سبق للعلامة المختار السوسي أن نبه إلى أن “في المغرب حواضر وبواد، وتاريخه العلمي العام، لا يمكن أن يتكون تكوناً تاماً إلا من التواريخ الخاصة لكل حاضرة من تلك الحواضر ولكل بادية من هذه البوادي. فإذا كانت بعض الحواضر فازت بما يلقي على تاريخها العلمي بعض الضوء ينير الطريق للسالكين، فإن تلك البوادي المترامية لا تزال إلى الآن داجية الآفاق في أنظار المتطلعين الباحثين. فهذه تافيلالت، ودرعة والريف وجباله، والأطلس الكبير وتادلة ودكالة وأمثالها، قد كان لها كلها ماض مجيد في ميادين المعارف العربية، فهل يمكن أن يجد الباحث اليوم ما يفتح أمامه صفحاتها حتى يدرك ما كان فيها طوال قرون كثيرة من النشاط والانكباب والرحلة في سبل الثقافة. فكم سجلماسي ودرعي وريفي وجبالي وأطلسي وتادلي ودكالي وشاوي يمر باسمه المطالع أثناء الكتب. وكم مدارس، وزوايا علمية إرشادية في هذه البوادي لا تزال آثارها إلى الآن ماثلة للعيون، أو لا تزال الأحاديث عنها يدوي طنينها في النوادي. فأين ما يبين كنه أعمالها، وتضحية أصحابها، وما قاساه أساتذتها وأشياخها في تثقيف الشعب، وتنوير ذهنه (…)([1]). لذلك فهو يقترح القيام بأعمال مونوغرافية تغطي أنحاء البلاد ويقول في هذا الصدد “… فإنه لو قام من كل ناحية رجال باحثون ببذل الجهود، لتكونت بما سيهيئونه من التاريخ الخاص لكل ناحية، مراجع عظيمة، سيتكئ عليها الذين سيتصدرون للتاريخ العام…”([2]).
حيث تندر المصادر المكتوبة، تفيض الذاكرة المحلية بالتمثلاث الجاهزة
لعل أحد أهم التحديات التي تطرحها نُدرة المادة المصدرية والأرصدة الوثائقية، أمام الباحث الذي يتصدى لكتابة التاريخ المحلي، ليس فقط فراغ الجراب من مؤونة البحث وزاده، بل أساساً التمثلات الجاهزة للذاكرة الجماعية المحلية. إذ مثلما تخشى الطبيعة الفراغ، ترفض الأنا المحلية أن يبقى تاريخها مجهولاً، فتعمد إلى نسج تاريخ على المقاس، قد لا يكون بمنأى عن نزوعات الأسطرة. وهو أمر طبيعي، لطبيعة الذاكرة وأليات اشتغالها، بل ومطلوب باعتباره فيضاً منفلتاً عن الرقابة، يجعل الهامشي/الشعبي متفاعلاً، وبشكل منتج، مع المركزي/ الرسمي، متى امتلك المؤرخ الأداة النظرية والعدة المنهجية لتحويل تفاعلهما إلى معرفة تاريخية علمية.
لا تشذ محاولة كتابة التاريخ المحلي لمنطقة أوطاط الحاج عن هذه القاعدة، فالذاكرة الجماعية المحلية مُتخمة بالتصورات والتمثلات التي تحكي وتحاكي ما تعتقده تاريخاً، المحكوم باليقينية حيناً، والمعترف بافتقاده للسند العلمي أحياناً أخرى. وداخل هذا “التاريخ المحلي العام”، تشتغل ذواكر فرعية لمختلف التجمعات السكنية المنتمية للمنطقة. كل واحدة تنسج لها تاريخاً في علاقتها بالمجال والسلطة الجوار والاستعمار، ولا تعدم وجود شخص أو أشخاصاً داخلها يعتبرون مراجع مؤتمنة على أسرار الماضي. هذه الحلقات الصغرى للذاكرة المحلية تلتقي، فيما يشبه النسق الانقسامي، عند مستوى أعلى للذاكرة المحلية العامة.
أستحضر في هذا الصدد ثلاثة نماذج سريعة، تكثف ما تنسجه الذاكرة الجمعية الأوطاطية عن ماضي المنطقة. الأول مرتبط بأصل التسمية، التي لا تراها إلا مرتبطة برمزية ركب الحجيج، و”وطية” الحاج. أما الثانية فمتصلة بمرور يوسف بن تاشفين بالمنطقة سنة 463 هـ، وعلاقة ذلك بصومعة أهل أوطاط، حيث يسهل على الذاكرة المحلية أن تجعلها شاهدة على عبور هذا السلطان المرابطي للمنطقة، وأنها ظلت تقاوم نوائب الدهر منذ ذلك التاريخ. أما النموذج الثالث، فهو يتمثل في اختزال كل ما هو مرتبط بأوطاط في ذات المنطقة ومجالها الممتد بحوض ملوية الوسطى، دون إعارة أدنى اعتبار لأوطاط آخر في حوض ملوية العليا، كان موضوع أطروحة جامعية لنيل درجة الدكتوراه في التاريخ([3]).
