم الاعتماد على منهج يقلب الأشياء يكون بإمكان الأدب أن يقول أشياء عديدة للتحليل النفسي”. (ص 57)
ويورد حسن المودن اقتراح بيير بيار “تطبيق الأدب على الأقل في أعماله الكبرى في دراسة الجهاز النفسي، فالأدب – في رأيه – ينتج بطريقته الخاصة مفهومات”(ص 58) توظف الكلمات، و”من أجل أن نجعل من النماذج الأدبية نسقًا منافسًا للنموذج الفرويدي لابد من تحويل الكلمات إلى مفهومات، وهو ما يعني استيلاد التحليل النفسي من الأعمال الأدبية نفسها”. (ص 59)
ويترتب على قلب الأدوار بين الأدب والتحليل النفسي إحداث “تحول في هوية الناقد المحلل النفسي للأدب، فهو لم يعد بذلك الذي ينطلق من معرفة نفسانية جاهزة يطبقها على مختلف النصوص، بل هو الذي يعمل بعد أن يلم بمختلف النظريات النفسانية الموجودة على التحرر من كل معرفة جاهزة، وهذا هو الذي يوسع من قراءاته بطريقة تسمح بتطوير معارفه النفسانية وتجديدها باستمرار وهذا كله هو ما يسمح بالحديث عن المحلل القارئ”.(ص 59) والمحلل القارئ ليس محللاً كاملًا جاهزًا، بل هو صيرورة تبنى على رأي جان فرانسوا شيا نطاريطو بالقراءات المتواصلة المتجددة و”لا يستند إلى معرفة نقدية نفسانية جاهزة، بل إنه يجدد معرفته الأدبية والنفسانية انطلاقًا من قراءاته المتواصلة بالشكل الذي يخلق باستمرار حوارًا داخليًا بين الأدب والتحليل النفسي، بين النص والمنهج والنظرية من أجل فهم متجدد للإنسان ولغته وأدبه”. (ص60)
واعتبر حسن المودن القصة القصيرة وعلى طريقة جاك لاكان مجالًا خصبًا “لبناء حوار بين التحليل النفسي والكتابة القصصية، أي نحو التناوب وتبادل الأدوار، بحيث يمكن أن يجري تطبيق الأدب على التحليل النفسي كما يمكن تطبيق التحليل النفسي على الأدب”. (ص 63) ثم قدم تطبيقًا لهذا المنهج في تحليل القصة الدينية موازنًا بين محكي أوديب وقصة النبي يوسف، ولاحظ أنه و”باعتبار المكانة الكبيرة والخاصة التي تحتلها أسطورة أوديب الممسرحة في التحليل النفسي، وخاصة في نموذجه الفرويدي، فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو ماذا لو كان هناك نص آخر يقول عكس ما يقوله محكي أوديب؟ ماذا لو كان محكي النبي يوسف يقول عكس محكي أوديب؟ ألا يستدعي ذلك أن يعيد التحليل النفسي النظر في مفهوماته وتصوراته وقراءاته”.(ص 63 – 64)
وانتهى تحليل حسن المودن لطبيعة الأحداث وتطورها وتسلسلها والشخصيات وعلاقاتها وتفاعلاتها في “محكي أوديب” و”قصة النبي يوسف” إلى القول إن ثالوث “الطفل والأب والأم”، المؤسس لمحكي أوديب مغاير ومعكوس لثالوث “الطفل والأبوين والإخوة” المؤسس لقصة يوسف. و”أن العلاقة بالأبوين ليست هي العلاقة المركزية في قصة يوسف، وأن هناك علاقة بعنصر آخر هي التي تشكل العقدة الجوهرية التي لم تلتفت إليها الدراسات النفسانية مع أنها يمكن أن تكون أخطر وأكثر أهمية من عقدة أوديب”.(ص 67) وهذا العنصر “في هذا الثالوث الجديد – يتحدد في أن النزاع أو الصراع واقع بين يوسف وإخوته لا بينه وبين أبويه”.(ص 69) كما هو واقع في الثالوث الأوديبي. ويقول حسن المودن: “ومن خلال تحليل هذه القصة الدينية يمكن أن أخلص إلى أن العنف مصدره ليس شيئًا آخر غير الإخوة هؤلاء الذين يرغبون في الشيء نفسه ويتصارعون من أجله وقد يمارسون القتل أو الإبعاد ضد بعضهم البعض”. (ص69) وهذا الشيء هو حب الأب ومصدر الغيرة وسبب العنف.
