الجمعة , 24 يناير, 2025
إخبــارات
الرئيسية » إخبــــارات » عبد الكبير الخطيبي 11فبراير 1938 / 16مارس 2009

عبد الكبير الخطيبي 11فبراير 1938 / 16مارس 2009

في آخر نشاط حي شارك فيه الخطيبي بالمغرب قبيل وفاته يوم 16 مارس 2009، والذي لم يكن سوى ذلك الحوار المنفتح والممتد على خمس جلسات مع/ رفقة الفيلسوف الأمريكي سامويل ويبر، أعاد التذكير بمساره العلمي الأول في باريس، يوم اختار أن يحضّر إجازة في علم الاجتماع، إلا أنه وجد نفسه مقبلا على حقول معرفية متعددة مثل علم النفس، والفلسفة، والأنثروبولوجيا والتي كان لها تأثيرها وجاذبيتها وقت ذاك، الأمر الذي كان له الأثر البالغ على كتاباته التي تتداخل فيها التخصصات والأجناس والأساليب، مما جعل الكثير من قراءه يعدونه مثقفا “غير معرّف” (non identifié)، عصيا على التصنيف. فهو بالنسبة للبعض منهم سوسيولوجي، وفيلسوف بالنسبة لفئة ثانية، وعالم سياسة بالنسبة لمجموعة رابعة…

لقد كان مثقفا متعددا ، لذا فلا غرابة أن يتلقاه جمهور قرائه بنفس التعدد والاختلاف، لقد كان الخطيبي كل تلك الأشياء مجتمعة ولكنه -وهذا هو الرائع والأجمل في الرجل- كان مقتنعا أن يكون دائما نفسه . لقد شكل السفر الدائم بين العلوم المختلفة والإبداعات الإنسانية المتعددة عبر الجغرافيات المتباينة مفتاحا لفهم شخصية عبد الكبير الخطيبي “محترف السفر” باعتباره الأداة التي يحقق من خلالها التموقع خارج ذاته من جهة، والنظر إليها من وجهة نظر الآخر من جهة ثانية، مع ممارسة ل “نقد مزدوج” للأنا والآخر في نفس الوقت انطلاقا من “فكر ملموس للاختلاف” يتعاطى نقديا مع ما تم كبته من طرف الميتافيزيقا الغربية والميتافيزيقا الشرقية، وشدد على مقاربة الأنا من خلال الآخر. وفي هذا السياق تبنى الخطيبي في كتاباته اللغة الفرنسية – لغة الآخر- ووظفها كصيرورة استعارية تنسلّ من خلالها الذات إلى فضاءات وأزمنة إنسانية أخرى أثرت فكره ووجدانه وأغنت شخصيته…

فاللغة عند الخطيبي ليست مجرد وسيلة للتعبير، وإنما هي أيضا أداة إيديولوجية قوية تحمل في طياتها مجموعة من آليات الهيمنة. ومن تم فقد وظف الخطيبي لغة الآخر هاته من أجل تفكيك المركزية الفكرية الغربية والفكر الأحادي المطلق كيفما كان، وخلخلة الخطاب المبني على وهم النقاء أو الطهارة أو ما يسميه “التعصب التطهيري”. وباعتباره مثقفا للاختلاف فإن فكره يتوفر عل تقاطعات هامة مع مثقفي الاختلاف مثل نيتشه، وهايدجر، وبلانشو، ودريدا. لكنه وكما يقول،كان حريصا دوما على تأطير “أسلوب تفكير” هؤلاء و”استراتيجيات وآليات حربهم” من أجل معارك ذات خصوصيات ثقافية تستدعي “فكرا ملموسا للاختلاف”. ونجد هذه الممارسة في كتاباته عن الصهيونية وعن الجسد والوشم، والزربية، والهوية المغربية المتعددة، والأدب، والفن، والسياسة ، والعولمة، إلخ…

وقد حظي الخطيبي باهتمام كبير في المغرب وخارجه وحصل على مجموعة من الجوائز منها جائزة الأدب للدورة الثانية لمهرجان لازيو أوربا والمتوسط، وجائزة الربيع العظيم للجمعية الفرنسية -رجال الأدب- لأعماله الكاملة.

وقد جمع الخطيبي أهم هذه الأعمال وأصدرها في سنة 2008 – أي سنة قبل وفاته- في ثلاثة مجلدات عن دار النشر الباريسية -La différence- الاختلاف.

يقع المجلد الأول في 720 صفحة ويحمل عنوان Romans et récits. ومن ضمن الأعمال التي يحويها هذا المجلد:

- La mémoire tatouée.
- Le livre du sang.
- Amour bilingue .
- Un été à Stockholm. – Féerie d’un mutant.

ويقع المجلد الثاني في 318 صفحة ويحمل عنوان Poésie de l’Aimance ومن ضمن الأعمال التي يحتويها نجد:

- Le lutteur de classe à la manière taoїste. – L’aimance et l’invention de l’idiome.
- Variations sur l’amitié.
- Quatuor poétique.
- Le prophète invité.

ويقع المجلد الثالث في 348 صفحة ويضم أعمالا مثل:

- Essais sur l’Islam.
- Le corps oriental.
- Surimpositions d’identités.
- De l’art.

هذه كلمات مختصرة عن مسار حياة طويل، معقد ومتشابك يصعب اختصاره، ويكفي القول إن أجيالا من المثقفين تحمل في فكرها ووجدانها شيئا – يقل أو يكثر- من فكر عبد الكبير الخطيبي.

- الطيب بلغازي

أستاذ الأدب الإنكليزي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط

أضف ردا

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.