Moncef Marzouki, Qu’est ce que le pouvoir ? Témoignage et réflexions d’un ancien président.
دار منوال للنشر بتونس، ومركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية. بالمغرب، طبعة ثانية. 2020.
تحكي سيرة الرئيس التونسي السابق منصف مرزوقي الكثير من أخبار وكواليس الحكم اليومية كما عاشاها خلال ثلاث سنوات. وهي معطيات ووقائع من التاريخ الراهن تستند إلى رؤية فكرية وسياسية خاصة بالكاتب لطبيعة السلطة وجوهرها. ولا يتعلق الأمر بسيرة بالمعنى الكلاسيكي، ولكنه كتاب سيرة وتأملات في نفس الوقت، زوده بالمراجع والإحالات إلى كتب الفكر والسياسة والعلوم. هي سيرة لا تعتمد على التتابع الزمني (الكرونولوجيا) ولكنها توظفه لخدمة رؤية عميقة وعالمة إلى السلطة والسياسة، تفكر فيها وتحاول استنباط قوانينها الناظمة. وهي أول سيرة ذاتية يصدرها رئيس تونسي كان معارضاً سياسياً ثم انتخب ديمقراطياً على إثر ثورة الياسمين التي أسقطت نظام زين العابدين بنعلي. وتشكل على هذا المستوى تجربة نادرة في المنطقة لرئيس يقدم شهادته عن فترة حكمه القريبة التي امتدت من 2011 إلى 2014.
يكشف مرزوقي عن خبايا مهمة عما يعتبره البعض تميزاً للتجربة التونسية في مرحلة ما بعد “الربيع العربي” وانتقالاته الديمقراطية وتقلباته. ويتناول قضايا أساسية مثل تجربة التوافق بين الليبراليين واليساريين والإسلاميين في تونس، أو ما يمكن تسميته بجيوب مقاومة الانتقال الديمقراطي في هذا البلد، أو ظروف إقرار الدستور التونسي، وغير ذلك من القضايا التي هيكلت المسار السياسي في هذا البلد خلال العشر سنوات الماضية. ويبين مرزوقي عن قدرة كبيرة على الحكي والوصف والتحليل كطبيب جراح ومناضل قضى سنوات في الاعتقال والمنفى، وألف حوالي 30 كتابا في السياسة والطب بالعربية والفرنسية، قبل أن يتولى حكم تونس. وتتحدث فصول الكتاب عن السلطة وعلاقتها بالتاريخ، وعن رموز الحكم ومظاهره، والوظائف والواجبات، والتقنيات والإستراتيجيات، وكذا ما يسميه بـ: الأركيولوجيا والطبقات النفسية الاجتماعية. بحيث إن الكاتب يميل في مقاربته إلى استحضار مفكرين مثل كارل ماركس، وميكيافيلي، وجيل دولوز، وابن خلدون، مستشهداً بمقتطفات موثقة من مؤلفاتهم.
يطرح مرزوقي، بفرنسية ذات دقة جراحية، تساؤلات حول معاني الثورة وأسباب اندلاعها. فعلى المستوى النظري، يفسر الثورة بأنها “تاريخ توالي عدة أزمات أو “نهاية لسلسة أزمات أو أزمة النهائية”. أما فيما يخص الوضع في تونس، فإن ما يفسر وقوع الثورة فيها، في رأيه، هو وجود “نظام دكتاتوري”. وإذا كانت الدكتاتورية تفسر الثورة أو “الرجة الثورية”(1)، حسب تعبير الأستاذ عبد الحي مودن، التي عرفتها تونس والمنطقة، فإن مرزوقي يحلل في الكتاب عدداً من تجلياتها. وهكذا انطلق في البداية من وصف مشاعر المفاجأة والفرح التي انتابته، وهو في المنفى بباريس عندما علم باندلاع الثورة في تونس، ثم في مصر وباقي الدول العربية في 2011. وقد استعار “نظرية الفراشة” من علوم الطقس لتشبيه تأثير الثورة التونسية على باقي الثورات في الدول العربية، وهي استعارة تحيل على نظرية “الدومينو” الشهيرة في العلاقات الدولية.