التسمية والمجال والاستقرار البشري
في غياب التدقيق العلمي الطوبونيمي لتسمية المنطقة، فُسح المجال لاجتهادات الذاكرة وتأويلاتها، كما سبقت الإشارة إلى ذلك. خاصة وأن تسمية المنطقة انتقلت من وطاط إلى أوطاط الحاج مروراً بأوطاط أولاد الحاج. وعُرفت في المصادر التاريخية بتصنيفات مختلفة؛ فهي عند ابن خلدون تُنعت تارة بالحصون، كما ورد في إشارته إلى يوسف بن تاشفين الذي ارتحل “سنة ثلاث وستين وأربعمائة إلى وادي ملوية، فافتتح بلادها وحصون وطاط من نواحيها”([4]). وترد عنده تارة أخرى في شكل تجمعات بشرية، عبارة عن قصور شيدت بها هذه الحصون، الممتدة في مجال فسيح بحوض ملوية الوسطى، منفتح على النجود العليا حتى بلاد الصحراء، كما يفهم من نص خلدوني آخر جاء فيه: “وأجلى موسى بن أبي العافية عن أعمال المغرب إلى نواحي ملوية ووطاط وما وراءها من بلاد الصحراء”؟([5] ).
لعل التصنيف الأخير هو الأقرب إلى الصواب، بدليل أنه يوافق ما أورده الزياني في ترجمانته الكبرى إذ دوّن بها ما يلي: “ويقابل تازة خلف جبل درن إقليم وطاط على نهر ملوية، قصور وقرى وأمم لا تحصى”([6]). وهو ما يعضد نصاً خلدونيا آخر، يجعل انتماء أهل البلاد إلى قبيلة الأحلاف، قبل أن يُنسبوا لاحقاً إلى قبيلة أولاد الحاج؛ إذ يقول صاحب العبر: “(أما الأحلاف) من ذوي منصور وهم العمارنة والمنبات فمواطنهم مجاورة لأولاد حسين من ناحية الشرق. وفي مجالاتهم بالقفر تافيلالت، وصحراؤها. وبالتل ملوية وقصور وطاط وتازي وبطيوة وغساسة”([7] ).
وإذا انتقلنا مباشرة مما دونته المصادر التقليدية إلى ما كُتب حديثاً عن تاريخ المنطقة، وما يهم إشكالية المجال الجغرافي بين الثبات والتحول، نسجل ما أورده محمد أيت قدور في مذكراته التي نشرها بجريدة الأحداث المغربية: “بعد الجفاف الذي ضرب نواحي المغرب الشرقي ومنها أوطاط الحاج، ميسور وأوطاط الفوقاني نسبة لواد أوطاط المجاور (ميدلت حالياً)، في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، والذي كان سبباً في هجرة سكانها بني أحسن، دخل المنطقة مولاي السعيد بن عبد الرحمن (وهو شريف علوي من تافيلالت) وأولاده، ووزعوا منطقة القصابي فيما بينهم (…) وحل بنفس الفترة قبائل رحل قدموا من الشرق أي غرب الجزائر، ونزلوا بناحية رشيدة وبني خلفتن شمال مدينة كرسيف وانتشروا “بالضهرة”، وهي منطقة رعوية هم: الحشالفة، أولاد رحو، أولاد الشريف، أولاد بو لعلام، أولاد علي وأولاد منصور، وكان لهم اسم واحد أنداك وهو: الهُمّال، يقال إنه نسبة لسيدي الهامل بالجزائر، كما يقال لأنهم هُمّال أي رُحّال، ومنهم قبيلة أولاد الحاج بميسور وأوطاط الحاج، وهم من بني هلال حسب البعض أو بني معقل، فتم استقرار الجميع بويزغت أولاً قبل أن تصبح القصابي هي “العاصمة”. وفي الواقع لقد حدث انفجار في كتلة هذه الساكنة حيث هاجر البعض منها إلى الغرب (بني احسن) والبعض إلى الجنوب (الصحراء الشرقية والصحراء الغربية)، أما ما تبقى فبقي قرب ضفاف واد ملوية، التي أوصلته إلى الأطلس الكبير دون أن ننسى أن فرقاً اتجهت نحو فاس (الحشالفة، أولاد الحاج)…”([8]) .
بقطع النظر عما يشوب هذه الشهادة من شوائب، فهي تحتاج إلى تنقية علمية دقيقة، على ضوء ما تجود به المصادر والوثائق المحلية مع تطور البحث التاريخي. فالمهم بالنسبة لنا أنها أكدت معطى مهماً يمثل في كون المنطقة شكلت مجالاً لعبور موجات بشرية متلاحقة بسبب عوامل متداخلة.
هذا الاختراق القبلي أدى إلى غزو المحلي وإبعاده، وبالتالي ساهم في تجدد التركيبة الإثنية، التي لعبت دوراً مهما في نحت أسماء محلية لقصور ومداشر هذا الإقليم الفسيح الممتد بين جرسيف وميدلت، الذي كان يضم حسب شهادة الزياني السالفة الذكر قصور وقرى وأمم لا تحصى والمسمى بأوطاط. كما أدى هذا الاختراق البشري المتلاحق إلى ما عبر عنه آيت قدور بانفجار في كتلة هذه الساكنة والذي قادها إلى اتجاهات مختلفة من البلاد (الغرب، الجنوب الشرقي، الجنوب الغربي)، فظهرت إثر ذلك، إلى جانب متغيرات تاريخية مركبة([9])، أسماء أخرى قسمت أوطاط إلى فوقاني قرب ميدلت وآخر بين ميسور وجرسيف ارتبط في تسميته بقبيلة أولاد الحاج فعُرف بأوطاط أولاد الحاج، قبل أن تستقر تسميته نهائياً على أوطاط الحاج .
