رضوان ضاوي، تمثلات الثقافة المغربية في المؤلفات السويسرية والألمانية من1830 إلى 1911. (دراسة مقارنة)، منشورات مجلس الجالية المغربية بالخارج، الرباط، 2019.
عرفت الجامعة المغربية اهتماماً كبيراً بما كتبه الرحّالة والمستشرقون والمغامرون والدبلوماسيّون والعسكريّون باللغات الأجنبية، خاصّة الفرنسية والإنجليزية، في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، في حين أهملت هذه الدراسات ما ألّفه المستشرقون والرحّالة الذين ينتمون إلى الدول الناطقة باللغة الألمانية، أي سويسرا وألمانيا والنمسا، وهي مؤلّفات كثيرة ومهّمة ومتوفرّة في المكتبات الألمانية والنمساوية والسويسرية وحتى المكتبات الفرنسية، كما يوجد الكثير من تلك النصوص في المكتبة الوطنية للملكة المغربية بالرباط.

وقد جاءت الدراسة التي أصدرها رضوان ضاوي، المتخصص في الدراسات الألمانية والثقافية المقارنة، لتساهم في تدارك الإهمال الذي أشرنا إليه. ويمكن توزيع فصول هذه الدراسة الثمانية على ثلاثة أقسام كالتالي:
يشمل القسم النظري كلّا من الفصل الأول والثاني والثالث. ففي الفصل الأول تطرّق الباحث إلى مجالات بحث الألمان في الثقافة من خلال ثلاث آليات هي: التلقيّات وتاريخ الأفكار، والاستشراق وتعدد القراءات، ومفهوم الثقافة. أمّا الفصل الثاني فقد عالج فيه الباحث البعد التاريخي للمؤلّفات الألمانية المكتوبة عن المغرب، من خلال العلاقة التاريخية الموجودة بين المغرب وألمانيا، واحتلال الجزائر من طرف فرنسا، وبالتالي احتدام الصراع بين ألمانيا وفرنسا على منطقة شمال إفريقيا. ثم انتقل الباحث للحديث عن دوافع سفر الألمان إلى المغرب باعتباره جزءاً من الشرق مع إبراز أهمية الثالوث الثقافي- التاريخي- الجغرافي: المغرب، والشرق، وشمال إفريقيا، في تحفيز الألمان على السفر إلى بلاد المغرب الأقصى. وجاء الفصل الثالث بوصفه تأطيراً فكريّا لتلك العلاقة الثقافية المغربية الألمانية، بعد معالجته للإطار التاريخي المؤثث للرحلة الألمانية إلى المغرب في الفصل الثان، والذي لعب دوراً حاسماً في بلورة فكرة السفر عند الألمان؛ مثل ثقافة الترحال وأهمية الفلسفة الألمانية ودورها في فهم الآخر، والدور الذي لعبته الترجمة في ترجمة الثقافة من خلال أعمال المفكرّين الألمان مثل جوته وهردر وشلايرماخر، وتداخل الفكر الإمبريالي مع ثقافة السفر إلى المغرب والاهتمام بالثقافة المغربية.
ثم جاء القسم الثاني، وهو بمثابة الجزء التطبيقي الأول من هذا الكتاب، ويضم الفصل الرابع والخامس والسادس. خصّص الباحث الفصل الرابع لتلقّي الكتابات الألمانية في البلدان المغاربيّة، فقدّم قراءة جادّة في دراسات مغاربية لتمثلات الجزائر وتونس والمغرب في الكتابات باللغة الألمانية في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، من خلال ثلاثة محاور: التلقي الجزائري (نموذج رفيق سليمان نيبيا)، والتلقي التونسي (نموذج منير فندري) والتلقي المغربي (نموذج خالد لزعر). وتتبّع الباحث في هذه الدراسات الثلاث الغاية من إنجازها، وبعض صوّر الطبيعة والإنسان المغاربيين التي وردت فيها، ودوافع السفر ومضمون أدب الرحلة والقيمة التوثيقية والأدبية كما رآها الدّارسون المغاربيّون. بينما كرّس الباحث الفصل الخامس لدراسة الفضاء المغربي، فحاول تبيان تمثّلات الرحّالة الألمان للفضاء المغربي من خلال تتبع أبرز عناصره في النصوص الألمانية؛ وهي فضاء البادية وفضاء السوق وفضاء المدينة. وعالج الباحث في هذا الفصل الحضور الثقافي والإثنوغرافي لأهم الأجناس الموجودة في المغرب في الكتابات الألمانية، وهي المغاربة، والأمازيغ، واليهود، والزنوج، والمرأة المغربية. إضافة إلى ذلك، عمل الباحث على تقديم ملامح عن الحياة العلمية والدينية عند المغاربة، والإحاطة ببعض العادات والتقاليد المغربية.