في 2011 ونتيجة لروح التوافق، وبفضل أصوات الإسلاميين والعلمانيين والمستقلين، يشرح مرزوقي كيف تم انتخابه رئيساً للجمهورية في أول انتخابات ديمقراطية وحرة في تونس. ويتحدث بتفصيل عن هذا الحدث وعن لحظة التتويج وأداء القسم بالدموع، كما يصف مشهداً مثيراً له رمزيته عاشه عندما تولى رسمياً هذا المنصب. ففي ذلك اليوم، ركب مرزوقي لأول مرة سيارة رئيس الدولة بكل ما تحتويه من فخامة وأبهة وتكنولوجيا متطورة. وعندما انطلقت السيارة في أجواء باردة سأله السائق باحترام: “سيدي الرئيس، هل تريد أن أزيد في التدفئة داخل السيارة؟”. لكن هذا السؤال أثار ضحك مرزوقي لأنه انتبه إلى مفارقة بين ما أحس به في تلك اللحظة من تقدير وبين ذكرياته ومعاناته السابقة من الاعتقال والتعذيب في السجن، وخاصة اللحظة التي كاد أن يموت فيها من بالاختناق نتيجة شدة الحرارة في السجن. كما يتوقف الكتاب عند عدد من محطات مسلسل القرار السياسي اليومي داخل قصر قرطاج وخارجه. ومن بين أولى القرارات الرمزية التي اتخذها الرئيس مرزوقي، هي تأسيسه لتقليد سياسي تربوي، وهو دعوة تلاميذ المدارس إلى القيام بزيارات لقصر قرطاج كل يوم أحد، وذلك لأول مرة في تاريخ تونس. إلا أن هذا التقليد لن يدوم طويلاً بعد أن تخلى عنه الرئيس الذي جاء بعد مرزوقي وهو باجي قايد السبسي. وهو ما انتقده مرزوقي بقوة وبسخرية كبيرة.
وبخصوص التوافق بين الإسلاميين واليساريين الذي أثمر دستوراً جديداً في 2014 وشكل تحولاً أساسياً في التجربة التونسية، يتحدث منصف مرزوقي، بخلفيته الماركسية، عن موقفه المبدئي المؤيد للتوافق ولأهمية إشراك الإسلاميين في السلطة وإقناعهم بالديمقراطية دون إقصائهم، مع تمييزه بين ما يسميه الإسلاميين المتطرفين والمعتدلين، واضعاً ضمن هذه الخانة الأخيرة حركتي النهضة التونسية والإخوان المسلمين المصرية اللتين يعتبرهما تؤيدان الديمقراطية. ويبني الكاتب قناعاته بفكرة الإدماج هاته على حجج نابعة أساساً من تكوينه العلمي، بحيث يقارن في هذا الصدد، بين الشريعة وقانون الجاذبية (la loi de la gravité) معتبراً أن الشريعة، عكس قانون الجاذبية، تحتاج إلى البشر لتطبيقها وتفعيل احترامها. ويتساءل: “كيف يمكن أن نتفادى الصراع بين بني البشر حول من هو أحسن إنسان يطبق الشريعة؟” ليستنتج أننا نلجأ إلى الإنسان ولا نلجأ إلى الله لتطبيق شريعته، ويرى بالتالي أن “الحل الذي يقضي بتخويل كل السلطة لله لا يبدو حلاًّ مثالياً: فكما أن حل الديمقراطية أو الديكتاتورية ليس مثالياً، فإن هذا الحل (تخويل كل السلطة لله) لا يسمح بالتخلي عن البشر كما هم وكما سيظلون” (ص 27)، وهو يقصد بذلك أن بني البشر سيظلون دائماً ناقصين.
أما على مستوى التطبيق والممارسة السياسية، فيتوقف مرزوقي عند لحظات العناق التي شهدها البرلمان التونسي في منتصف ليلة 26 يناير 2014 عندما تم التصويت على الدستور الجديد بعد حصول التوافق بين البرلمانيين الإسلاميين من جهة، وزملائهم في اليسار المتطرف من جهة ثانية، وتجاوزهم لخلافاتهم. ويتذكر كيف أنه في تلك اللحظة “قفز من الفرح مثل مشجع لكرة القدم عندما يسجل فريقه هدف الفوز”، ويقول إن مثل هذه الأحاسيس هو ما يفسر، في نظره، تعلق وشغف البشر بالسلطة وبممارستها، كما يفسر لماذا يتحملون الصعوبات والمخاطر من أجل تلك الأحاسيس، وإن كان ينبه إلى تحديات السلطة عندما يشبه من يمارسها بشخص يركب على ظهر أسد (ص36). ويسترجع الكاتب المسار الطويل الذي توج هذا التوافق الدستوري خاصة جلسات المفاوضات التي جمعت بين العلمانيين واليساريين خلال حفلات عشاء بقصر قرطاج من أجل مناقشة الفصل الأول من الدستور الذي يتعلق بالشريعة كمصدر للتشريع. وقد انتهت المفاوضات بالاتفاق على صيغة تنص على أن الإسلام هو دين الدولة بدون الإشارة إلى الشريعة. كما يذكر مرزوقي بالمسار التاريخي لهذا التوافق مشيراً إلى أن دستور 2014 ما هو إلا تتويج طبيعي لتوافق كان قد حصل قبل ذلك بعشر سنوات، وبالضبط في 2003، بفضل مفاوضات طويلة وسرية جرت في فرنسا جمعت بين العلمانيين وحزب النهضة، وانتهت بالاتفاق على نص “كان بمثابة اتفاق تاريخي”. وهو اتفاق قبل بموجبه الإسلاميون بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة من جهة، كما قبلوا، من جهة ثانية، بالديمقراطية كنظام للحكم وتخلوا عما يسميه بـ”أوهام الثيوقراطية”(chimères théocratiques) (ص 110). أما الأحزاب العلمانية فوافقت، من جانبها، على الاعتراف بالطابع العربي الإسلامي للدولة التونسية.