قُسم أوطاط إذن إلى قسمين يفصل بينهما ميسور ولقصابي؛ وهما أوطاط الفوقاني الذي ورد الحديث عنه عند كل من الناصري([10]) وابن زيدان([11]) في تناولهما لموضوع حركة السلطان الحسن الأول إلى تافيلالت سنة 1310 ھ/ 1893م، التي عبرت المنطقة في طريقها إلى الصحراء. ثم أوطاط الحاج الذي ارتبطت تسميته بقبيلة أولاد الحاج السالفة الذكر، التي أشار محمد آيت قدور إلى أن دخولها إلى المنطقة كان في أواخر القرن الثامن عشر، واحتار في نسبها هل هلالية أم معقلية، مؤكداً دخولها من الشرق أي غرب الجزائر. وإذا كنا نعدم لحد الآن أية وثيقة أو إفادة مصدرية تسعفنا في إثبات تاريخ وظروف وصول قبيلة أولاد الحاج إلى المنطقة، ثم انتقال فرع منها إلى نواحي فاس، فإن ما ثبت لدينا انطلاقاً من خرائط التركيبة القبلية المغاربية هو الوجود الفعلي لقبيلة أولاد الحاج بأسماء مختلفة غرب الجزائر، وبجوار مدينة فاس أيضاً، موزعة على الشكل التالي: أولاد الحاج وأولاد الحاج العبد بضواحي مدينة الشلف الجزائرية، وأولاد الحاج قدور بنواحي الجزائر العاصمة، ثم أولاد الحاج عبد الله قرب مدينة فاس.
أما منطقة أوطاط الحاج الواقعة وسط سهول وسهوب ملوية الوسطى، والتي ترتفع عن مستوى سطح البحر بحوالي 890م، ويقدر معدلها السنوي من التساقطات ب 153 ملم، ومركز مدينتها يوجد عند التقاء واد ملوية مع أحد روافده اليسرى والمسمى واد “شق الأرض”، فهي تنتمي من الناحية الإدارية إلى إقليم بولمان الذي أنشئ سنة 1975، وتقع على الطريق الثانوية الرابطة بين جرسيف التي تبعد عنها ب 125 كلم في اتجاه الشمال الشرقي، ومدينتي ميسور وميدلت الواقعتين في جنوبها الغربي([12]).
إشارات في الدراسات الأركيولوجية
يعود أول أثر لبقايا الوجود البشري بهذه المنطقة، التي تشكل أساس موضوعنا، في هذه الدراسة الاستكشافية الأولية، إلى العصر الحجري الأخير أو الحديث أو (عصر الحجر المصقول)، وهي عبارة عن أدوات استعملت في الزراعة وتربية الماشية، تؤشر على استقرار بشري بالمنطقة قبل ميلاد المسيح بما يزيد عن ألف سنة. وقد نبهت الدراسة التي استقينا منها هذه المعلومات إلى تحول في الحياة خلال هذه المرحلة التاريخية؛ إذ بدأت أكبر ثورة في تاريخ الإنسانية حتى الفترة الصناعية. فبفضل الأحجار المصقولة، والفؤوس، والمعاول، انتشرت الزراعة وحلت تربية الماشية محل القنص. وباختصار شديد تحول الإنسان من مجرد مدمر للطبيعة، إلى إنسان منتج لتأمين غذائه. فحصل التحول في نُظم الحياة بين مكونات الطبيعة: تطور في حياة الإنسان وأمنه وملكاته العقلية، وتهذبت أخلاقه وعرف شكلاً من الاعتقاد أو الديانة، وعاش نوعاً من التنظيم الاجتماعي مع حياة الاستقرار التي ارتبطت بالزراعة، ونتجت عنها ممارسة ما عرف بسكنى المغارات([13]). على أن ما أثار اهتمامي في هذه الدراسة، هو هذه الإشارة الأخيرة، من فضول علمي يستدعي البحث في علاقة بقايا وجود بشري بعين لفريطسة بأوطاط الحاج في السياق التاريخي المشار إليه آنفاً، بتلك المغارات الموجودة بالقرب منها على ضفاف نهر ملوية بمنطقة لغويرات، إذ من الراجح أن بحثاً علمياً يستعين بالأركيولوجيا والطوبونيميا أن يؤكد أنها فعلاً اسم وافق مسماه ولفظ طابق معناه.