ويضم القسم الثالث، وهو أيضاً قسم تطبيقي، الفصل السابع والثامن. خصّص الباحث هذين الفصلين للتجربة الفريدة في الرحلة إلى المغرب، وهي الرحلة السويسرية. ففي الفصل السابع تتبع المؤلّف رحلة الرسّام السويسري فرانتس بوكسر (1828-1890) إلى فاس انطلاقاً من طنجة. واجتهد معظم الرحّالة الأوروبيين في زيارة فاس. واهتم معظم الرحالين الأوروبيين بالمدن المغربية الرئيسة مثل فاس التي ترمز إلى المدينة المشرقية الإسلامية(1). وقد تناول بوكسر بالمقارنة الآليات والظروف التي أنتجت تجربة سويسرية قال عنها المؤلف إنه بالإمكان إدراجها ضمن أدب الرحلات إذا اقتصرنا فقط على التوثيق النصّي لرحلة بوكسر، وضمن الفنّ الاستشرافي إذا درسنا لوحات الفنّان بوكسر التي صوّر فيها ملامح من الأوجه الثقافية والإثنوغرافية للمغرب. وتم تكريس الفصل الثامن والأخير من هذا الكتاب لتمثلات المغرب بعيون الأديبة والرحّالة السويسرية جريته آور (1897-1905)؛ وهي تجربة فريدة لأوّل امرأة تنتمي إلى المجال الناطق بالألمانية تزور المغرب وتقيم فيه وتكتب عنه. ونادراً ما تطرّق الدّارسون لأدب الرحلة للتجارب النسوية في هذا المجال، حيث أوضح الباحث أن الدّارسين لأدب الرحلة والاستشراق لم يتعرّضوا من قبل لأعمالها بالدراسة بعد.
يمثل الفصل السابع والثامن جوهر الدراسة التطبيقية لرؤى الرحّالة والمستشرقين القادمين من المجال الثقافي الناطق باللّغة الألمانية؛ أي السويسري، مما يجعل هذه الدراسة مهمّة للباحثين في مجال الدراسات الثقافية المقارنة.
تكمن أهميّة هذه الدراسة في سعي الباحث إلى إدراك ماهيّة المؤلّفات الاستشرافية الناطقة باللغة الألمانية التي أنجزها باحثون ومستشرقون ينتمون إلى ألمانيا وإلى سويسرا وإلى النمسا. ويكتب الباحث ضاوي بأنّ الفصل السابع والثامن جاءا ليضيفا بعداً إثنوغرافيّاً وثقافيّاً جديداً، لم يتطرق له بعد أيّ باحث، وهو تجربة الرحّالة السويسريين إلى المغرب. ولا ترجع أهمية وجدّة هذه التجربة السويسرية لحياد سويسرا في الصراع الغربي على المستعمرات في شمال إفريقيا فقط، ولكن أيضاً لأن الأمر يتعلّق بتجربة رسّام سويسري هو فرانتس بوكسر، وبتجربة نسوية للأديبة السويسرية جريته آور.
