أيها السادة طلب إلي أن أتكلم في هذا الحفل المشهود على أنه موسم أدبي رفيع لا ينبغي أن يتكلم فيه إلا بأحاديث العلوم والآداب وأسمار المعارف والفنون. فأنا فضلا عن الاعتبار الخاص الذي انفردت به من بين سائر من لهم استعداد لذلك، أحببت أن يكون اليوم حقا يوما أدبيا زاهرا وأن لا يسمع فيه إلا صوت العلم عاليا رفيعا. فقطعا للطريق على أولئك الثرثارين المهذارين، وسدا للمجال في وجه كل مداح أفاك قد مل الناس حكومة وشعبا سماع أباطيله وترهاته، أجبت الطلب بكل سرور.
وماذا عساني أقول في يوم المكتبة والكتب؟ وماذا أتحدث به في يوم الكتاب والمكتبة؟ وهما دعامة الحياة الفكرية في كل الأمم ومظهر النشاط الأدبي ونتيجة خصي العقول وتفتح القرائح. فالشعب الذي لا يقرأ، لا يسبر غور الحياة ولا يقوم بالتغذية اللازمة للفكر المنهوم. والشعب الذي لا يكتب إنما يبرهن على جموده وتبلد إحساسه وانه شعب عقيم ليس فيه استعداد للإنتاج.
و أول مقياس لتطور فكر شعب وتثقفه هو هضمه لما يقرأ وتمثله له في أساليب تعليمه وتربيته. وأعظم مظاهر عبقرية الشعب ونبوغه هي كتبه ومنتجات عقول أبنائه. فالكتاب إذن هو باعث الحركة الأدبية ودليل الحيوية الفكرية في كل عصر وفي كل جيل. والمكتبة هي معبد الفكر ومعتكف المفكرين وهي المعمل الذي تصنع فيه العقول وتصاغ الأذواق.
وها نحن نرى الأمم الحية وما تجتهد فيه لأن تمحو أثر الأمية من بين أفرادها حتى تهيئهم بذلك للقراءة، ثم تسهل لهم سبل هذه القراءة حتى تجعلها منهم على طرف التمام. فتضع بين أيديهم من الجرائد والمجلات والكتب الخفيفة من كل نوع، وفي كل فن، مل يستطيعون به أن يتتبعوا تطورات العالم في السياسة والاقتصاد والعلم والأدب. تؤسس لذلك المكاتب القارة في المدن والأحياء، والمتنقلة في الشوارع والقرى تسهيلا على من يريد المطالعة بل ترغيبا له فيها. وتقيم معارض دورية للكتب بمناسبات مختلفة تقديرا لها وإعلانا عنها. وتمنح للكتب جوائز قيمة مكافأة لأصحابها وتشجيعا لهم في الوقت نفسه على مواصلة الإنتاج.
وهكذا تخلق من طبقات الشعب الفقيرة والجاهلة مجموعات من المثقفين والمتعلمين يعرفون واجباتهم الوطنية ويحترمون أنفسهم ويؤدون ما عليهم من الحقوق بدافع من أنفسهم ولا يألون جهدا في تحقيق المثل الأعلى لأممهم التي تريد أن تحيى دائما حياة العز والشرف. وبذلك كثرت الكتب كثرة لا مزيد عليها وكثر الإقبال على القراءة بحيث تستنفذ كل الكتب، فالكتاب تطبع منه ملايين النسخ، والكتاب تطبع منه مئات ألوف النسخ، والكتاب تطبع منه عشرات ألوف النسخ، وكلها تقرأ وتنفذ، ويصبح بعد قليل من أنذر النواذر. هذا عند الأمم الحية في العصر الحاضر وبعد اختراع المطبعة التي هي من أعظم المنن على الإنسانية.