ويرى المؤلف أن “الدرس الذي يمكن استخلاصه من محكي يوسف أهم وأخطر وأولى من الدرس الذي يمكن استخراجه من محكي أوديب، ذلك لأننا في مسألة الأخوة أمام عقدة أخطر وأهم في تكوين الذات الإنسانية وبنائها النفسي والاجتماعي. فعقدة قابيل تسمح لنا بأن نتجاوز التصور الفرويدي الذي يركز على النمو النفسي – الجنسي القائم على دينامية نفسية داخلية إلى تصور نفسي يحاول أن يؤسس تحليلًا نفسيًا قادرًا على وصف هذا الفضاء العلائقي التفاعلي بين الذوات في فضائها العائلي الاجتماعي المشترك… – لأن وظيفة الأخوة هي – أن تتعلم تدبير العلاقة بين الذات والغير داخل نسق من الروابط الاجتماعية والثقافية والرمزية لما فيه خير الجماعة وصلاحها… وفي الأخوة تستقر تجارب التواصل مع الآخر ويجري اختبار القبول بالآخر، وامتحان الأنا في قدرتها على قبول التقاسم والتبادل والتضامن بعيدًا عن الغيرة والحسد والكراهية، والأخطر من ذلك أنه بروابط الأخوة تتأسس الروابط الاجتماعية وتنتظم، فالجماعة الإنسانية ليست ممكنه إلا بتجاوز أنانيتنا وغيرتنا إلى التماهي مع الآخر ذلك الأخ الشبيه”. (ص 71-72)
يمكن تسجيل ثلاث ملاحظات أساسية على هامش هذا التطبيق:
الأولى: أن إحلال (عقدة قابيل) محل (عقدة أوديب) يقتضي تفكيك التحليل النفسي الفرويدي، لأن عقدة أوديب ركن مكين فيه، ولا يمكن إلغاِؤها أو تعويضها بأخرى فيه إلا بإلغاء التحليل النفسي الفرويدي نفسه جملة وتفصيلًا.
والثانية: أن (عقدة قابيل) أو عقدة الأخوة، عقدة مدروسة ومعروفة في علم النفس. والسؤال المطروح على هذا التطبيق هل نحن في تحليل القصة الدينية بصدد اكتشاف عقدة نفسية جديدة في الشخصية الإنسانية أو اكتشاف العقدة المعروفة في سلوك إخوة يوسف؟ وما الجديد في هذا وذاك؟
والثالثة: في القصة الدينية أو بالأحرى القرآنية يتحقق الإعجاز البياني و”اعتبار ذوي الألباب” بالدرجة الأولى، ويمكن أن تدرس اليوم من حيث تقنيات السرد(8)، ولكنها وبدون الخوض في مناقشتنا لتاريخيتها تبقى في تصنيفات النقد الأدبي قصة بعيدة عن أن تكون نصًا أدبيًا كتبه أديب مبدع ولامس فيه أغوار النفس البشرية، وبمواصفات الأعمال الأدبية العالمية الكبرى كمسرحيات سوفوكل وشكسبير وروايات دوستوفيسكي، والمطلوبة لتجريب إجراء تطبيق الأدب على علم النفس.