يمثل هذا الكتاب دراسة لأهم القضايا الثقافية التي تعرض في مؤلّفات الرحّالة والمستشرقين السويسريين والألمان والنمساويين، من خلال تتبع نماذج التفكير الثقافية والتاريخية التي اهتمّ بها السويسريون والألمان في مؤلفاتهم، وهي البعد الجغرافي الطبيعي، والتفسير الفكري المتخيّل للثقافة المغربيّة. وقد عمل الباحث على إضاءة مظاهر تنوّع اللقاء الثقافي بين المجال الثقافي السويسري-الألماني والمجال الثقافي المغرب-المغاربي، مستعيناً بالدراسة المقارنة وبنظرية التلقي. فهدف هذه الدراسة، وفق الكاتب، هو إقامة حوار علمي ثقافي بين الثقافتين، وعلى هذا الأساس، يخلُص البحث إلى أنّ صورة “المغرب المشرقي” الرومانسيّة عرفت تحولات كبيرة، حيث لعب سفر هؤلاء الرحّالة دوراً كبيراً في تطوّر كتاباتهم الرومانسيّة إلى الواقعيّة، وربما في تصحيح أحكامهم السابقة. وقد جاء في الكتاب أن ثقافة “ما بعد الاستعمار” و”الدراسات المقارنة”، اتّخذت أبعاداً جديدة تجلّت في الاهتمام بالتاريخ الثقافي والسياسي والاقتصادي والإثنوغرافي للمغرب، ضمن مرحلة تاريخية مهمة، هي الفترة بين 1830 و1919، مما يجعل تلك النصوص والدراسات السويسرية والألمانية والنمساوية وثائق غاية في الأهمية في فترة حاسمة في تاريخ المنطقة الشمال-إفريقية.(2)
استهدف هذا البحث الجمهور العربي رغم اشتغال الباحث على نصوص تجمع بينها اللغة الألمانية والسيّاق الألماني والثقافة الألمانية-الأوروبية، والهمّ المشترك لمؤلفي هذه الكتابات هو الالتقاء بثقافة الأجنبي الغريب. وهذا مهمّ جدّاً، لأنّها نصوص توثّق تاريخ المنطقة وماضيها بعيون سويسريّة وألمانية ونمساوية، وتدرس صورة المغرب والمغاربة الثقافيّة في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، والتي لم تحظ لحد الآن بدراسات أكاديمية كثيرة باللغة العربيّة. بالتالي فإن هذه الدراسة تقدّم لنا المعرفة العلمية عن المغرب، العابرة للحدود والعابر للتخصصات، نظراً لما تحويه من مخزون ثقافي وتاريخي وفكري يهمّ عالمنا المغربي والمغاربي.
استعانت هذه الدراسة بالعديد من المؤلفات لرحّالة ومستشرقين هامين ومشهورين بكتاباتهم عن ليبيا والجزائر وتونس والمغرب، نذكر منهم من سويسرا الرّسام والمغامر السويسري فرانتس بوكسر (Franz Buchser 1828-1890): “رحلة إلى المغرب المظلم”، (1858)، والأديبة السويسرية جريته آور :(Auer, Grethe 1871-1940) “حين نظرت إلى حياتي… فيينا، برن، المغرب، برلين. ذكريات”(1995)، ومن النمسا: الجنرال والرحّالة النمساوي فرديناند فون أوغسطين (Ferdinand von Augustin) ” ذكريات من المغرب” (1838). أمّا من ألمانيا فنذكر المستشرق الألماني هاينريش فون مالتسان (Heinrich von Maltzan 1826-1874): “ثلاث سنوات في شمال غرب إفريقيا. رحلات في الجزائر والمغرب”، والرحّالة الألماني غيرهارد رولفس: “إقامتي الأولى بالمغرب”، والمستشرق والمستعرب الألماني جيورج كامبفماير (Georg Kampffmeyer 1864-1936): “المغرب”.
تكمن قيمة هذا الكتاب في ثلاث قضايا مهمّة. فقد تطرّق الباحث في الفصل الرابع إلى تلقّي الكتابات باللّغة الألمانية في تونس والجزائر، من خلال نموذج كتاب منير فندري “الإنسان المثقف في بلاد الأجنبي البربري، الرحّالة الألمان في تونس القرن التاسع عشر” ( 1996)، وبحث رفيق سليمان نيبيا “أدب الترحال الألماني المكتوب عن الجزائر من 1830 إلى1871. دراسات عن صورة الجزائر، وصف رحلاتها وتقاريرها” (1979) على مدى ثلاثين صفحة، وهي كافيّة لكي يتعرّف القارئ إلى أهم القضايا التي تطرق إليها الألمان في رحلاتهم إلى تونس والجزائر. ويعتبر