وفي العصور الغابرة عرف القدماء قيمة الكتاب وبجلوه وبذلوا في تحصيله كل نفيس وغال. فالكلدانيون والعبرانيون كانوا من أول الأمم اشتغالا بالعلوم والمعارف وتقديرا للكتب والمكاتب. وأهل فارس والهند والصين هم أيضا من سباق هذه الحلبة، وقد اعتنوا بطلب الحكمة وتحصيل الآداب فبرعوا في هذا الصدد براعة تامة وأودعوا خلاصة معارفهم في كتب نفيسة تناقلتها الأمم بعدهم ومنها كانت تتكون مكاتب العهد القديم. والجميع يعرف قصة كتاب كليلة ودمنة الهندي وما بذله الملك الفارسي في سبيل الحصول عليه من الجهود الكبيرة مما يدل على اهتمام القوم بالكتاب وتقديرهم له التقدير العظيم. واليونان هم معلمو القرون ومهذبو الأجيال بفلسفتهم وطبهم وهندستهم وأدبهم، وهم الذين تركوا الذخائر الغالية من الكتب العلمية والفنية التي لا كفاء لها ولا نظير. والمصريون هم أول من استعمل ورق البردي للكتابة وتخليد الآثار الفكرية القيمة وناهيكم بما جمعوه من كتب العلم وما كانت تحويه مكتبة الإسكندرية المعروفة في عهد البطالسة من التآليف والمجلدات التي بلغت في بعض التقديرات إلى 700000 كتاب. وكان بهذه المكتبة المدرسة العظيمة المشهورة التي تعرف عند العرب برواق الحكمة وفيها ولدت الفلسفة الأفلاطونية الحديثة.
أما العرب فإنهم بعد أن وجد لهم كيان سياسي ودولة مدنية بسبب ما هداهم الله إليه من الإسلام، قاموا يجدون في طلب العلم والمعرفة ويجتهدون في البحث عن كتب الحكمة والأدب وما مضى جيل على تأسيس الخلافة الإسلامية حتى كان الخلفاء أنفسهم يأمرون بترجمة الفلسفة اليونانية ونقل كتب الأقدمين من الممالك التي فتحوها سواء في الإلاهيات والطبيعيات والرياضيات والأدبيات إلى اللغة العربية وتأسيس المكاتب العمومية وإغداق الصلات والجوائز العظيمة على العلماء والمؤلفين، وبناء المدارس لطلبة العلم في سائر أنحاء المملكة الإسلامية المترامية الأطراف. وقد كثرت الكتب عند العرب كثرة مطلقة لا يمكن معها لأمة أن تقابلهم بمثلها، إذ كان فيهم مؤلفون من كل الأجناس والملل كالفرس والروم والقبط والسريان والهنود واليهود والترك والديلم والقبط والفرنج والبربر فضلا عن العرب أنفسهم. وكان ما يكتبه بعض الأفراد في النقليات والعقليات يزيد بكثير على ما تكتبه أمة بأجمعها في جيل كامل من تاريخها، فمنهم من كتب ألف كتاب ومنهم من كتب خمسمائة وكثيرون جدا كتبوا ثلاثمائة ومائتين وفي هذه الكتب ما يكون مؤلفا من مائة جزء وخمسين جزءا وعشرين وعشرة، وبعضها بيدنا لا يزال الآن يحتوي على هذا العدد مما لا مجال للشك فيه. وقد أصابت المكتبة العربية نكبات وخطوب تاريخية مشهورة من إحراق وإغراق ونهب وسلب بيد الصليبين في حروبهم المشهورة وبيد التتار في هجماتهم المخربة على ديار الإسلام حتى قيل أنهم كانوا يردمون الأنهار بالكتب ويجتازون عليها كالجسور … ومع ذلك فإن البقية منها فيها بلاغ ومقنع. وحسبكم أن ما عده حاجي خليفة في كتابه كشف الظنون من أسماء الكتب المعروفة في عصره أعني في القرن الحادي عشر للهجرة يقرب من 15 ألف كتاب من الأمهات والأصول عدا الحواشي والشروح التي لا تعد ولا تحصى.