كرنولوجيا تطور المنطقة بين المصادر المغربية والأجنبية
إذا كنا نفتقد لدليل يرشدنا لمعرفة تاريخ وصول الإسلام لهذه المنطقة، فإن أول ذكر لها في المصادر وجدناه عند صاحب العبر فقد ورد عنده: “وزحف ميسور الخصي قائد أبي القاسم الشيعي إلى المغرب سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائةوخام ابن أبي العافية عن لقائه واعتصم بحصن الكأي، ونهض ميسور إلى فاس فحاصرها واستنزل أحمد بن بكر عاملها. ثم تقبض عليه وأشخصه إلى المهدية، وبدر أهل فاس بغدره فامتنعوا وقدموا على أنفسهم حسن بن قاسم اللواتي، وحاصرهم ميسور مدة حتى رغبوا إلى السلم، واشترطوا على أنفسهم الطاعة والاتاوة فتقبل ميسور ورضي، وأقر حسن بن قاسم على ولايته بفاس وانحل إلى حرب ابن أبي العافية فكانت بينهما حرب إلى أن غلبة ميسور فتقبض على ابنه الغوري وغربه إلى المهدية. وأجلى موسى بن أبي العافية عن أعمال المغرب إلى نواحي ملوية ووطاط وما وراءها من بلاد الصحراء وقفل إلى القيروان”([14]).
وُجدت أوطاط إذن ككيان عمراني قبل الفترة المرابطية. وعندما وصلها الزحف المرابطي سنة 463ھ، وجد بها حصوناً، مما يدل على أنها عرفت استقراراً بشرياً قديما عانى كثيراً من آثار التدمير الذي سببته مختلف الموجات البشرية الغازية والعابرة، فاضطر سكانها إلى تشييد الحصون للتمنع ودرء الأخطار المحدقة بهم. مما يجعل السؤال يزداد إلحاحاً حول من اختط بلاد وطاط ومن شيد بها هذه الحصون التي افتتحها يوسف بن تاشفين بنفسه، حسب إشارة ابن خلدون السالفة الذكر التي ورد بها: “وارتحل – أي يوسف بن تاشفين – سنة ثلاث وستين وأربعمائة إلى وادي ملوية، فافتتح بلادها وحصون وطاط من نواحيها”؟([15]).
إذا كنا مرة أخرى نصطدم بعوز مصدري ووثائقي يثبت أن قاطنة المغارات بمنطقة الغويرات، هم سكان منطقة أوطاط الحاج الأولين. وأنهم حافظوا على استقرارهم بتشييدهم لحصون وقائية، ضد آلة التدمير البشري التي ظلت وبالاً تاريخياً مسلطاً على المنطقة. فإن ما أكده صاحب العبر، هو أن لعنة التدمير حاقت بالمنطقة بقوة زمن بني مرين، إذ تحدث عن غزو ثأري ماحق قادم من الشرق([16]) . فهل توقف هذا النحس مع بني مرين أم كان قدرها عبر التاريخ وإن اختلفت أساليب وآليات التخريب؟
يبقى السؤال مطروحاً، ما دام أن حالة اللا استقرار هذه هي التي جعلت شارل دي فوكو يصنف منطقة أوطاط الحاج ضمن بلاد السيبة. فتصدى عبد الله العروي للرد عليه، منبها إلى أن تصنيف الرحالة الفرنسي الذي زار المنطقة في ماي 1884 فيه مغالطة واضحة؛ إذ ورد في رده: “يميز دي فوكو بشكل واضح بين بلاد المخزن وبلاد السيبة، ويوافينا في أغلب الأحيان بمسببات هذه السيبة، ويعتبر ما هو مؤقت كمعطى دائم ومستديم، مثلاً ما أورده في موضوع قبائل أوطاط الحاج”([17]).
فالمنطقة إذن لم تكن بلاد سيبة دائمة، بل عابرة ومؤقتة حسب درجة حضور أو تراجع الوجود المخزني بها. ذلك ما نستشفه من خلال تمعننا في ما أورده دي فوكو نفسه في وصفه للمنطقة، وهو يعبرها قادما من جهة لقصابي في اتجاه دبدو: فمن لقصابي ( قصبة الشرفاء/ قصبة المخزن) إلى اوطاط مروراً بميسور، تبدو مختلف نقط الاستقرار البشري في عين الرحالة الفرنسي شارل دي فوكو، الذي مرّ بالمنطقة بين 8 و13 ماي 1884، عبارة عن واحات متناثرة عبر حوض ملوية على أرض حصوية رملية صخرية قاحلة، لا ينقصها سوى النخيل الذي تعوضه الحلفاء، في فضاء فسيح ممتد في اتجاه هضبة الركام. “ميسور تجمع سكني في مجال أخضر عند ملتقى شف شرق وملوية، الحيز الأكبر من هذه الواحة يوجد على الضفة اليمنى لواد شف شرق، الأشجار المثمرة تشكل أجمة كثيفة وارفة الظلال، الأغراس تحيط بعشرات القصور (الدواوير)، إنها غابة زيتون، تنتج زيتاً رائعاً، وتفاح تصدر فواكهه حتى فاس، ورمان وتين، هذه الاشجار الأخاذة تضفي على هذا المكان صبغة أكثر إشعاعاً. تسقى البساتين بقنوات سقي متعددة تسيل من واد شف شرق (…) بنايات ميسور من تراب مدكوك، بسيطة فاقدة الزخرفة والقصبات، اللباس أيضاً ظل بسيطاً”([18]). مع تسجيل تحول على المستوى الأنتربولوجي من نمط في المعيش اليومي لباساً وتقاليد وعادات، يُؤشر على تفسخ نُظم مستوحاة من خليط أمازيغي صحراوي، وبداية تبلور ثقافة محلية تمتح من معين قادم من الشرق على المستوى الذهني، ومستورد من فاس وتازة في شكل أدوات استعمال.