المستشرق الألماني غيرهارد رولفس والمستشرق هاينريش فون مالتسان من أهمّ مستكشفي شمال إفريقيا، وأهمّ من زار ليبيا وتونس والجزائر. ويهمّ القراء التعرّف على ما كتبه رولفس ومالتسان عن المغرب،(3) من أجل عقد مقارنات بين تمثلات المغرب وتمثلات الجزائر وليبيا وتونس عندهما،(4) ومدى تطور النظرة الثقافيّة لديهما في البلدان المغاربية. ولما كان الغرض من هذا البحث هو تتبّع تطوّر صورة المغرب الثقافية في الكتابات الناطقة بالألمانية من خلال الدراسة المقارنة ونظرية التلقي، فإن المؤلف قد لاحظ أنّ التلقّي المغاربي في تونس والجزائر وليبيا لأشهر رحّالة ومستشرقين ألمان في شمال إفريقيا والصحراء، وهم الرحّالة رولفس والمستشرق مالتسان، وهانس شتومه، مكثّف ومزدهر، وذلك من خلال ترجمة أعمال هؤلاء الباحثين إلى اللغة العربية. لذا فإنه قد يكون من المفيد التذكير ببعض هذه الترجمات مثل كتاب “مدخنّو الحشيش بالجزائر”، وكتاب “القصة الأولى من ثلاثية مالتسان”، إضافة إلى كتاب “ثلاث سنوات في شمال غربي أفريقيا”، وكلّها لهاينريش فون مالتسان وترجمها الأكاديمي الجزائري دودو أبو العيد. وفي ليبيا ترجم عماد الدين غانم كتاب “تقارير الرحالة الألماني غيرهارد رولفس عن رحلته إلى طرابلس، وإلى الكفرة عبر بني وليد وسوكنة وهون وودان وزلة وأوجلة وجالو وبنغازي”، وكتاب “في رحاب طرابلس وتونس” للبارون هيزيش فون مالتسان، وكتاب “أشعار وأغاني البدو في ليبيا وتونس”، لهانس شتومه، وقد عربه من الألمانية عماد الدين غانم. ويمكننا أن نشير أيضاً إلى كتاب “سرّ الصحراء الكبرى، اقتفاء آثار باحث الصحراء جيرهارد رولفس” لراينر ك. لانجر، والذي عرّبه سيد أحمد فتح الله أبو زيد.
نستطيع أيضاً تثمين بعض النتائج التي توصّل بها الباحث في هذا الكتاب. فإرجاع جذور العلاقات المجتمعيّة والاقتصادية المغربيّة إلى “القرون الوسطى” كان له وقع سيء جداً في عيون الألمان، لأن المغرب يوجد بالقرب من أوروبا “الحديثة” والمتحضِّرة”. لهذا جعلت هذه الدول “تحديث المغرب” من أولويّاتها الملحّة والضروريّة، واعتبرت هذه الدول رفض السكّان المحليّين للتدخل الأوروبي في المغرب مظهراً من مظاهر التشدّد الإسلامي، وكان عدد كبير من الملاحظين الأوروبيّين يلتقون بالمغرب وبسكّانه بالقليل من التفكير النقدي. ذلك أنّ حقيقة كون الثنائية ثقافة/بربرية تشكل حلقة التقاء الرحّالة الألمان مع وجهة السفر إلى المغرب التي تنتمي إلى العدوّ التقليدي للمسيحية، وهو الإسلام.
وقد طرح المؤلف مسألة الاستشراق السويسري والرحلة التي قام بها السويسريون إلى شمال إفريقيا، فكرّس هذا الكتاب لطرح مجموعة من الأسئلة عن مدى تمّيز الاستشراق السويسري عن نظيره الأوروبي بشكل عام، وعن الاستشراق الألماني بشكل دقيق، خاصّة وأنه يشترك مع هذا الأخير في الكتابة باللّغة الألمانية، وإذا ما كان أساس “حياد سويسرا التاريخي” يضمن قاعدة نستند عليها لإبراز هذا التميز. وهي أسئلة تفتح آفاقاً لمزيد من منافذ للتفكير والدراسة والبحث، خاصّة أننا نكتشف وسائل جديدة يستعملها الاستشراق السويسري وهي: الفن الاستشرافي من خلال عدد من لوحات الفنّان فرانتس بوكسر، الذي جمع بين التوثيق النصّي والتوثيق البصري للثقافة المغربية، والإبداع وكتابة اليوميات من خلال نموذج الرحّالة والأديبة السويسرية جريته آور، التي جمعت بين جنس اليوميات، والروايات التاريخية، والحكايات الخرافية وغير الخرافية، من أجل توثيق التبادل الثقافي بين سويسرا والمغرب، وتثبيت رؤاها الخاصّة بها للثقافة المغربيّة بصفتها أوّل امرأة سويسرية تكتب عن المغرب.