وكان أول من أنشأ مكتبة عامة في الإسلام هو الخليفة هارون الرشيد أو ابنه المامون وكانت هذه المكتبة في بغداد وتسمى بيت الحكمة ولا تسل عما كان بها من الكتب والمجلدات في كل المعارف البشرية. ثم أسست بعد ذلك مكاتب عديدة في بغداد نفسها والبصرة ودمشق والقاهرة وفي بخارى وسمرقند وخراسان والري وفي قرطبة واشبيلية وغرناطة وفي مراكش والقيروان وفاس وغيرها. وكان بخزانة العزيز بالله من خلفاء الفاطميين بمصر مليون وستمائة ألف كتاب منها نحو 80 نسخة من كتاب العينللخليل ومنها 20 نسخة من تاريخ الطبري ومنها 100 نسخة من كتاب الجمهرة لابن دريد مما يدل على أنهم كانوا يلاحظون فائدة الجمهور في تكرير النسخ. ولما دخل الصليبيون مدينة طرابلس الشام كان فيها خزانة كتب تحتوي على ثلاثة ملايين مجلد.
وأما في الأندلس فقد اشتهر أنه كان بمكتبة الحكم بن الناصر بقرطبة 400000 كتاب وأن فهارس الدواوين الشعرية وحدها بهذه المكتبة كانت 44 فهرسا في كل فهرس عشرون ورقة، وكان يرسل في طلب الكتب وشرائها إلى كل الأنحاء ويكافئ العلماء والمؤلفين مكافآت جزيلة، فبعث إلى أبي الفرج الأصبهاني ألف دينار ذهب ليرسل إليه كتاب الأغاني قبل إخراجه لبني العباس. وكان أبو الفرج أمويا مثله. وكذلك بعث إلى أبي بكر الأبهري ألف دينار على شرحه لمختصر ابن عبد الحكيم. واقتدى بالحكم الرؤساء والأعيان وأهل الوجاهة في قرطبة، فتنافسوا في إنشاء المكاتب واقتناء الكتب حتى كانت المكاتب العمومية فيها تعد بالعشرات، وأما المكاتب الخاصة فحدث عنها ولا حرج، وربما كان الرجل من العامة وله مكتبة حافلة في بيته كما يستفاد من حكاية الحضرمي هذه، قال : “أقمت مرة بقرطبة ولازمت سوق كتبها مدة أترقب فيه وقوع كتاب كان لي بطلبه اعتناء، إلى أن وقع لي وهو بخط فصيح وتفسير مليح، ففرحت به أشد الفرح فجعلت أزيد في ثمنه فيرجع إليّ المنادي بالزيادة علي إلى أن بلغ فوق حده، فقلت له : يا هذا أرني من يزيد في هذا الكتاب، حتى بلغه إلى ما لا يساوي، قال فأراني شخصا عليه لباس رياسة فدنوت منه وقلت له : أعز الله سيدنا الفقيه، إن كان لك غرض في هذا الكتاب تركته لك فقد بلغت به الزيادة فوق حده فقال لي : لست بفقيه ولا أدري ما فيه، ولكني أقمت خزانة كتب واحتفلت فيها لأتجمل بها بين أعيان البلد، وبقي فيها موضع يسع هذا الكتاب فلما رأيته حسن الحظ جيدا التجليد استحسنته ولم أبال بما أزيد فيه والحمد لله على ما أنعم به من الرزق فهو كثير”. قال الحضرمي “فأحرجني وحملني على ان قلت له، نعم لا يكون الرزق كثيرا إلا عند مثلك، يعطي الجوز من لا له أسنان. وأنا الذي أعلم ما في هذا الكتاب وأطلب الانتفاع به يكون الرزق عندي قليلا وتحول قلة ما بيدي بيني وبينه”، الخ.