وفي تقديم حسن المودن “للنقد التدخلي” قال إنه “نقد جديد، وهو نوع من أنواع النقد مختلف عن أنواع النقد التقليدية السابقة، لأنه لا يسعى إلى بناء معنى عن نص ما أو عن عمل ما، بل إنه يتدخل من أجل تصحيح صورة أو معلومة أو حقيقة”.(ص 73) ومن مؤسسيه بيير بيار الذي أورد تطبيقه لهذا المنهج على نص أوديب لسوفوكل انطلاقًا من “الشك في قدرة أوديب على ارتكاب” جريمة قتل الأب (ص73) وكون “النص الإغريقي يسمح بقراءات أخرى غير التأويل المهيمن). (ص77) وبناء على ملاحظات مستخلصة بقراءات جديدة للنص منها، ووجود حلقات مفقودة في تطور الأحداث، وتباين بين روايات الشخصيات لتفاصيل الأحداث، وتعارض بين مواصفات أوديب الجسدية وما نسب إليه من أفعال، وموقف الشخصيات منه، وشبهات حول تصرف شخصيات رئيسية، وكذب “جوكاست”، الشخصية الرئيسية المتكرر، وتدخلاتها في توجيه الأحداث الأساسية “محاولة قتل طفلها، مقتل زوجها، زواجها بابنها”، واعتبارًا لهذه الملاحظات ولواقع قتل الابن المتعدد في نص المسرحية، والمهيمن في الميثولوجيا الإغريقية “فما يوجد في قلب مسرحية أوديب الملك ليس هو جريمة قتل الأب، بل جريمة قتل الابن”. وخلافًا لفرويد الذي “استطاع من خلال عقدة أوديب أن يبتكر مفهومًا مهمًا جدًا هو مفهوم “التناقض الوجداني”، والذي وضح أن بإمكانك أن تحمل مشاعر متناقضة تجاه الآخرين، وركز على مشاعر الأطفال تجاه الأبوين وخاصة مشاعر الابن تجاه أبيه”. (ص 82) ولاحظ بيير بيار من خلال مسرحية أوديب أن الآباء بدورهم قد يحملون “مشاعر متناقضة تجاه أبنائهم”، وقد يكرهونهم. ولذلك “لابد من توسيع نظرية فرويد إذا كان الأطفال يحملون مشاعر متناقضة تجاه آبائهم، فإن الآباء يحملون هم أيضًا مشاعر متناقضة تجاه أبنائهم، وإذا كانت عند أولئك رغبة في قتل آبائهم فإن عند هؤلاء رغبة في قتل أبنائهم أيضًا. ولابد من إغناء الجهاز المفهومي عند فرويد بأن نضيف إلى عقدة أوديب مفهومًا تكميليًا هو عقدة جوكاست للدلالة على عدوانية الآباء الواعية أو اللاواعي تجاه أبنائهم، أي للدلالة على أن جزءًا مهمًا من حياتنا اللاواعية يمكن أن يوجه ضد أقاربنا وأطفالنا على وجه خاص”. (ص82- 84)
وفي تطبيق آخر “للنقد التدخلي” كشف حسن المودن أبعادًا مجهولة لدى كثير من القراء العرب في كتابات رولان بارت كان فيها ناقدًا أدبيًا نفسانيًا فضلًا عن كونه شعريًا بنيويًا، وأشار إلى علاقة كتابات بارت بجاك لاكان، ووضح كيف اعتمدت كتاباته عن راسين التحليل النفسي الأنثروبولوجي الفرويدي وكيف “أحيا وجهًا لفرويد طمسته الدراسات النفسية البيوغرافية التي كانت تركز على علاقة الأدب بصاحبه”، (ص 83) وتتوخى تشخيصات مرضية طبية، وقال: “إلى بارت يعود الفضل في نفض الغبار عن التحليل النفسي الأنثروبولوجي عند سيجموند فرويد”.(ص83– 84) وقد قدم بذلك وجهًا لفرويد بصورتين “متراكبتين متعالقتين: صورة فرويد الذي قدم أعمالًا تحليلية درس فيها العمل اللغوي أو العمل الأدبي في حد ذاته من دون الرجوع إلى مصدر خارجي بطريقة تجعل تحليلاته أقرب “إلى” التحليل البنيوي، وصورة فرويد الذي قدم دراسات لا تربط بين الإبداع وذات مبدعه معينة “ذات المبدع”، بل تريد أن تربط بين الإبداع والذات الإنسانية من منظور نفساني أنثروبولوجي”. (ص 87) وهو ما حققه في استخلاص (عقدة أوديب) من (نص مسرحية أوديب الملك).