هذه القراءة الإيجابية لتجربة التوافق تلتقي مع قراءة الباحث الفلسطيني عزمي بشارة الذي يعتبر أن تونس هي البلد الوحيد الذي نجح فيه الانتقال الديمقراطي بعد ثورة شعبية نتيجة ثقافة النخبة السياسية، لأن هذه الأخيرة “كانت قادرة على ما يسمى في دراسات الانتقال بـ “المساومة”. والمساومة هنا ليست كلمة سيئة في رأي بشارة الذي يعتبر أنه “عندما تحجب الأنظمة السلطانية الإصلاح” فإن هذا الأخير “يصبح ممكناً بعد ثورات من الأسفل”(2). إلا أن هذه القراءة لتجربة الانتقال التونسية لا تمنع من وجود عراقيل تهدد مسارها وأسس ثقافة التوافق، وهو ما كان قد انتبه إليه مرزوقي خلال المفاوضات الدستورية حول طبيعة النظام السياسي الذي ينبغي اعتماده بعد الثورة. فمن بين الخلافات التي برزت تلك التي تتعلق بالاختيار بين النظامين الرئاسي والبرلماني (ص 110)، حيث يكشف المؤلف أن الإسلاميين كانوا يفضلون النظام البرلماني لطي تاريخ السلطوية التي ميزت عهدي الحبيب بورقيبة وزين العابدين بنعلي، في حين كان العلمانيون يفضلون النظام الرئاسي. وفي نهاية المطاف، تم الاتفاق على ما يسميه مرزوقي بـ: “فكرة جيدة سيئة”، أي على نظام ذي رأسين: نصف رئاسي ونصف برلماني، وهو ما قد يخلق، حسب رأيه، تنافساً بين المؤسسات. ويبدو أن توقعات الرئيس السابق قد صدقت اليوم إذا ما انتبهنا إلى ما تعيشه تونس حالياً من صراعات بين مؤسستي رئيس الجمهورية والبرلمان والتي أدت إلى سقوط حكومة إلياس الفخفاخ في يوليوز 2020، أي بعد أقل من 5 أشهر على تنصيبها، وهي أقصر ولاية حكومية منذ 2011. فهل هي مؤشرات على عدم استقرار مؤسساتي بنيوي؟ وهل يمكن أن يؤدي ذلك إلى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها؟ أم أنها صراعات وإرهاصات طبيعية يمكن تجاوزها في أفق بناء منظومة وميكانزمات تسمح بالتوازن بين السلط ومراقبة بعضها للبعض (checks and balances)؟
يتناول الرئيس السابق أيضا نماذج من تجربته الميدانية في الحكم وكيفية تدبيره لعدد من الملفات التي وجدها أمامه مثل ثروة بن علي الشهيرة التي قام هذا الأخير بتهريبها إلى الخارج. ويكشف كيف أن تونس طالبت عدة دول باسترجاع تلك الأموال المسروقة، وكيف أن لبنان كان هو البلد الوحيد الذي قبل بإرجاع جزء منها وهو 27 مليون دولار. ويقدر مرزوقي مجموع ثورة بن علي وزوجته بالخارج بـ20 مليار دولار. وفي هذا السياق، يتحدث عن آفة الرشوة السياسية ويكشف أنه عندما تولى السلطة وجد أن ميزانية رئيس الجمهورية تتضمن بنداً يسمى بـ “الصندوق الأسود”، يتصرف فيه الرئيس كما يريد. وكان الرئيس المطاح به يستعمله ل”لشراء الضمائر”، موزعاً موارد الصندوق على عدد كبير من المستفيدين؛ ومن بينهم صحفيون، وهو ما يطرح، في رأيه، أهمية الدور الذي لعبه الإعلام في الحفاظ على النظام الدكتاتوري. وقد قام مرزوقي بتسليم لائحة هؤلاء المستفيدين إلى البرلمان وطلب منه أن ينشرها ويناقشها لكن البرلمان لم يعطها اهتماماً كبيراً، كما يقول، لأنه كان منشغلاً بمناقشة الدستور الجديد. كما توقف الكاتب عند الدور السلبي الذي قام به الإعلام لعرقلة إصلاحات ما بعد 2011، لكن مرزوقي قام بالإشادة بوسائل إعلام أخرى ساندت الثورة مثل قناة الجزيرة. ويتناول الكتاب بالتحليل ما يسميه “الرشوة المنهجية” في تونس، باعتبارها ظاهرة إنسانية يستحيل القضاء عليها ويعتبرها سبباً للاستبداد وليست نتيجة له. كما يقدم عدة أمثلة عن حالات معيشة للرشوة سمع عنها خلال ممارسته للحكم في تونس وفي دول أخرى. وعموماً، يعتقد مرزوقي أنه عندما تكون هناك إرادة لمحاربة الرشوة فإنه ينبغي توفر ثلاث أدوات أساسية هي: “صحافة حرة، وقضاء مستقل، وأمن نزيه” (ص 127) .