ونشير إلى بعض المكاتب المغربية تتميما للفائدة. ففي مراكش أسس يوسف بن عبد المومن مامون الموحدين مكتبة ضاهى بها مكتبة الحكم المشار إليها، وجمع لها من الكتب ما كان متفرقا في الخزائن الخاصة والعامة ببلاد المغرب والأندلس حتى أصبحت من أعظم مكاتب الإسلام. وقد أورد في المعجب هذه الحكاية التي تدل على ما كان يبذله في هذا السبيل من الترضيات الكبيرة، قال: “أخبرني أبو محمد عبد الملك الشذوني أحد المتحققين بعلمي الطب وأحكام النجوم، قال كنت في شبيبتي استعير كتب هذه الصناعة، يعني صناعة هذه الأحكام، من رجل كان عندنا بمدينة اشبيلية اسمه يوسف يكنى أبا الحجاج يعرف بالمراني بتخفيف الراء كانت عنده منها جملة كبيرة وقعت إلى أبيه في أيام الفتنة بالأندلس، فكان يعيرني إياها في غرائر أجمل غرارة وأجيء بغرارة من كثرتها عنده، فأخبرني في بعض الأيام أنه عدم تلك الكتب بجملتها، فسألته عن السبب الموجب لذلك فأسر إلي أن خبرها انتهى إلى أمير المؤمنين، فأرسل إلى داري وأنا في الديوان لا علم عندي بذلك، وكان الذي أرسل كافور الخصي مع جماعة من العبيد الخاصة وأمره أن لا يروع أحدا من أهل الدار وأن لا يأخذ سوى الكتب، وتوعده والذين معه أشد الوعيد إن نقص أهل البيت إبرة فما فوقها فأخبرت بذلك وأنا في الديوان فظنته يريد استصفاء أموالي فركبت وما معي عقلي حتى أتيت منزلي فإذا الخصي كافور الحاجب واقف على الباب. الكتب تخرج إليه فلما رآني وتبين ذعري قال لا بأس عليك وأخبرني أن أمير المؤمنين يسلم علي وأنه ذكرني بخير ولم يزل يبسطني حتى زال ما في نفسي ثم قال لي: أهل بيتك، هل راعهم أحد أو نقصهم شيء من متاعهم فسألتهم فقالوا لم يراعنا أحد ولم ينقصنا شيء. جاء أبو المسك حتى استأذن علينا ثلاث فأخلينا له الطريق ودخل هو بنفسه إلى خزانة الكتب فأمر بإخراجها فلما سمعت هذا القول منهم زال ما كان في نفسي من الروع، وولوه بعد أخذهم هذه الكتب منه ولاية ضخمة ما كان يحث بها نفسه”. وهذا نفسه هو ما تفعله الحكومات الراقية اليوم في نزع مثل هذه الذخائر من أيدي العامة محافظة على تراث الأمة وصونا له من الضياع.
وكان لخزانة الكتب عند الموحدين ولاية خاصة لا يولاها إلا خاصة أهل العلم لأن أمرها لديهم عظيم. وممن ولي النظر فيها أيام يوسف بن عبد المومن القاضي أبو محمد بن الصقر وكان من أحسن العلماء نظرا في كثير من الفنون فقام عليها أتم مقام واستنسخ لها كثيرا من المجلدات، وكان كلما بالغ في النصيحة والخدمة بالغوا له في العطايا والصلات.