يقول شارل دي فوكو: “بدخولي إلى ميسور أكون قد غادرت بلاد المخزن، فأولاد خاوة الذين سرت على أراضيهم الجزء الكثير من يومي تخضع للسلطان خضوعاً نسبياً تجسده تلك الضريبة الخفيفة التي يجبها قائد لقصابي، وفيما عدا ذلك تعيش القبيلة في حل من أمرها حيث لا يمكن التحرك فوق ترابها بدون زطاط رغم أنها مصنفة ضمن بلاد المخزن. التي ينتهي هنا مجالها مع هيمنة قبيلة أولاد الحاج المسيطرة على مجال ممتد حولته إلى سيبة حتى مشارف دبدو.
تتكون ساكنة ميسور من عنصرين: الشرفاء، والعرب وكل قصر أو دوار يعيش حراً دون ارتباط مع الجوار. ولم تعرف ميسور أي سلطة للسلطان، وإن كان بعض الشرفاء يحجون سنوياً إلى فاس يبادلونه الزيارات والهدايا، فإن ذلك لم يتجاوز حدود المبادرة الشخصية. لقد حدث تحول هام منذ مغادرتي لقصابي الشرفاء يتعلق الأمر باللغة. في حوض زيز عند آيت أُفلا اللغة المتداولة هي الأمازيغية، في القصابي تستعمل العربية والأمازيغية. لكن منذ دخولي إلى قبيلة أولاد خاوة اقتصر الأمر على استعمال اللغة العربية ونفس الأمر بميسور، وعلى طول المساحة الخاضعة لقبيلة أولاد الحاج التي تشكل قبيلة أولاد خاوة فرعاً منها، انفصل عنها سياسياً (في شروط تاريخية معينة) كما حدث لآيت أفلا مع آيت ازدك”.
9 ماي: “اتفقت بالأمس مع ضيفي الشريف ليتكلف بتدبير أمر الزطاط الذي سيرافقني حتى أوطاط أولاد الحاج، حيث سننطلق في رحلتنا على الساعة السادسة صباحاً…
لأوطاط أولاد الحاج نفس مظاهر ميسور: إنها عبارة عن شريط أخضر يطبع بنظرته جزءاً من السهل حيث تتكرر نفس مشاهد الواحات، كما هو الشأن بميسور لا ينقصها سوى شجر النخيل لتكتمل عناصر الحقل الواحي. توقفت على الساعة الخامسة مساء بملاح أوطاط. لم أصادف في طريقي أي شخص، ولا عبرت أي مجرى مائي مهم منذ شف شرق، باستثناء بعض السواقي والعيون، وأنا أسير بمحاذاة نهر ملوية، حيث يظهر خصاص كبير للماء بهذا السهل. وفجأة وجدت نفسي أمام خيام، ومنازل فقيرة وأكواخ موزعة حول قبة، إنها قرية تكور”.
10-11 ماي: “إقامة بأوطاط أولاد الحاج. يرمز هذا الاسم إلى ما يشبه شبه جزيرة فسيحة الأرجاء، تفتن الناظرين بخضرتها الأخاذة، والمعزولة داخل هذا السهل القاحل عند ملتقى ملوية وشق الأرض. كل ما قيل عن مظهر ميسور ينطبق عليها، نفس مستوى الأشجار المثمرة، نفس النشاط، نفس الجو الإشعاعي، لكن أوطاط أكبر من ميسور، فداخل حدائقها وبساتينها الجميلة يوزع ما لا يقل عن 31 من القصور تنتمي لأولاد الحاج وتحتضن داخلها العديد من الزوايا.
يشكل أولاد الحاج قبيلة كبيرة ومستقلة يقال إن أصلهم عربي: لهم في نفس الوقت قصور وخيام، جزء منهم اختار الاستقرار والجزء الآخر عشق النجعة والترحال، يسكنون على ضفتي ملوية وفي السهل الذي يجري بداخله هذا النهر من قصابي الشرفاء حتى قصر أولاد حميد، ويمتد نفوذهم حتى هضبة الركام وجزء من تلال دبدو. تربطهم بقصور الشلوح الموجودة على الجانب الأيسر لنهر ملوية تحالفات أو علاقات يؤطرها عرف الذبيحة. من بين فروع قبيلة أولاد الحاج هناك أولاد خاوة الذين استقلوا عن بقية القبيلة منذ عهد بعيد وانضموا سياسياً لآيت ازدك، ومنذ سنوات أصبحوا تحت سلطة قائد القصابي.