وحدد حسن المودن مقومات منهج رولان بارت النفساني في دراسة مسرحيات راسين الذي قدم تحليلًا “لا يهم راسين مطلقًا، بل إنه تحليل منشغل بالبطل الراسيني. فالأمر يتعلق “بدراسة تتفادى أن تكون استنتاجاتها وليدة ذلك الذهاب من العمل الأدبي إلى المؤلف ومن المؤلف إلى العمل الأدبي”. ويعني ذلك أن بارت يرفض أن يمارس ذلك النقد النفسي البيوغرافي الذي يفسر العمل الأدبي بالصراعات اللاواعية للكاتب أو الشاعر كما يكشفها تاريخ طفولته، ولا يريد لمعالجته في هذه الدراسة أن تكون استنساخًا لمفهوم معين للمعالجة النفسانية التي تهدف إلى اكتشاف عناصر صدمة مكبوتة، وإلى إبراز الصراعات الغريزية، وإلى البحث في العمل الأدبي عن العناصر المسببة للأمراض التي تكشفها بعض المعطيات البيوغرافية، وإلى إقامة علاقة بين المظاهر الباتولوجية “المرضية” لشخصية المبدع وبين محتوى الأثر الأدبي”. (ص 84-85)
وبمراجعة رولان بارت لنصوص تراجيديات راسين الكاملة “إحدى عشرة تراجيدية تسكنها خمسون شخصية”، وبتحليله للنصوص، ولا شيء غير النصوص، “فإننا لن نجد – يقول رولان بارت – إلا وجوه هذه العصبة البدائية وأفعالها، الأب ذلك المالك المطلق لحياة الأبناء والنساء وهن في الوقت نفسه أمهات وأخوات وعشيقات مُشتهيات دومًا، والحصول عليهن نادر، والإخوة وهم أعداء يتصارعون دومًا حول إرث أب ليس ميتًا تمامًا وهو يعود من أجل إنزال العقاب بهم، وأخيرًا الابن المتمزق حد الموت بين إرهاب الأب وبين ضرورة أن يعمل على التخلص من هذا الأب. وفي كلمة واحدة، فإن زنا المحارم وتنافس الإخوة ومقتل الأب وفساد الأبناء، هذه هي الأحداث الأساس في مسرح راسين”.(ص90) ومفهوم العصبة البدائية la horde primitive مفهوم أنثروبولوجي نفسي “متعلق بفرضية فرويد التي تذهب إلى أن حكاية العصبة البدائية هي الحكاية الأولى للحياة النفسية، وأن كل واحد منا يعيد إنتاجها في طفولته”. (ص 90)
وتعليقًا على هذا التحليل كتب حسن المودن “أن بارت لم يذهب بعيدًا في تحليله النفسي الأنثروبولوجي بالطريقة التي تضيء ما يريد أن يقوله راسين، لا عن نفسه ولا عن شخصية من شخصياته التراجيدية، بل عن الإنسان، أي بالطريقة التي تكشف عن الإنسان كما يتصوره راسين في تراجيدياته، خاصة وأن بارت قد أعلن أن ما يهمه هو هذا “الإنسان الراسيني”. وقد نزعم أن بارت لم يستطع التخلص من تأثير فرويد”، (ص 90 – 91) واعتباره الصراع بين الابن والأب أساس الكيان النفسي “عقدة أوديب”. كما أن بارت شأنه شأن فرويد لم يول اهتمامًا يذكر لعقدة الأخوة رغم أنها موضوع أساسي في مسرحية “مأساة طيبة أو الشقيقان” باكورة تراجيديات راسين.
وفي تطبيق ثالث للنقد التدخلي اختار حسن المودن مسرحية هاملت لشكسبير ليوضح “أن الجريمة الأولى والأساس في مسرحية هاملت هي أن الأخ كلاوديوس قتل أخاه هاملت ليستولي على ملكه وزوجته”، (ص 93) ضدًا على المتداول بين المحللين النفسيين، وهو أن قتل الابن للأب هي الجريمة الأساس في المسرحية، وردد قول بيير بيار بأن هذه المسرحية “نص مفتوح ومنفتح على قراءات متعددة …”(ص96)، وبالتالي “فلاشيء يمنع من أن نعود إلى نص اشتغل به محلل نفساني سابق وأن نكتشف فيه حقيقة غير التي ادعاها السابقون، إذ بهذا نحافظ للأدب على طبيعته الجوهرية: أنه قابل للتأويل باستمرار”. (ص 94)
واستعرض حسن المودن قراءات وتأويلات المحلين النفسيين والنقاد كفرويد ولاكان وبيير بيار للجريمة الأولى والأساسية في المسرحية وتبنى “قراءة جون دولوجي الذي يدعم ذهابنا – يقول حسن المودن- إلى أن عقدة الأخوة هي ما يفسر ما حدث في مسرحية هاملت وليس عقدة أوديب، كما تفترض الدراسات النفسانية السابقةّ. (ص98) وتبنى كذلك “قراءة روجي جيرار التي تذهب إلى أن مسرحية هاملت تنتمي إلى تراجيديا الانتقام ويمكن تفسيرها بمفهوم الرغبة المحاكاتية”. (ص 97) وموضوع هذه “الرغبة عند الذات يتحدد بما يملكه ذلك الآخر الأخ” الملْك والزوجة.(ص 99) وهي الدافع إلى القتل ولخص تحليله للمسرحية في القول “على عكس التحليلات النفسية الكبرى التي ترى في مسرحية هاملت صراعًا بين الابن وأبيه، نفترض أن الصراع الأساس في المسرحية هو صراع بين الأخ وأخيه: تبدأ المسرحية بقتل كلاوديوس لأخيه الملك هاملت، لكن الأخ القتيل يعود في شكل شبح ويتواصل مع ابنه هاملت كاشفًا حقيقة الجريمة التي ارتكبها أخوه القاتل، ولأن الشبح لا يمكنه أن ينتقم لنفسه، فإن الابن هو نفسه من سيتولى المهمة بدلا عنه، كأن الابن هاملت قد صار هو نفسه الأب هاملت الذي سيواصل هذا الصراع مع أخيه القاتل، فهو بالتالي صراع بين الإخوة الأعداء أو كأن الصراع بين الابن وعمه ليس إلا صورة أخرى عن ذلك الصراع الأول بين الأخ وأخيه ….وعلى عكس ما تدعيه التحليلات النفسية الكبرى، فمسرحية هاملت لا تستعيد موضوعة مسرحية سوفوكليس وبنيتها الأوديبية، بل هي تستعيد تلك التي نجدها في القصص الديني: قتل الإنسان لأخيه الإنسان”. (ص 100-101) ويقصد عقدة قابيل.