ولما كان الناس على دين ملوكهم فإن رجال الدولة و الكبار وذوي الحيثيات كانوا يتنافسون في هذا السبيل وقل أن تجد منهم من ليس له في بيته مكتبة عامرة تحتوي على عدد كبير من المجلدات. وقد ذكر عن القاضي عيسى بن أبي حجاج بن الملجوم من بيوتات فاس القديمة، أنه ابتاع أصل ابن عبد البر من سنن أبي داود بخمسة آلاف دينار، فهل سمع بمثل هذا الثمن لكتاب متداول يقع في مجلد؟ الحقيقة أن هذا الفعل أربى على فعل الحكم في شراء الأغاني من مؤلفها أبي الفرج، وكان للإمام عبد الرحمان بن الملجوم خزانة كتب بيعت خرمها أي أوراقها المتخرقة بعد وفاته بستة آلاف دينار، فإذا كان هذا ثمن الخرم فما ثمن الكتب من أصلها؟
وحكى الأنصاري في تاريخ سبتة أن عدد الخزائن بها كان اثنين وستين. كان منها في القديم بدور الأكابر وذوي الأقدار خمس وأربعون خزانة. وفي زمانه كان منها سبع عشرة خزانة تسع بدار الفقهاء و الصدور وثمان موقفة على طلاب العلم. أقدهما الخزانة الشهيرة ذات الأصول العتيقة والمؤلفات الغريبة خزانة أبي الحسن الشاري التي بالمدرسة المنسوبة إليه التي ابتناها من ماله، وهي أول خزانة وقفت بالمغرب على أهل العلم، وأعظمها إحدى خزانتي الجامع العتيق الكائنة بشرقي صحنه و بإزاء باب الشواشين أحد أبوابه وهي في الكثرة بحيث لم يشذ منها فن من الفنون ولا نوع من المعارف أصلا مع تعدد مصنفات ذلك الفن وكثرة دواوينه. إلخ
ولما جاء بنو مرين أسسوا خزانة القرويين العامية وشحنوها بنفائس الكتب والذخائر ومازال الملوك والمحسنون من الشعب يقفون عليها المؤلفات والتصانيف البديعة إلى أن صارت من أعظم المكاتب شهرة في العالم الإسلامي كله. وبها كثير من الكتب الموقوفة بخطوط مؤلفيها أنفسهم كتاريخ ابن خلدون وغيره ولولا أن الأيدي تلاعبت بكثير من ذخائرها لكانت اليوم في طليعة مكاتب العالم غنى بالنفائس والنوادر. وهناك مكاتب أخرى لا تخلوا من نفائس وذخائر كخزانة جامع ابن يوسف بمراكش وهي جامعة وخزانة الجامع الأعظم بمكناس ويغلب عليها كتب الفقه، كالمدونة وشراحها، وخزانة الجامع الأعظم بتازة وبها نحو 400 مجلد في التفسير والحديث وما إلى ذلك، ومن مكاتب الأفراد خزانة القاضي مولاي عبد الهادي بفاس تحتوي على ذخائر منها تاريخ للمغرب قبل الإسلام في مجلد على ما قيل والخزانة الفاسية بها نحو 4000 مجلد وخاصة كتب السادة الفاسيين. والخزانة السودية بها نحو 8000 مجلد والخزانة الكتانية بها على قول صاحبها نحو 14 ألف مجلد وهي أكثر نفائس وهذه كلها بفاس.
والخزانة الزيدانية بمكناس بها نحو 5 آلاف مجلد ومجموعة كبيرة من الظهائر والوثائق المخزنية، وخزانة وزان التي انتفع بها الفقيه الرهوني في تأليف حاشيته المشهورة ويغلب عليها كتب الفقه. وخزانة الصويرة من تحبيس السلطان سيدي محمد ابن عبد الله العلوي بها نسخة من المدارك يقرب تاريخها من عهد المؤلف. وخزانة ابزو بها نحو ألف مجلد مخطوط وخزانة آيت عياش وبها كثير من النفائس كتاريخ المقري لعلماء مراكش وفاس وغيره. وخزانة آيت يوسي وهي مثل سابقتها، والخزانة الناصرية بتمكروت من أغنى الخزائن المغربية قيل إن بها من شروح البردة والهمزية فقط أكثر من 300 شرح إلى غير ذلك مما لو تتبعناه لطال بنا الحديث.
وهذا مما يدل على نضج الفكر المغربي في الماضي وانتشار القراءة وبالتالي العلم والمعرفة في البوادي كما في الحواضر وشدة الإقبال على الطلب والتحصيل من سائر طبقات الشعب. فإذا رأينا ما كان لأسلافنا من العناية بتثقيف عقولهم وتوسيع دائرة معلوماتهم بالمطالعة وأنواع الدراسة، على قلة الكتب وصعوبة اقتنائها في عصرهم وكثرتها وسهولة ذلك في عصرنا مع ما نحن عليه من الزهد فيها والانصراف عنها علمنا سر تقدمهم وتأخرنا وإرتقائهم وانحطاطنا فإلى الكتاب وإلى المكتبة وليحيى الكتاب و لتحيى المكتبة !…
واحة الفكر، الطبعة المهدية، تطوان 1367 هـ/1948 م