إلى حدود سنة 1882، كان أولاد الحاج في غالبيتهم يعترفون باسم السلطان، وكان لهم قائد منتخب من طرفهم، ويحظى بتزكية السلطان. سافر هذا القائد إلى فاس منذ خمس سنوات، لكنه تأذّى من وشاية ذهب ضحيتها هو وأحد مرافقيه من أعيان القبيلة، كان وراءها أحد أبناء عمومته لدى السلطان الحسن الأول، الذي أدخله السجن وعوضه بالشخص الواشي. كان القائد ينتمي إلى فخدة أولاد عبد الكريم، وفي سنة 1882 تم اغتياله من طرف الطوال. ومنذ ذلك التاريخ لم تعد القبيلة تخضع لسلطة أي قائد ولا تعترف بسلطة سلطان. وكل فخدة تعيش على هواها باستثناء ثلاثة: بني رايس، أهل ارشيدة، أولاد أدمر الذين كانوا تحت سلطة قائدة تازة، والذين كان بإمكانهم التحرك داخل بلاد المخزن، أما البقية الباقية من أولاد الحاج فلا هم تراجعوا عن استقلالهم وعدائهم للمخزن، ولا هو سمح لهم بالتجول دون عقاب فوق المجال الخاضع له خضوعا فعليا”.
12- ماي: واستئناف الرحلة من أوطاط أولاد الحاج في اتجاه دبدو. “اتفقت بالأمس مع الزطاطة الذين سيرافقونني من هنا إلى دبدو، إنهم ثلاثة من أولاد الحاج، من فرقة الحموزيين. سيقبضون أجرة حراستهم لي عند عودتهم من طرف يهودي يدعى يوسف العسري الذي سلمته ثمن الحراسة بحضور الزطاطة الثلاثة، الذين عليهم أن يعودوا برسالة من ابن لليهودي يتابع دراسته بدبدو تؤكد وصولي بسلام.
حضر الحراس لننطلق هذا اليوم على الساعة الرابعة صباحاً، ومع الانطلاقة التحق بنا ثلاثة من اليهود الفقراء. عبرت قافلتنا الصغيرة واد شق الأرض عند قدم الملاح، لتعبر مكانا تغطيه أشجار الزيتون، ثم الحقول، جزء مزروع منها يليه جزء بلا زرع. في الرابعة و25 دقيقة عبرت آخر ساقية تروي هذا المجال الأخضر، وها أنا ذا مرة أخرى فوق أرض قاحلة. إنه دائما السهل والأرض المنبسطة والجرداء، ذات التربة الرملية المكسوة أحياناً بالحصى، حيث يندر النبات وقلما نجد الزعتر أو العُناب. وهذا مشهد ألفناه منذ مغادرتنا للقصابي عبر ميسور، المتغير الوحيد هو أن هذا المعبر السهلي بدا ضيقاً شيئاً ما. على يساري هذه المرة أرمق مشهدا أخضر يتعلق الأمر بالعرجان، الأشجار التي أميزها تحيط بمجموعة من القصور المنتمية لأولاد الحاج. على الساعة السادسة صباحاً ودعت واد ملوية نهائياً لتستمر الرحلة في الحوض المتوحد، القاحل، الرملي، على أرض بدت شيئا ما لينة تكسوها بعض الأعشاب. أشاهد طيور القطا وهي تحلق في السماء، منظر أعاينه لأول مرة منذ أن بدأت رحلتي بالمغرب. على الساعة الثامنة صباحا أمر غير بعيد عن تساف، ستار أخضر من الأشجار يضفي انتعاشة خاصة، ويخفي تحت عتمته عدة قصور. بعد مسافة قصيرة ها أنا ذا أجوب فيافي بداية الركام بكل ما تحمله تفاصيله من تدرج في الارتفاع، يواكبه تبدل في نوع التربة بين الرملية والحصوية والكثيرة الأحجار والصخور الصفراء البارزة، مع سيادة نوع نباتي وحيد يتعلق الأمر بالحلفاء…”)[19](.
إذا كان شارل دي فوكو في رحلته الاستكشافية ذات البعد الاستخباراتي قد مهد بشكل أو بآخر للاحتلال العسكري للمنطقة، التي اعتبرها سيبة تحتاج إلى الضبط والأحكام والتنظيم، فإن جون لوي مييج بدوره لم يترك الفرصة تمر دون التذكير بدور الغزو الفرنسي في وقف عمليات السلب والنهب التي عانى منها مربو الماشية بالنجود العليا، وإن كان قد أقر بأثر هذا الاحتلال على تجارة القوافل. فتكامل فعل العنصر البشري مع معطى طبيعي شديد القساوة يجسده الجفاف، مما دفع الرعاة الرحل بالمنطقة إلى الهجرة بشكل نهائي أو اللجوء إلى حياة الاستقرار([20]). فكيف جاء الاحتلال العسكري لهذه المنطقة المعروفة محلياً بالضهرة؟ يجيبنا محمد بن الحسن الحجوي في مؤلفه المعروف بـانتحار المغرب الأقصى بيد ثواره: “وفي أوائل شهر حجة الحرام عام 1322ھ ] 1904م [ ورد الخبر بتقدم الجنود الفرنسوية في الظهراء للبلاد التي تركها أبو عمامة وراءه واحتلالها مركزا يقال له الحاسي الأحمر وشروعها في البناء هناك، وبجبل تندرارة وأنهم أخذوا 30 إبل لبنى كيل الذين تعرضوا لهم وقصدهم إدخال الظهراء في النفوذ الجزائري”([21]).