وفي تطبيق رابع للنقد التدخلي قدم حسن المودن خلاصة لمقالة “أن نقرأ نصوص دوسوسير لفرانسوا راستييه” أسهم في ترجمتها ونشرت سنة 2017، وهي في رأيه مقالة تكشف أن “الصورة التي وصلتنا عن دوسوسير انطلاقًا من محاضراته التي جمعها بعض طلبته ليست بالصورة الكاملة الحقيقية، وخاصة بعد اكتشاف نصوص وكتابات أخرى لدوسوسير تقدم صورة أوسع عن لسانياته ودفاتر أخرى لطلبته تعطي صورة أخرى عن محاضراته”. (ص 103) ويقتضي هذا الواقع الجديد في رأيه إعادة قراءة تراث دوسوسير خاصة بعد أفول لسانيات تشومسكي، وهذه “النزعة التجزيئية في تداولية في اللغة العادية”، وفي أفق “إعادة بناء لسانيات دوسوسير في ضوء مخطوطاته وكتاباته التي وقع اكتشافها”. (ص 105)
في تعقيب على ما اصطلح عليه حسن المودن بالنقد التدخلي وما قدم من تطبيقاته، يمكن القول إن مفهومه يحيل على مفهوم القراءة؛ والقراءات بطبيعتها متنوعة بتنوع مناهجها المرجعية والأهداف المتوخاة من إنجازها، وتكون تبعًا لذلك قراءات جديدة بديلة لقراءات أخرى قد تكون شائعة أو قراءات استكشافية تسلط أضواء كاشفة على جوانب مغمورة في الكتابات النقدية والأعمال الأدبية أو قراءات استشرافية توجه الدراسات نحو آفاق جديدة. وفي مواجهة هذا النقد التدخلي وقراءاته يطرح التساؤل بإلحاح حول مصداقية هذه القراءات، ولا بأس من التأكيد على أن تماسك القراءة ومرجعياتها العلمية الموضوعية والإضافات العلمية التي تقدمها هي الضامنة لهذه المصداقية. وتتعزز هذه المصداقية في تطبيقات المنهج النفسي الأدبية النقدية بمؤهلات ناقد أدبي متمكن من علم النفس ونظرياته أو عالم من علماء النفس عارف وبعمق بأصول الأدب وأجناسه.