يتميز الكتاب بتأملاته ومرجعياته الواسعة الإطلاع عن السلطة وخباياها وذلك استناداً إلى عدد من تجارب الحكم المقارنة. فهو لا يقتصر على الحالة التونسية، بل يتناول أمثلة متعددة عن تجارب النساء والرجال مع السلطة بحيث يذكر تجارب شهيرة مثل هتلر الألماني، ومارين لوبين الفرنسية، وهيلاري كلينتون الأمريكية التي كان يفضلها على الرئيس دونالد ترامب. ويتوقف الكاتب في فصل خاص عند موقع المرأة في السلطة مدافعاً عن أهمية توليها الحكم وذلك من منظور الحقوقي اليساري، مستحضراً حججاً تاريخية وعلمية، وإن كان لا يرى أن المرأة مختلفة جينياً عن الرجل، وأن السلطة وطرق ممارستها ستتغير إذا صارت المرأة تتولى الحكم أكثر من الرجل. وكخلاصة لتأملاته في هذا الموضوع، وبناء على دراسات وإحصائيات علمية حول الثروة وطول العمر عند الرجل والمرأة، يرى مرزوقي أن المعطى الأساسي و”الشرخ الرئيسي ليس هو قضية النوع، ولكنه يكمن في الطبقات الاجتماعية”، أي إن المعطيات الطبقية هي الحاسمة، في رأيه، في ما يتعلق بمكانة المرأة والرجل في المجتمع والسياسة. ويلاحظ في هذا الصدد عدم توقف الكاتب عند تحليل الوضعية الخاصة للمرأة في تونس التي اشتهرت تاريخياً بكونها البلد الذي عرف تطبيق مدونة أسرة هي الأكثر ليبرالية في المنطقة العربية. وهو معطى أساسي قانوني واجتماعي من المهم معرفة مدى تأثيره على نجاح الثورة التونسية في 2011، وكذا تأثيره على كيفية ممارسة السلطة وكواليسها، وعلى قرارات مختلف الفاعلات والفاعلين خلال فترة حكم مرزوقي.
يتأرجح مرزوقي بين تقديم شهادته من قلب السلطة من جهة، وبين محاولة قراءة الأحداث من بعيد وأخذ مسافة منها عبر التحليل وعبر نوع من التنظير للممارسة السياسية. وقد يكون هذا الجانب الأخير هو الغالب في الكتاب بدون تهميش للأحداث والوقائع. ويقدم كل ذلك بأسلوب مشوق تمتزج فيها لمسات أدبية واستشرافات لمستقبل السلطة على طريقة ما يمكن تسميته بالخيال العلمي السياسي، حيث يتوقف عند المآلات التي يمكن أن يؤول إليها حكم البشر للبشر خلال السنوات القادمة، فيتساءل عن مستقبل الإنسان والسلطة في ظل التحولات التكنولوجية وثورات الأنترنيت والإنسان الآلي ليقدم لنا عدة سيناريوهات مستقبلية: إحداها تتوقع إمكانية أن تتولى الروبوتات السلطة عوض الإنسان حسب ما تتوقعه أيضاً أفلام وروايات الخيال العلمي. والسيناريو الثاني يقول بإمكانية تحول البشر إلى نوع من الإنسان السياسي الجديد حسب تعبيره. كما يقول الكاتب إن باب المفاجأة يبقى وراداً ومفتوحاً على سيناريوهات أخرى، وأن طبيعة تحولات السلطة قد تحمل معها للبشرية مفاجآت غير متوقعة.
هوامش
- (1) كتاب جماعي، أسئلة حول انطلاق الربيع العربي. بمساهمة عبد الحي مودن وعبد الأحد السبتي وإدريس كسيكس. تقديم الطيب بن الغازي، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سلسلة بحوث ودراسات، رقم 49. جامعة محمد الخامس، 2011، ص 9.
- (2) عزمي بشارة، الانتقال الديمقراطي وإشكالاته: دروس نظرية من تجارب عربية. محاضرة في كوليج دو فرانس. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. 2020، ص 10.