يخبرنا الضابط فوانو أن فرنسا ركزت لاحتلال منطقة أوطاط الحاج، في إطار مخطط شامل بعيد الأهداف، وحداتها الضرورية بمنطقة الفريطيسة للتصدي للضربات الموجعة التي كانت تتلقاها من بني وراين الشرقية الذين كانوا متمركزين بين ملوية ودبدو.
انطلقت العمليات إذن منذ مارس 1912 تحت قيادة الجنرال أليكس، هذا في الوقت الذي كان فيه الجنرال كيراردو مرابطاً بالفريطيسة وتحت إمرته 9000 مقاتل. وقد كلفتهم هذه العمليات عبر نهر ملوية ما لا يقل عن 40 قتيل و90 جريح([22]). وهي الواجهة الأولى ضمن جبهات القتال الثلاث لاحتلال أوطاط الحاج.
أما الواجهة الثانية من دبدو عبر تساف في اتجاه أوطاط الحاج، فلم يحرك معها سكان أوطاط ساكنا، وتمت في 5 يونيو 1917؛ حيث خصص لهم السكان “استقبالاً رائعاً”، على حد تعبير فوانو دائماً، وظل الهدوء مخيماً على المنطقة)[23](. لكن ذلك لم يكن اعتباطياً بل جرى التمهيد له مبكراً، من خلال سياسة القواد المحليين، أو ما يعرف باستمالة الزعامات المحلية، يفهم ذلك مما ورد في تقرير شهري شامل عن نظام الحماية جاء فيه “وبعيداً في الجنوب كانت علاقتنا مع محمد بن عبيد من أكثر العلاقات متانة، وبدا وفاء هذه الشخصية مضموناً لصالحنا، لكن أولاد الحاج أنفسهم انقسموا إلى صفين: أحدهم فرنسي والآخر مناهض لفرنسا. أما الصف الفرنسي فقد كون بعض المؤيدين الجدد”([24]).
حاول الفريق المتنقل بناء مركز له بتساف دون إثارة أي رد فعل، لكن عندما برح هذا المكان في اتجاه المريجة عبر ملوية، كانت له قبائل بني وراين بالمرصاد مرة أخرى، فكلفته أزيد من عشرة قتلى و14 جريح في بويعقوبات. لكن فوانو يؤكد أنه بعد عودة هذا الفريق من المريجة إلى أوطاط الحاج يوم 23 يونيو 1917 حقق الجيش الفرنسي ما كان يطمح إليه، أي الاحتلال النهائي، الذي أتاح إمكانية انطلاق الأعمال التنظيمية في منتهى الأمان.
في أوطاط الحاج إذن اجتمعت مختلف الوحدات العسكرية لمنطقة ملوية الوسطى يوم 10 يوليوز، حيث جرى الاستعداد للالتقاء بالوحدات القادمة من بوذنيب، هذا اللقاء الذي تم بميسور يوم 11/07/1917 دون أدنى مواجهة)[25](. ويعترف فوانو أنه إذا كان السهل قد خضع بسهولة فإن الجبل كان مبعث خطر دائم، فمرموشة من جهة وبني وراين من جهة أخرى ظلتا طيلة عقد من الزمن تقض مضجع الفرنسيين في إطار تحركهما فيما عرف ببقعة تازة.
شكلت المقاومة المسلحة عبر الجبال الممتدة من بولمان عبر مرموشة وأولاد علي حتى بركين شرقاً خطراً حقيقياً كلف جوش الاحتلال ثمنا غالياً)[26]( . ذلك ما سنعرفه من خلال انتهائنا إلى الواجهة الثالثة والأخيرة لإخضاع المنطقة:
شكلت الاتحادات القبلية المتمركزة بالجبال الممتدة من بولمان إلى بركين مصدر قلق حقيقي للفرنسيين، أذاقهم الأمرين تحت قيادة مجاهدين على رأسهم سيدي رحو ببولمان والسي محاند بلقاسم ازروال “الخصم الشرس للفرنسيين” بمرموشة وأولاد علي وغيرهم كثير.
رغم اعتماد قوات الاحتلال على عناصرها الأكثر قوة والأشد فتكاً من كوم وسنغاليين، وأسلحة متطورة، ورغم دعمها من طرف فيلق انطلق من أوطاط الحاج ودخل تسوانت دون أدنى مقاومة يوم 9 أكتوبر 1925 ثم إزلفان بعد ذلك، فإن كل ذلك لم ينل من صمود المقاومة المحلية، حيث عاد فيلق الدعم خائباً واستمرت القبائل المجاهدة المتحصنة بالجبال في تصديها للاحتلال العسكري الفرنسي للمنطقة حتى شهر فبراير 1927([27]).
بعد أن وضعت الحرب أوزارها، واستتب أمر منطقة أوطاط الحاج للمستعمر الفرنسي وخضعت له، شرع هذا الأخير في تنظيمها وتأهيلها، حتى يتسنى له الاستغلال الجيد والأمثل، والتصريف الأسهل لخيراتها في اتجاه المتروبول. ذلك ما أكدته العديد من الدراسات والتقارير التي أنجزت في هذا الشأن، خاصة من طرف ضباط عسكريين، كما هو الشأن بالنسبة لمناطق أخرى من المغرب.