وفي الفصل الثالث: هل مات الأدب؟ حلل حسن المودن إعلان موت الأدب المهيمن في الكتابات النقدية الغربية منذ منتصف القرن الماضي وحتى اليوم، وبرره بافتقار الكتابات الأدبية الحديثة إلى إبداعية الأعمال الأدبية الكبرى الخالدة، وكذا تخلف النقد عن ابتكار أفكار جديدة مطورة للأدب. وقال: ومع ذلك لا بد من القول إن الأدب لا يموت ولن يموت، وأنه اليوم حي يرزق في فضاءات أخرى أهمها فضاء النقد الأدبي نفسه – وفي – أنواع من النقد الجديد أفترض أنها ستساعد على أن يعود الأدب من جديد إلى الحياة، وبقوة لا تتصور. ومن أهم هذه النقود الجديدة هناك أولًا النقد التلبيسي، وهناك ثانيًا النقد التجويدي”. (ص 109-110)
وقدم حسن المودن كتاب بيير بيار هل كنت لأنقذ جونوفييف ديكسمير؟Aurais-je sauvé Geneviève Dixmer ? (2015) نموذجًا للنقد التلبيسي الذي يحيي الأدب، “وهو كتاب يعيد كتابة رواية ألكسندر دوما Chevalier de Maison-Rouge، بحيث سيحل الناقد محل شخصية في الرواية Maurice Lindey، وسيعمل على أن يعيش المواقف والوضعيات جميعها التي عاشتها هذه الشخصية ليرى إن كان قادرًا على إنقاذ البطلة…إنه مزيج عجيب غريب من العلم والخيال، من النقد والرواية، من التنظير والتخييل”.(ص 110) واستعرض حسن المودن “أهم المشكلات التقنية والسردية والأخلاقية التي تواجه الناقد التدخلي عند قراره الدخول بوصفه شخصية داخل كتاب/رواية، والتلبس بشخصية البطل، والتدخل جزئيًا في تغيير مسار الأحداث”، (ص 110) واعتباره مشاركًا في حبكة الرواية ومستوعبًا لطبيعة شخصياتها والقيم المتحكمة فيها وسياقها التاريخي وما تواجهه من إكراهات أو تطمح إلى تحقيقه من أهداف وآمال. و”يسمي بيار تلك الشخصية التي تنوب عن الناقد التلبيسي داخل عالم الكتاب “الرواية الجديدة “الذي دخلت إليه بالشخصية النائبة ((Personnage –Délégué، هذه الشخصية تحتفظ بكل الخصائص العقلية والنفسية وستتكلم وتتصرف كما أفعل أنا – يقول بيير بيار – بالضبط. وهي ستحل محل بطل الرواية وستواجه ما واجهه هذا البطل وسنرى كيف ستتصرف هذه الشخصية التي تنوب عني أنا الناقد التلبيسي”. (ص112-113) والتدخل في الرواية تجربة نفسية لا مادية، وهو مشروط بالاحتفاظ بمقومات النص الأصلي الأساسية، و”يوضح بيار أن الهدف ليس هو أن يكون هذا الكتاب الجديد بديلًا عن الكتاب الأصل، ولا أن تعوض هذه الرواية الجديدة تلك الرواية الأصلية، بل الفكرة أن أقدم نسخة عن تلك الرواية كما تخيلتها لما كنت مراهقًا”. (ص 113)
أما النقد التجويدي واعتمادًا على تنظيرات بيير بيار له في كتابه كيف نعمل على تجويد أعمال أدبية فاشلة؟ (2000) Comment améliorer les ouvres ratées ?)) فهو نقد يتجه إلى أعمال أدبية أنتجها أدباء كبار تعاني بعض جوانبها من ضعف بإمكان الناقد أن يقترح إدخال تعديلات وتغييرات عليها لتجويدها. ويقول حسن المودن: إن “النقد التجويدي هو نوع من النقد الذي نكتشف من خلاله عنصرين مترابطين: الناقد – الكاتب، فنحن هنا أمام ناقد يحكم على عمل أدبي بالفشل، وفي الوقت نفسه نحن أمام كاتب يعيد كتابة ذلك العمل الذي عده فاشلًا، والنتيجة هي أننا نحصل على ما يسمى نص القارئ، وما يسمح باستيلاد هذا النص هو أنه في داخل سيرورة إبداعية هناك دومًا جزء قابل لإعادة الكتابة”،(ص 116) مؤسسة على “حوار جدلي متواصل” بين القراءة والكتابة ومشروط بتوفر القارئ الناقد على مؤهلات إبداعية. واقتداء بتطبيقات بيير بيار لهذا النقد على أعمال أدباء فرنسيين كبار كموباسان وفولتير وموليير وهيجو، اقترح حسن المودن إجراء تعديلات تجويد على أعمال أدباء عرب كالطيب صالح ومحمد برادة وربيع مبارك.
وعلى العموم، لا شك أن هذا النقد الجديد بنوعيه التلبيسي والتجويدي نقد يوطد علاقة المتلقي بالإبداع أو النص بالقارئ، ويوسع قاعدة تداول القراء للإعمال الأدبية، وبإقبال العديد من القراء عليها ينتعش الأدب أو يستعيد الأدب حياته على حد قول من قال بموته. ويتداخل في هذا النقد الإبداع الأدبي والتحليل النقدي، ونصيب النقد في هذا التمازج وافر ولكنه بطبيعته نقد تطبيقي ذاتي، ويتوقف تقويم فعاليته الأدبية النقدية وضبط إجراءاته على إنجاز تطبيقات متعددة له في الأدب العربي تخلف تراكمات تسعف في تحديد الإضافات الأدبية التي يحققها هذا المنهج، وحتى الآن يبقى هذا النقد الجديد مشروعًا نقديًا يغري بالتجريب.
