Paulo Vicente, A Violência na Cronistica sobre Marrocos nos séculos XV a XVI, Câmara Municipal de Lagos, 2009
في تقديم المؤلف للكتاب يحدد موضوعه في الفترة الأولى من التوسع البرتغالي التي تبدأ من احتلال سبتة إلى وقعة المعمورة، ويرى أن الحوليات التي كتبت عن التوسع البرتغالي في المغرب تركز على البطولات والخوارق والتمجيد، ولكنها تضم في ثناياها الكثير من المعطيات التي تسمح بمقاربة موضوع العنف الذي لا يتم التطرق إليه بصفة خاصة وبرؤية موحدة، كظاهرة اجتماعية، ولكنه يأتي عرضا كعنصر يظهر بشكل غير كامل وغير محدد بجانب تقديرات عن الحرب والسلم، وكمعطى متبادل يثير ردود فعل من الآخرين ومن أصحاب الحوليات. وهو موضوع لم يدرس سابقا في البرتغال، بالمقارنة مع الحيز المخصص للتاريخ السياسي والاقتصادي والعسكري. إنه تاريخ يدخل في مجال تاريخ العقليات، الذي لم يحقق تراكمات في الفترة الوسيطية والحديثة من تاريخ البرتغال.
اختار المؤلف مجموعة من الحوليات المتعلقة بالفترة المحددة في الكتاب، وأجرى عليها دراسة تحليلية. وقد قسم دراسته إلى خمسة فصول، تحدث في الأول عن الهدف والإشكالية الهيستوريوغرافية، أشار فيه إلى الكم الكبير من الدراسات السابقة التي تطرقت إلى الفترة وإلى الاكتشافات البرتغالية والتوسع البرتغالي في المغرب، وتركيزها على الأحداث، واعتمادها على الحوليات، بدون القيام بتحليل عميق لمضامينها أو البحث عن مواضيع خارج التاريخ السياسي العام.
وتتبع بعض الدراسات الأخرى التي ركزت على الجوانب الاجتماعية والفكرية والمجالات المرتبطة بالحياة اليومية للناس، ومنها دراسات نظرية لتأطير البحث وأخرى تطبيقية تتعلق بمواضيع خارج تاريخ البرتغاليين في المغرب وخارج الفترة المدروسة. ومن بينها موضوع العنف. وفي الفصل الثاني تحدث عن الحوليات وظروف إنتاجها، ويتعلق الأمر بأزيد من عشر حوليات، ومعظمها كتبت بعد فترة طويلة تتجاوز أحيانا القرن بعد وقوع أحداثها. وقد استعرض في هذا الفصل الحوليات المدروسة والظروف التي تم فيها تأليفها، والمواضيع التي استأثرت باهتمام أصحابها، والمفهوم غير “المتفق عليه” الذي أعطوه للعنف، في ظل ظروف استثنائية بالمراكز المحتلة، يسمح فيها للحكام البرتغاليين بالغلو في العقاب والتعامل مع الأعداء والمخالفين للقانون من داخل البرتغاليين أنفسهم. وفي الفصل الثالث، يتحدث عن أنواع العنف وجغرافيته. وتطرق فيه إلى مفهوم العنف وصعوبة الاتفاق على مفهوم موحد، لأن كل مؤلف يلحق مصطلح العنف بمفهوم مبني على تصورات وسياقات تاريخية وثقافية مختلفة، مما يعطي له نوعا من الغنى.
واستعرض المؤلف الدراسات التي تطرقت إلى مفهوم العنف بشكل عام أو تلك التي وظفته في إطار دراسات تاريخية، وصنفته إلى عنف رسمي وعنف مصاحب للحياة اليومية للناس. وبالنسبة للحوليات فإن العنف يتخذ طابعا خاصا بحكم أن المراكز المحتلة مفتوحة دائما على الصراع مع المسلمين، والعنف يتغذى بشحنة دينية نحو العدو، ويشارك فيه الجميع وحتى الرهبان. ولكن في المقابل هناك العنف الذي يصبغ الحياة اليومية لسكانها. كما أن العنف الذي تتحدث عنه الحوليات، ليس بالضرورة بنفس الحدة المعبر عنها فيها. ويطعم الكاتب ذلك بأمثلة متعددة من الحوليات المدروسة، كما يتطرق في نفس الفصل إلى مجال العنف، وهو بالطبع التراب المغربي على اختلاف بين المراكز المحتلة في الشمال ونظيرتها في الجنوب. والعنف مرتبط بالغزوات والحروب التي يشنها الجانبان المغربي والبرتغالي في أخذ ورد مرتبطين بقوة السلطة المغربية وضعفها وتفرقتها، في البر والبحر. والفصل الرابع بعنوان: من المعايير إلى التطبيقات اليومية. تطرق فيه إلى القوانين الجاري بهاالعمل في المجال المغربي وتطبيقها. هل كان لدى البرتغاليين إحساس بالعنف أم أن العنف كان مقبولا اجتماعيا. وهل العنف الذي تم وصفه في الحوليات هو العنف المعاش فعلا، وبالتالي هل تعبر عن جزء كبير من العنف الواقع. وفي الفصل الخامس: مسرح الحرب. يعالج بعض الأفكار مثل حالة الحرب المستمرة والمتجددة في تأجيج العنف، وإضفاء قيم الشرف والدين على العنف، من خلال دراسته للقيم والقوانين التي تحدد السلوك عند المحارب. والمحفزات التي تبرر تصرفاته في ساحة الوغى.