على سبيل الاستنتاج
- تحتاج كتابة التاريخ المحلي إلى مهارة خاصة في تعامل المؤرخ مع شواهده وشهوده، مرتبطة بصنعته كما دققها مارك بلوك في دفاعه عن التاريخ.
- تعتبر كتابة التاريخ المحلي عملاً مجهرياً مخبرياً، بل وربما استخبارياً احياناً، لصيد الوثائق وقنص المعلومات.
- مثلما يُفترض في من يتصدى لكتابة التاريخ المحلي ألا ينفر من ما تقترحه الذاكرة الجماعية المحلية من معطيات، عليه أن لا يستكين ليقينياتها، بل حسن الإصغاء إليها، بل ربما صياغة فرضيات ومنطلقات بحثه من ثوابتها، قبل العودة لنقدها وعزل الغث عن السمين منها.
- لا تستقيم كتابة التاريخ المحلي بمنطق اخباري وضعاني، بل لا بد من توسيع مفهوم الوثيقة ليشمل كل ما له علاقة بالإنسان. وضرورة استحضار الحذر المنهجي المطلوب في التعامل مع الوثائق، وعدم مجاراتها في طروحاتها، بل إخضاعها للنقد والتمحيص، سواء كانت محلية أو منسوخة من الأرشيفات الأجنبية، من أجل بناء تاريخ علمي رصين. مع التأكيد على الانفتاح المثمر على مختلف فروع العلم والمعرفة، وليس فقط على العلوم الاجتماعية والانسانية.
الهوامش
1-محمد المختار السوسي، سوس العالمة، مطبعة فضالة، المحمدية، 1960، ص أ.
2- المرجع نفسهن ص أ. ب. Amina Aouchar, Colonisation et transformation d’une société, l’Outat, Haute Moulouya, Thèse de doctorat d’Etat, Histoire, Bordeaux 3, 1985 .
4- عبد الرحمان بن خلدون ، ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، دار الفكر، بيروت، 2000، الجزء السادس، ص 247.
5- ابن خلدون، مصدر سابق، ص 178.
6- أبو القاسم الزياني، الترجمانة الكبرى في أخبار المعمور برا وبحرا، طبعة 1991، ص.67.
7- ابن خلدون، مصدر سابق، ص 89.
8- محمد آيت قدور، جريدة الأحداث المغربية، 27 أكتوبر 2003، ص 8.
9- على أن أسماء بعض المناطق ارتبطت بغزو عسكري وليس اثني بالضرورة ( ميسور، لقصابي مثلا) لذلك تبقى الاستعانة بالطوبونيميا ضرورة منهجية وليس اختياراً ذاتياً بالنسبة للباحث في هذا الباب.
10 – أبو العباس أحمد بن خالد الناصري، الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، دار الكتاب، الدار البيضاء، 1956. ج.9، ص 203.
11- عبد الرحمان بن زيدان، إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس، الطبعة الثانية، 1990، ج.2، ص 269.
12- للمزيد من التفاصيل انظر: محمد أزهار، “مادة أوطاط الحاج” معلمة المغرب، نشر مطابع سلا، 1991، العدد 3، ص 899-900.
13- Jean Brignon et al. , Histoire du Maroc, Hatier, 1967, pp.6-13.
14- ابن خلدون، م. س. ص 178.
. – فهل يكون لهذا الزعيم الحربي علاقة بمدينة ميسور وتشييدها؟ قد نبالغ إذا قلنا إنه كان وراء بنائها، على اعتبار أنه مر منها، إذ هو مجرد مرور قائد محارب، لكن لا نستبعد أن يكون هذا الزعيم قد ضرب مخيماً عسكرياً بها أثناء مطاردته لابن أبي العافية، فكان نواة تجمع سكاني حمل فيما بعد اسم هذا القائد الذي ترسخ بقوته الرمزية في الذاكرة الجماعية لهذه الساكنة.
15- نفسه، ص.247.
16- نفسه، الجزء السابع، ص 413.
17- عبد الله العروي، الأصول الاجتماعية والثقافية للوطنية المغربية، 1830– 1912، تعريب محمد حاتمي ومحمد حادور، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2015، ص 224.
18-De Foucauld (CH), Reconnaissance au Maroc, Paris, 1939, pp.399-417
19- De Foucauld, op. cit., pp. 99-417.
20- J.L Miège : Le Maroc, Que sais- je ? P.U.F.1950. P.67.
21- محمد الحجوي، انتحار المغرب الأقصى بيد ثواره، مخطوط بالخزانة العامة بالرباط تحت رقم ح 123، ص 48.
22- L. Voinot , Sur les traces glorieuses des pacificateurs du Maroc, pp.114-118.
23- Ibid.
24- تقرير شهري شامل عن نظام الحماية، الوضعية السياسية للمغرب الغربي والشرقي، يناير 1913. محفوظ بالمكتبة الوطنية بالرباط.
25- L. Voinot, op. cit., pp.114-118.
26- Ibid.
27- L.Voinot, op., cit,pp.211-233.