وخاتمة الكتاب دعوة حسن المودن إلى التوسع في إبداع كتابات تجمع بين التخييل والنقد والتنظير، ومثل لها بمؤلفات لعبد الفتاح كيليطو، ذكر منها أنبؤوني بالرؤيا وهي رواية نقدية (2010)، ووالله إن هذه الحكاية لحكايتي، وموضوعها أبو حيان التوحيدي (2021)، ومن قتل روجيه أكرويد لبيير بيار (1998)، الذي نقله إلى العربية سنة 2015. والذي ذهب إلى إعادة التحقيق البوليسي في وقائع رواية أجاثا كريستي مقتل روجيه أكرويد (1926)، و”وصل من خلال تحقيقه الجديد إلى قاتل جديد غير الذي عينه المحقق الأصلي والمؤلف الأصلي للرواية البوليسية”. (ص 119) ولاحظ حسن المودن “أن الفرضية التي انطلق منها بيير بيار في هذا الكتاب لا تستمد قوتها إلا من كونها تقترح باكتشافها قاتلًا آخر نهاية أخرى للرواية دون أن تخرج عن النص، بل إنها تلتزم بالنص في حرفتيه وكليته، كأنما الأمر يتعلق بإعادة كتابة الرواية من ألفها إلى يائها: رواية بوليسية على رواية بوليسية”.(ص 121) وخلص حسن المودن إلى القول إن من خصائص دراسات بيير بيار التطبيقية أنه “يدرج التخييل داخل كتاباته النقدية ويسائل علمية النقد، أي إنه يدرج التخييل في قلب النظرية الأدبية، ودراساته هي تخييلية نقدية في الوقت نفسه هي من النوع الهجين الفريد من نوعه (دراسة –تخييلEssai – Fiction)، والناقد في هذه الكتابات أشبه بالسارد مما “يسمح بوضع الكتابة النقدية موضع سؤال بعيدًا عن المؤلف تمامًا كما يفعل الناقد حين يفصل بين كاتب الرواية وساردها”. (ص 121 – 122)
وواضح أن دعوة حسن المودن تلك دعوة لإنشاء كتابات تزاوج بين إبداعية الأدب وتحليلية النقد، وتتميز بالحضور القوي لذاتية الكاتب، ودعوة تعلق العمل بالمناهج النقدية المسلحة بمرجعيات نظرية وإجراءات عملية مضبوطة ونزعة موضوعية علمية واضحة.
وفي تعليق عام على هذا الكتاب يمكن القول إنه في جوهره دعوة إلى تطبيق إجراءات نقدية يقترحها بيير بيار في عشرة كتب من مؤلفاته، ويحيل عليها حسن المودن في متن الكتاب وهوامشه. وهذه الكتب هي: 1-هل يمكن تطبيق الأدب على التحليل النفسي؟ 2– من قتل روجي أكرويد؟ 3– كيف نعمل على تجويد أعمال أدبية فاشلة؟ 4 – موبسان بالضبط قبل فرويد. 5 – كيف نتحدث عن كتب لم نقرأها؟ 6– الغد مكتوب. 7 – لغز تولوتوفسكي. 8 – ماذا لو غيرت الأعمال الأدبية مؤلفيها؟ 9– تحقيق عن هاملت، حوار الصم. 10– أوديب، ليس مذنبًا.
وتنتهي تلك الدعوة إلى إعادة النظر في مواصفات الناقد ومفهوم النقد. والناقد في ممارسات بيير بيار وحسن المودن النقدية، أديب مبدع يمكن أن يقدم تأويلات جديدة مخالفة لتأويلات شائعة لنص من النصوص، ويمكن أن يدخل تعديلات على نصوص متداولة يرى في بعض مكوناتها خللًا قابلًا للتصليح والتحسين، ويمكن أن يشكل صورة لأديب لم يعرفها القراء له من قبل، أو ينسب نصًا مجهولَ المؤلِّف إلى مؤلف معلوم، أو يقترح نسبة نص لمؤلف ما إلى آخر يراه أليق به، ويمكن أن يستنبط من النصوص وبقراءات وتأويلات سيكولوجية معطيات جديدة غير ملحوظة من لدن قرائها.