وقد يكون من المفيد التذكير هنا بتميّز عطاء جريته آور الأدبي في ارتباطه الفكري والثقافي مع بلد لمغرب، وهو عطاء يحيل على مدى أهمية الدور الذي لعبته تقارير الرحلات النسائية إلى الشرق، في تصحيح بعض الصور الرومانسية الحالمة، وانتقاد وضعية المرأة المغربية المزري بطريقة أكثر واقعية، باعتبار أن المرأة الرحّالة تملك إمكانيات واسعة للتغلغل في مؤسسة الحريم المحرّمة على الرحّالة الرجال.(5) فجريته آور انتقدت الأوضاع الأوروبية أيضاً، وقد شهد المؤلف على ذلك بالقول إن جريته آور قد أخلصت لمبدأ خاص بها يتجلى في تأسيس حكم منفرد معتمد على التجارب المعاشة وعلى الانطباعات الخاصّة، ولهذا لم تستطع إخفاء تضامنها مع الشعب المغربي في مختلف قضاياه العادلة، خاصّة فيما يتعلق بعاداته وثقافته، وقضايا المرأة المغربية، علماً بأن المرأة المغربية حظيت بأهمية كبيرة في كل جلّ المؤلفات الرحلية للأجانب.(6) وتعتبر جريته من الكاتبات السويسريات الأوائل اللّواتي اقتحمن مجال العادات الغرائبية ووصف الطبائع والرواية التاريخية. بذلك تكون جريته أول باحثة سويسرية تؤسس عبر ممارسة الأدب في أشكاله المختلفة، لأرضية ظهور صورة المغرب في الإبداعات الأجنبية المكتوبة باللّغة الألمانية، من خلال تناولها في نصوصها عناصر ثقافية مغربية متعدّدة، ولهذا حصلت جريته أيضاً على جائزة “مؤسسة شيللر السويسرية” في سنة 1929، ونالت بذلك اعترافاً من ألمانيا والنمسا وسويسرا بقيمة أعمالها.
ويتأسف المؤلف في ختام كتابه بالقول إنه لم يتم حتى الآن نقل هذه الأعمال إلى اللغة العربية ليستفيد منها القارئ العربي، وتغتني المكتبة الوطنية بأصول أجنبيّة عالجت تاريخنا وثقافتنا في فترة حاسمة في تاريخ شمال إفريقيا والمغرب. وحث الباحث في ختام هذه الدراسة على الاهتمام بالبحث الإثنوغرافي في هذه الكتب القيّمة، في لغتها الأصلية، وبعد ترجمتها إلى اللغة العربية، ليستفيد منها جمهور عريض من القرّاء والباحثين.
تجدر الإشارة إلى أنّ الكتاب يشتمل على ملحق بأهمّ اللوحات الفنّية التي رسمها بوكسر، وهي لوحات تستحق دراسة كاملة، نظراً لعددها الكبير ولأهميتها في دراسة التوثيق الأجنبي للثقافات المحليّة، ونظراً لاحترافية صاحبها، لهذا ننتظر دراسة جديدة خاصّة بالتمثلات الثقافية المغربية في الفن الاستشرافي السويسري-الألماني.
الهوامش
(1)– راينر ك. لانجر، سرّ الصحراء الكبرى، اقتفاء آثار باحث الصحراء جيرهارد رولفس، ترجمة سيد أحمد فتح الله أبو زيد، دار نهضة مصر، القاهرة، 2004، ص. 65.
(2)– هاينريش فون مالتسان، ثلاث سنوات في غربي شمال إفريقيا ج1 و ج 2، ترجمة دودوة أبو العيد، دار الأمة، الجزائر، 1976، ص. 13.
(3)– هاينريش مالتسان، في رحاب طرابلس وتونس مع الرحالة الألماني البارون هينريش فون مالتسان، دراسة وترجمة عماد الدين غانم، مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية، طرابلس، 2008، ص. 37.
(4)– نفسه، ص. 29.
(5)– أبو العيد دودو، الجزائر في مؤلفات الرحّالين الألمان (1830-1855)، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، 1975، ص. 13. (6)– غيرهارد غولفس، إقامتي الأولى في المغرب السفر جنوب الأطلس (1861م)، ترجمة إدريس الجاي، كلية الآداب والعلوم الإنسانية ابن مسيك، الدار البيضاء، 2018، ص.