وهذا النقد يوسع مدى ذاتية الناقد في الممارسة النقدية وعلى حساب موضوعيته، لأنه تخييل وتأويل وافتراض أكثر من أن يكون تفكيكًا وتحليلًا واستنتاجًا، وبإجراءات نقدية محددة، ومع هذه المقترحات المنهجية يعلق العمل بالمناهج النقدية الحديثة بكل مرجعيتها النظرية وإجراءاتها الموضوعية ونزعتها العلمية.
وتخلف مراجعاتنا لهذا النقد في ظل محدودية تطبيقاته في قديم الأدب العربي وحديثه سؤالًا مشروعًا حول فعاليته، وفي انتظار حصول تراكم كاف للتطبيقات لرصد تلك الفعالية ليس لنقد النقد الآن إلا أن يؤجل الجواب عن هذا السؤال.
—————
هوامش
[1]) – محمد كمال حلمي بك، أبو الطيب المتنبي حياته وخلقه وشعره وأسلوبه، ط 2، مكتبة سعد الدين دمشق 1986، ص. 39 -40.ط 1، مكتبة ومطبعة الشباب القاهرة،1921.
– محمد البوري، تجليات المنهج النفسي في نقد الشعر العباسي بمصر، ط1، مطبعة بني ازناسن، سلا، 2013، ص. 343 وما بعدها.
2) – عبد العزيز جسوس، نقد الشعر عند العرب في الطور الشفوي، مطبعة تنميل، مراكش، 1995، ص 156- 161.
– ناصر الدين الأسد، مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية، سلسلة الدراسات الأدبية، عدد ،1 ط 4، دار المعارف بمصر، 1969، ص 438 – 450.
3) – محمد عبد العزيز الكفراوي، الشعر العربي بين الجمود والتطور، ط 4، دار نهضة مصر للطبع والنشر، القاهرة، 1969، ص101 -107.
– محمد عبد العزيز الكفراوي، أسطورة الزهد عند أبي العتاهية، دار نهضة مصر للطبع والنشر، القاهرة، 1972.
– علي أحمد الزبيدي، زهديات أبي نواس، القاهرة، 1959.
– علي عواد عبد الله، الزهد بعد المجون مقاربة في شعر الزهد عند أبي نواس، دار نون للطباعة والنشر والتوزيع، بغداد، 2018.
4) – محمد النويهي، شخصية بشار، طبعة مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1951.
– طه حسين، تجديد ذكرى أبي العلاء، دار المعارف، القاهرة، 1963، ص. 159 و232 وما بعدهما.
– زكي المحاسني، أبو العلاء ناقد المجتمع، دار الفكر العربي القاهرة، 1947.
– محمد البوري، تجليات المنهج النفسي في نقد الشعر العباسي بمصر، ط 1، مطبعة بني ازناسن، سلا، 2013، ص. 30. وص. 537 وما بعدهما.
5) – مصري عبد الحميد حنورة، طه حسين وسيكولوجية المخالفة، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 2006.
– روز ماري شاهين، قراءات متعددة للشخصية، علم الطباع والأنماط دراسة تطبيقية على شخصيات نجيب محفوظ، دار الهلال للطباعة والنشر، بيروت، 1995.
6) – النقد التاريخي [المدخل إلى الدراسات التاريخية / نقد النص / التاريخ العام]، نصوص ترجمها عبد الرحمن بدوي، دار النهضة العربية، القاهرة، 1963.
– الدكتور حسن عثمان، منهج البحث التاريخي، دار المعار بمصر، 1965.
– حمزة حسان الأعرجي، من نماذج هذه التحليلات: دراسة تاريخ ألف ليلة وليلة، دار الوراق للنشر، لندن- بيروت، 2011.
7) – اُنظر الدكتور يوسف مراد، مبادئ علم النفس العام، منشورات جماعة علم النفس التكاملي (تعدد الشخصيات)، دار المعرف بمصر، 1966، ص 400-401.
8) – أنظر نماذج من هذه التحليلات لقصة يوسف في كتاب مناهج السرديات والسرديات العربية، لمحمد جاسم جبارة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2022، ص. 219 – 235.
– سعيد بنكراد، السرد الديني والتجربة الوجودية، المركز الثقافي للكتاب للنشر والتوزيع، الدار البيضاء، المغرب، 2024، ص115-154.